يبدو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لم يستطيع الانفصال عن شغفه برياضة المصارعة الحرة، والتى طالما صعد على حلباتها قبل أن يخوض معاركه الجديدة على حلبة السياسة، كرئيس للولايات المتحدة، منذ يناير 2017، وهو ما بدا واضحا فى حرصه على حضور بعض المباريات، فى إطار "الشو" الدعائى، والذى يهدف فى الأساس إلى استقطاب قطاع كبير من الأمريكيين الذين يعشقون هذا النوع من الرياضات العنيفة.
إلا أن استخدام ترامب لرياضته المفضلة لم يقتصر بأى حال من الأحوال على الدعاية الانتخابية أو الشو الإعلامى، وإنما امتدت إلى التكتيك الذى يستخدمه فى التعامل مع خصومه، سواء فى الداخل الأمريكى أو فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، حيث أن المتابع للسياسات التى يتبناها البيت الأبيض، منذ بداية حقبة ترامب، يجد أنها ترتبط فى الأساس بمصالح مرحلية قصيرة، ربما يتبعها تغيير كبير إلى النقيض بمجرد انقضائها.
ولعل التباين فى النهج الأمريكى على سبيل المثال فى التعامل مع كوريا الشمالية، خلال عهد ترامب، يقدم دليلا دامغا على الكيفية التى يتعامل بها الرئيس ترامب مع خصومه، حيث بدأ حقبته بالهجوم على زعيم بيونج يانج، إلى حد التهديد المتبادل باستخدام الأسلحة النووية، بينما اتجه بعد ذلك إلى لقائه، فى قمة تاريخية بسنغافورة تلاها لقاء أخر فى فيتنام، ليتوج تلك اللقاءات فى نهاية المطاف بدخول الأراضى الكورية الشمالية بصحبة كيم جونج أون، ليفتح الباب أمام فصل جديد فى العلاقات بين الخصمين التاريخيين.
وأهم ما يميز نهج الرئيس ترامب فى التعامل مع خصومه، هو أنه دائما ما يستخدم لغة هجومية قاسية، تجاه الخصوم، بينما يستغل كل إمكاناته للضغط عليهم، من أجل إنهاكهم، والحصول على أكبر قدر من المكاسب خلال المعركة التى يخوضها، وهو ما يبدو فى حرصه على استخدام عصا العقوبات لتحقيق هدفه مباشرة، على غرار ما فعله مع تركيا إبان اعتقال القس الأمريكى أندرو برونسون، بينما لوحت بها ثانية إبان العدوان التركى على سوريا، وهو ما أتى بثماره فى النهاية، فى رضوخ الديكتاتور العثمانى المزعوم رجب طيب أردوغان للمطالب الأمريكية.
ترامب يبدو شغوفا بالمعارك حتى فى الداخل الأمريكى، وهو ما يبدو فى صراعه الحالى مع الديمقراطيين، حيث أنه يأبى تقديم تنازلات لخصومه السياسيين، مقابل التخفيف من حملاتهم، فى الوقت الذى يحقق فيه نجاحات كبيرة فى الرد على حملاتهم، وتشويه صورتهم، إلى الحد الذى تمكن فيه من إثارة الانقسام داخل صفوف الحزب، وهو ما بدا واضحا فى قرار أحد النواب الديمقراطيين بالانشقاق عن الحزب والانضمام إلى الجمهوريين.
الرئيس الأمريكى يبدو شغوفا باستعراض عضلاته السياسية على غرار أبطال المصارعة، فى مواجهة الجميع، سواء كانوا دولا أو أحزاب أو حتى منابر إعلامية، بينما يسعى دائما للانتصار ولا شيء غير ذلك، وهو ما تمكن من تحقيقه فى بعض معاركه، فى الوقت الذى يواصل فيه جهوده لتحقيق انتصارات جديدة، على الجبهات الأخرى، وعلى رأسها المعركة مع الديمقراطيين فى الداخل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة