قال أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن المنطقة العربية تعيش وضعًا صعبًا فى ظل المتغيرات العالمية يتطلّب من دولها العمل على استعادة أمنها الجماعى والاتفاق على أولوياتها فى هذا المجال، لافتًا إلى أن هنالك مصادر أساسية للخطر الذى يهدد الأمن القومى العربى وهي: السياسات ومحاولات الهيمنة والأطماع الإيرانية والتركية والإسرائيلية، داعيًا العرب إلى أن يكونوا أكثر جرأة فى التفكير بحلول نوعية تحفظ أمنهم القومي.
جاء ذلك فى محاضرة مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بعنوان “العالم العربى فى ظل المتغيرات الإقليمية والعالمية” بمقره فى أبوظبى، وقال أبو الغيط أن إدراك المتغيرات وقراءتها بشكل سليم وعلمى هو الأساس الذى يجب أن تستند إليه الدول العربية فى سعيها إلى تحقيق مصالحها على الصعيدين الجمعى والفردى، الأمر الذى يتطلّب منها رصدًا دقيقًا لما يدور على الساحة العالمية، وما يطرأ عليها من متغيرات، ومن ثمّ مناقشتها بشكل معمّق للخروج بتصورات وسيناريوهات مستقبلية مع الحرص على عدم الجزم والاعتماد على تصور محدد والاستعداد الدائم للتعامل مع المتغيرات التى قد تكون غير متوقعة فى كثير من الأحيان.
بث مباشر | محاضرة رقم 725 بعنوان: (#العالم_العربي فى ظل المتغيرات الإقليمية والعالمية) يلقيها: معالى أحمد أبو الغيط •• #ECSSR_Lecture https://t.co/qxQjbRtme5
— ECSSR (@TheECSSR) December 25, 2019
وأضاف أن الصعوبة الشديدة التى تكتنف عملية التنبؤ بالتوجهات المستقبلية العالمية تعود إلى كثرة المتغيرات التى تؤثر فيها؛ الأمر الذى جعل ساحة المجهول منها أوسع كثيرًا من ساحة المعلوم، وكذلك الغموض الذى يشوب تركيبة النظام الدولى حاليًا بشأن إذا ما كان نظامًا متعدد الأقطاب أو وضعًا تسوده فوضى العلاقات والتحالفات وانعدام الثقة.
ولفت النظر إلى أن التغيرات المتسارعة فى المشهد الدولى تزيد من صعوبة التنبؤ بالمستقبل، ممثلًا على ذلك بانتهاء ما سماه (لحظة الأحادية الأمريكية) التى تتمثل فى التراجع الكبير فى هيمنة الولايات المتحدة على العالم نتيجة التغيرات العميقة التى تحدث على صعيدها الداخلى، والتى تدفعها إلى التخلى عن زعامة العالم، وبزوغ قوى صاعدة مثل الصين التى تمتلك مقومات هائلة تؤهلها لمنافسة الولايات المتحدة، بل والتفوق عليها فى الكثير من المجالات على الصعيدين الاقتصادى والتكنولوجى فى المستقبل القريب.
واشاد أبو الغيط بنهج الإمارات فى التعامل مع التحديات وتجاوز التفكير التقليدى، كما أشاد، بنهج دولة الإمارات العربية المتحدة فى السعى إلى امتلاك ناصية العلوم والتكنولوجيا، وتجاوزها التفكير التقليدى فى التعامل مع التحديات، مؤكّدًا أنها تشكّل مثالًا متميّزًا ونموذجًا يحتذى به فى التفكير خارج الصندوق والجرأة فى تبنى الطموحات المستقبلية.
وأشاد بجهود الأستاذ الدكتور جمال سند السويدى، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وبدور المركز الذى قال إنه يؤدى رسالة بالغة الأهمية ويقدّم خدمات جليلة ليس على مستوى دولة الإمارات فحسب بل على المستوى العربى، باعتباره واحدًا من أهم بيوت الفكر العربية التى نجحت فى فرض حضورها وصناعة اسم معتبر لها فى مجال الدراسات الاستراتيجية، وأسهمت فى سدّ حاجة العالم العربى منها وخصوصًا فيما يتعلّق باستشراف المستقبل ودراسة التطورات العالمية ودورها الضاغط والمؤثر فى إحداث التغيرات فيه.
واستعرض معالى أبو الغيط التطورات الجارية فى العلاقات الدولية وفى النظام الدولى كله، حيث يمر العالم بمرحلة تغيير عميق تحركها تحولات كبرى على صعيد الاقتصاد والتكنولوجيا والديموجرافيا، وغير ذلك من العوامل.
وفى الوقت الذى تتزايد فيه الشبكات العالمية تعقيدًا، وتتصاعد المخاطر والتهديدات، يتعرض النظام العالمى الذى ظهر عقب الحرب العالمية الثانية لتآكل ملحوظ، وتعانى مؤسساته ظاهرتَى التراجع وانعدام الفاعلية والمصداقية؛ وتعكس هذه التغيرات تحولات أعمق فى موازين القوى العالمية، وتصاعدًا ملحوظًا فى حدة المنافسة بين القوى الكبرى.
وتطرق أبو الغيط إلى أهم المتغيرات التى تتسبب بتزايد حالة انعدام اليقين على المسرح الدولى، وتدفع التفاعلات العالمية فى اتجاهات يصعب التنبؤ بمآلاتها، وخاصة مع تزايد تأثير عناصر الاضطراب فى البيئة الدولية؛ مثل: الأزمات المالية، والهجرة، والتطورات التكنولوجية، والتغير المناخى، وغيرها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة