مسيرة تمضى وتجنى الثمار يوما بعد الآخر، وعاما تلو العام، تزداد معها مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة بين الأمم قوة ورسوخا، وهذا يرجع لعدة أسباب أهمها على الإطلاق طموحات أبناء زايد، وإصرارهم على تحقيق هذه الطموحات، ومع هذه الطموحات وعلى خلفية الجهود لتحقيقها، حلقت الإمارات فى فضاءات من العلم والتكنولوجيا بدءا من استحداث وزارة للذكاء الاصطناعى مرورا باجتياز عالم الفضاء ووصولا لاستضافة الحدث الأهم فى العالم «إكسبو 2020» الذى ينظم لأول مرة فى العالم العربى. بمناسبة العيد الوطنى للإمارات التقت «اليوم السابع» سفير الإمارات بالقاهرة السفير جمعة مبارك، وكان لنا معه الحوار التالى:
يحتفل الشعب الإماراتى ومعه الشعوب العربية بالعيد الوطنى الإماراتى.. فما دلالة هذا اليوم بالنسبة للإماراتيين؟
نحتفل بذكرى عزيزة على قلب كل إماراتى، وهى الذكرى الثامنة والأربعين لتأسيس الإمارات العربية المتحدة، فقد أشرق فجر الاتحاد فى مثل هذا اليوم من عام 1971 وبدأت خطوات رحلة دولتنا الواثقة والمظفرة نحو التقدم والتنمية، لتحقيق طموحها الريادى فى كافة المجالات، تجسيداً «لرؤية الإمارات 2021» التى تهدف إلى جعل دولة الإمارات الغالية من أفضل دول العالم فى الذكرى الخمسين لإنشائها.
إن دولة الإمارات، بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وأخيه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبى، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبوظبى، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، تمضى بعزيمة لا تلين فى مسيرتها الرائدة، وهى بذلك تعول على سواعد أبنائها وشبابها لمواصلة تحقيق الإنجازات العظيمة للوطن والمواطن.
بعد مرور 48 عاماً على اتحاد الإمارات السبع.. كيف تقيمون هذه المسيرة وما حققته من منجزات على مختلف المستويات؟
التقدم والتطور والازدهار الذى نعيشه اليوم فى دولة الإمارات تواكبه سياسة خارجية متوازنة قائمة على نهج الاعتدال وقيم الحق والخير والعطاء الإنسانى والتسامح، فالإمارات العربية المتحدة أضحت أيقونة العطاء الإنسانى على مستوى العالم، واستطاعت الدبلوماسية الإماراتية بفضل رؤية القيادة الرشيدة بناء جسور من علاقات الأخوة والصداقة مع دول العالم.
ولعل من أبرز هذه الإنجازات إعلان الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان عام 2019 عاماً للتسامح، فى دولة تعيش فى ربوعها أكثر من 200 جنسية مختلفة فى جو من الانفتاح، والاحترام المتبادل والتعايش المبنى على مبدأ التسامح. والشاهد على ذلك، زيارة قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، لدولة الإمارات، وتوقيعه مع شيخ الأزهر وثيقـة الأخــوة الإنســانية،
وجاء هذا العام أيضا ليكرس رؤية الشيخ زايد –رحمه الله- الذى آمن- منذ تأسيس الدولة- بأن نهضة المجتمع تتحقق بتمكين المرأة وتفعيل مشاركتها وإفساح المجال لها لتشارك الرجل فى بناء هذا الوطن، وعليه فقد أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان توجيهاته، هذا العام، برفع نسبة تمثيل المرأة فى المجلس الوطنى الاتحادى إلى 50 فى المائة، بوصفها صاحبة معارف ومهارات وخبرات وطنية واجتماعية وإنسانية يُعتدّ بها.
وكان من أبرز إنجازات هذا العام ما حققته الدبلوماسية الإماراتية من تقدم لافت خلال السنوات الماضية على صعيد قوة جواز السفر الإماراتى، الذى استمر فى تعزيز صدارته فى المركز الأول حسب مؤشر «باسبورت أندكس»، وحصد المزيد من الإعفاءات من التأشيرة ليرتفع رصيده إلى 177 دولة تسمح لمواطنى الإمارات العربية المتحدة بدخول أراضيها بدون تأشيرة.
طموح أولاد زايد لا ينتهى، وقد تجلى ذلك باهتمامهم بالعلوم والتكنولوجيا الحديثة بدءا من إنشاء وزارة للذكاء الاصطناعى مرورا باجتياز الفضاء ووصولا لاستضافة الحدث الأهم فى العالم «إكسبو 2020».. كيف استطعتم تحقيق ذلك فى وقت قصير؟
على صعيد اهتمام الدولة بالتكنولوجيا المتقدمة، فقد أولت الإمارات العربية المتحدة اهتماماً خاصاً بتطوير ودعم التقنيات الحديثة ولم تألُ دولة الإمارات جهدا فى تمكين الشباب، ولا أدل على ذلك مما شهدناه من دعم ومؤازرة من قيادات الدولة لهزاع المنصورى أول رائد فضاء عربى يزور وكالة الفضاء الدولية، الذى أصبح مصدر إلهام للكثيرين من الشباب الإماراتى فى مجال التكنولوجيا.
ولابد هنا من الإشارة إلى أن دولة الإمارات تبوأت مراكز متقدمة حول العالم فى مؤشر الشعور بالأمن والاستقرار، ما أَهّلها لكى تصبح مركز جذب مهم لكل المبدعين وأصحاب المواهب، الساعين إلى البحث عن بيئة تدعم تميزهم الثقافى والإنسانى، وتقدر عطاءهم الفكرى.
وهذا ما أهل الإمارات للفوز باستضافة المعرض الدولى إكسبو 2020 دبى، الحدث الأول فى العالم لعرض الإنجازات البشرية فى مجالات عدة، بمشاركة أكثر من 200 دولة وشركة ومنظمة ومؤسسة تعليمية، ويؤكد هذا الحدث العالمى قدرة دولتنا على جمع العالم فى بقعة واحدة، ويكرس ما حققته الدبلوماسية الإماراتية فى تعزيز العلاقات الثنائية مع معظم بلدان العالم.
كيف ترون تطورات العلاقات المصرية الإمارتية فى ظل الأحداث الجسيمة التى تواجه المنطقة العربية؟
شكلت العلاقات الإماراتية المصرية نموذجاً مميزاً للعلاقات العربية الاستراتيجية المستندة إلى تاريخ طويل من العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الشعبين الشقيقين، التى رسخها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وأكمل هذه المسيرة الشيخ خليفة بن زايد أل نهيان رئيس الدولة، حيث إن دولة الإمارات ترى مصر صمام أمان للأمة العربية، فمصر القوية هى الدعامة الرئيسية لقوة الأمة وشعوبها، لذا يعمل البلدان ضمن مفهوم الشراكة الاستراتيجية الراسخة، إيماناً منهما بأن تكامل الجهود وتضافرها هو السبيل للخروج بالمنطقة العربية من أزماتها، حيث إن لديهما تعاونا ونظرة مشتركة حيال التحديات التى تواجه المنطقة والعديد من القضايا الدولية، بالإضافة إلى توجههما الثابت لمحاربة الإرهاب والفكر المتطرف وتعتبر علاقاتهما القوية عاملا معززا لاستقرار المنطقة وتقدمها.
ولعل من أكبر المؤشرات والشواهد على قوة هذه العلاقة هو التواصل والتشاور المستمر بين القيادات الرشيدة فى البلدين، والزيارات واللقاءات المتبادلة، فقد قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة دولة الإمارات عدة مرات وكان آخرها فى شهر نوفمبر الماضى، حيث أعُلن خلال الزيارة عن تأسيس منصة استثمارية استراتيجية مشتركة قيمتها 20 مليار دولار للاستثمار المشترك، هذا فضلاً عن زيارات حكام الإمارات ووزرائها المستمرة لمصر.
وماذا عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين؟
ترتبط دولة الإمارات بعلاقات اقتصادية وتجارية واستثمارية متميزة مع جمهورية مصر العربية، فقد شهدت السنوات الأخيرة تطوراً متناميًا فى زيادة حجم الاستثمارات الإماراتية بمصر التى بلغت قرابة 6.6 مليار دولار فى نهاية 2018، مما جعل دولة الإمارات الشريك الاستثمارى الأول، من حيث رأس المال لجمهورية مصر العربية، كما تعد مصر الشريك التجارى الأول لدولة الإمارات على مستوى القارة الأفريقية، حيث بلغ ما يقارب 5.5 مليار دولار فى عام 2018. كما وصل عدد الشركات الإماراتية العاملة فى مصر إلى ما يزيد عن 1100 شركة، وهناك حاليا 142 رحلة جوية مباشرة أسبوعيا بين البلدين.
وقد توجت العلاقات الثنائية بالتوقيع على ما يزيد عن 50 اتفاقية ثنائية تشمل التعاون فى مختلف المجالات كالاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها خلال الفترة ما بين 1988 - 2019، منها اتفاق التعاون فى مجال تطوير العمل الحكومى التى كان نتاجها وجود مشروع مشترك لنقل تجربة دولة الإمارات فى تطوير العمل المؤسسى الحكومى للجانب المصرى، حيث تم الإعلان عن إطلاق جائزة التميز الحكومى لجمهورية مصر فى يوليو 2018 وتفعيلا للشراكة الاستراتيجية بين الطرفين بهدف بناء نموذج إدارى عربى مميز.
ماذا تقول لكل من الإمارات ومصر فى هذه المناسبة الغالية على قلوب الشعبين الإماراتى والمصرى؟
لا يسعنى إلا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير للوزراء، والمحافظين، والنواب، وممثلى شيخ الأزهر الشريف والكنيسة المصرية و السفراء وممثلى الجهات الحكومية وغير الحكومية المصرية والإعلاميين والمفكرين على حرصهم مشاركتنا فى هذا الاحتفال، كما أتقدم بالشكر للشركات الإماراتية الرعاة لهذا الحفل، وأخيرًا أوجه الشكر لكل الشعب المصرى العظيم على حبهم للإمارات.
ولا يسعنا فى هذه المناسبة إلا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على ما أنعم به علينا من قيادة رشيدة لا تدخر جهداً فى سبيل رفعة الوطن وتحقيق رفاهية وسعادة المواطن والمقيم. وكل عام والإمارات العربية المتحدة فى تقدم وازدهار دائمين.