قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن الخريطة السياسية فى تركيا تشهد تحولا بما يمكن أن يهدد قبضة رجب طيب أردوغان على السلطة فى البلاد.
وفى مقال كتبته أسلى أيدينتسباس، الزميلة البارزة بمجلس العلاقات الخارجية الأوروبية وبمركز ميركاتور فى اسطنبول، تحدثت عن إعلان أحمد داود أوغلو، حليف أردوغان السابق والذى عمل وزيرا للخارجية من قبل عن تشكيله حزب سياسى جديد، وقالت إن داود اوغلو يمثل شخصية ذات ثقل داخل دوائر المحافظين وتحديه لأردوغان مهم فى ميل الكفة لصالح قوى المعارضة التى تطالب بإنهاء كابوس الاستبداد فى تركيا.
ورأت الكاتبة والخبيرة التركية إن هذا وحده يمثل تغييرا فى حسابات الانتخابات فى تركيا. فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، كان بإمكان حزب العدالة التنمية الفوز فى الانتخابات بنسبة 51% أو أكثر بشكل طفيف فى تحالفات مع الأحزاب اليمينية. لكنه اليوم حتى مع دعم شريكه فى الائتلاف، الحزب القومى المتشدد، فإنه سيحصل على أقل من 51% . وقد خسر حزب أردوغان بالفعل فى كل مدن تركيا الكبرى فى الانتخابات البلدية التى أجريت فى الصيف الماضى، ومع حزب المستقبل الذى شكله داود أوغلو، وحزب جديد آخر سيلعن عنه قريبا وزير المالية السابق على باباجان، يصعب تصور أن يظل أردوغان رئيسا مدى الحياة.
وهناك سوابق تاريخية، بحسب ما تشير أيدينتسباس. ففى عام 1908، أطاح تحالف واسع من الشباب الأتراك بالسلطان عبد الحميد الثانى، الرجل الذى يشبهه أردوغان. وفى عام 1950، فاز الحزب الديمقراطى بفارق كبير كرد فعل للحكم الاستبدادى لعصمت إينونو. وانتقم الناخبون لإعدام رئيس الوزراء عدنان ميندريس بعد انقلاب عسكرى بانتخاب حزب العدالة فى انتخابات 1965. والقائمة مستمرة. فالأتراك يمكن أن يتسامحوا مع اليد القوية للدولة فى الأوقات الصعبة، لكنهم يتحركون عندما يتجاوز المستبدون.
لكن ليس معروفا متى سيحدث التصحيح الديمقراطى المقبل، فالانتخابات القادمة مقررة فى 2023، وإن كان أغلب السياسيين يتنبئون بأن الأمر لن يستغرق كل هذا الوقت.
وخلال الشهر المقبل سيبدأ وزير باباجان حزبه السياسى الذى سيكون أكثر ليبرالية كما هو مرجح. وفى محادثات أجرتها الكاتبة مع الأعضاء البارزين فى حزبى داود اوغلو وباباجان خلال الأشهر القليلة الماضية، لاحظت مخاوفهم بشأن تعزيز السلطة فى يد أردوغان فى ظل النظام الرئاسى الحالى، وتراجع دور المؤسسات الديمقراطية الوضع المحزن للقضاء وسوء إدارة الاقتصاد. وقال أحد الحلفاء السابقين لأردوغان "يمكننى أن أجلس وأكتب الكتب أو الأقى الخطابات وأجنى المال، لكن البلاد تغرق أمام أعيينا كل يوم، ولا يمكننا الانتظار أطول من هذا".
وتذهب الكاتبة إلى القول بأنه على الرغم من أن بعض العوامل الخارجية قد تسمح لأردوغان بالبقاء مثل فرض عقوبات أمريكية تعزز الشعور القومى أو أن يؤدى إعادة انتخاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى بسط العلاقة الإستراتيجية، ومن ثم تسهل على أردوغان القدرة على إدارة الاقتصاد والتوترات الداخلية، إلا أنها ستكون مؤقتة، فالعديد من الأتراك يريدون استعادة ديمقراطيتهم، وأعدادهم تتزايد. فحزب العدالة والتنمية التى حكم على مدار الـ 17 عاما الماضية فقد لمسته، وإن آجلا أو عاجلا، سيظهر شخص آخر.