- الرئيس الراحل ندم على التعاون معهم
- محمد حسنين هيكل: وجد بعض الإخوان رعاية خاصة من أحد الأصدقاء المقربين للرئيس
- فؤاد علام: عرضت كل التجاوزات التى كانت تحدث من الإخوان أولا فأولا على الرئيس السادات
"اتصلنا بالإخوان قبل قيام الثورة ومن عبد الناصر شخصيا وطلب منهم الاشتراك فى الثورة..وجبنوا رفضوا بقياده الهضيبى ..تواصلنا مع سراج الدين والوفديين وخاف أيضا..ثورة 23 يوليو مثل الثورة الفرنسيه وثورة امريكا ..كامب ديفيد مخرجتش مصر من ساحة الجهاد اسيادهم اللى بيمولوهم هما اللى بيقوللوهم هذا الكلام ولازم يدفعوا تمنه انا طلعت غلطان كان لازم خلتهم فى مكانهم"، كانت هذه أبرز كلمات الرئيس الراحل محمد أنور السادات عن الإخوان، ليكشف فيها معانى الغدر والخيانة التى تسم بها تلك الجماعة، فبعد أن فتح لهم أبواب السجون ليخرجوا منها ويعودوا تدريجيا إلى المشهد السياسى، إلا أن الجماعة التى تعودت على الخيانة تناست هذا وقررت قتله.
بداية التحالف
اللواء حمدى البطران كشف فى مقال له عن تفاصيل كثيرة بشأن هذه العلاقة، حيث قال: فى أول نوفمبر 1970 زار القاهرة كمال آدهم -المسئول عن المخابرات السعودية ومستشار الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية- وكانت له صلات وثيقة بالمخابرات المركزية الأمريكية، وتحدث مع الرئيس السادات عن الوجود السوفيتى فى المنطقة العربية، وصارحه بضرورة إحياء النزعة الإسلامية، وبعدها قام السادات بتكليف الدكتور محمود جامع صديقه بالسفر إلى الخارج ومقابلة قيادات الإخوان المسلمين الهاربين ومنهم يوسف القرضاوى وأحمد العسال وعبد الرؤوف مشهور، وعبد المنعم مشهور وسالم نجم والتحدث معهم، واستطلاع نواياهم وطمأنتهم تمهيدا لعودتهم، وتأكيدا لحسن نواياه بادر السادات بالإفراج عن قيادات الإخوان المسلمين المعتقلين فى السجون، وأعطى التعليمات بعودة الجنسية المصرية لمن سحبت منهم فى عهد عبد الناصر ومنهم والدكتور سالم نجم الذى حصل على جنسية العراق، وإعاده السادات إلى عمله كأستاذ فى طب الأزهر، وفى صيف 1971 نجح الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية فى إقناع الرئيس السادات بلقاء عدد من المصريين من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين لقاء سريا فى استراحة الرئيس بجناكليس، وكان هؤلاء من الذين نجحوا فى الفرار من مصر أثناء القبض على تنظيم 1965.
وتابع اللواء حمدى البطران: سأل الرئيس السادات محمد عثمان إسماعيل مستشاره المقرب والذى عاونه فى الإطاحة بمراكز القوى، وأمين تنظيم الحزب الذى يرأسه السادات، عما يجب عمله ،وأخبره محمد عثمان إسماعيل أنه لا سبيل للخروج من تلك الأزمة سوى عودة تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، ودعوته للعمل السياسى.
كانت هذه بداية عودة الإخوان للمشهد السياسى بعد عشرات السنوات داخل السجون خلال فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث قال محمد حسنين هيكل في كتابه "خريف الغضب"، عن فترة الإخوان والسادات، قائلا:"مضت السنوات، والآن أصبح الإخوان المسلمون شأنهم شأن غيرهم من القوى في مصر، يدركون رغبة نظام السادات في التعاون مع العناصر الدينية، ووجد بعضهم رعاية خاصة من أحد الأصدقاء المقربين للرئيس، وبعد محاولة لاغتيال جمال عبد الناصر قام بها أحد أعضاء الجماعة، واجهت الجماعة أصعب ظروفها، وحكم بالإعدام على بعض قادتها، كما وضع في السجون عدد آخر منهم، وفر من استطاع إلى الخارج".
فؤاد علام أيضا الخبير الأمنى، وأحد أبرز المسؤولين الأمنيين خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى يقول عن تلك الفترة فى كتابه "أنا والإخوان":" أما نجوم الإخوان الذين انتشروا في السبعينيات فقد لعبوا على الجميع، وأوهموا السادات بأنهم حلفاؤه، واتصلوا من وراء ظهره بالجماعات المتطرفة وأمدوهم بالمال والدعم، وتم تكبيل مباحث أمن الدولة عن متابعة نشاطهم، والمفروض أن هذا الجهاز هو قمة العمل الفني في جهات الأمن السياسى، والمسؤول عن اختراق التنظيمات السرية وكشف أبعادها ومخططاتها، وعناصرها القيادية والمحركة، ودور كل واحد فيهم، والمهام المكلف بها".
ويتابع اللواء فؤاد علام :" وكانت كل الطرق تؤدى لسيطرة الإخوان على الجامعات، والأمر الخطير أن مؤسسات الدولة بدأت تدفع الإخوان في هذا الاتجاه، لأنها كانت رغبة الرئيس وتقديم فروض الولاء والطاعة له، وعرضت كل التجاوزات التي كانت تحدث أولاً فأولاً على الرئيس السادات، منها شكاوى الأخوة المسيحيين في أسيوط من تصرفات الجماعات الدينية والإخوان المسلمين، وحذرنا من تنامي بذور الفتنة الطائفية، التي بدأت باعتداءات فردية على الكنائس، ووصلت ذروتها بحوادث الزاوية الحمراء، وبهذا الأسلوب بدأ الإخوان في فتح الأبواب الخلفية للمنصة، وكانت سياسة المهادنة التي انتهجها السادات بمنزلة عودة الروح لمليونيرات الإخوان، الذين فروا للخارج وعاشوا في دول الخليج، ومن أبرزهم سعيد رمضان الذي مول معظم حركات الإرهاب في السبعينيات والثمانينيات، وأسس سعيد رمضان "المركز الإسلامى" فى جنيف بسويسرا، وكانت مهمته تصدير المؤامرات لمصر، وإعادة إحياء نشاط الإخوان".
اتسمت العلاقات الجيدة بين الإخوان والسادات منذ بداية عهده فى عام 1971 وحتى عام 1976 وبدأت بعدها العلاقات تدهور خاصة بعدما بدأت الجماعة تظهر على حقيقاتها، وبدـأت تخرج منها جماعات تحمل السلاح وتتبنى العنف من بينها جماعة شكرى مصطفى التى اغتالت الشيخ الذهبى، ثم الجماعة الإسلامية التى تورطت فى النهاية فى اغتيال الرئيس الراحل.
الكاتب الإماراتى رصد فى مقال له كيف اكتشف السادات خيانة الإخوان، حيث قال: الخطاب الأخير للرئيس الراحل أنور السادات، رحمه الله، والذى ألقاه فى مجلس الشعب المصرى فى 5 سبتمبر عام 1981، وكان اغتياله بعده بشهر ويوم، في العرض العسكري احتفالاً بذكرى انتصار السادس من أكتوبر، حين ارتكبت تلك الجريمة، الجماعة الإسلامية ، ففي هذا الخطاب، خطاب الوداع، أو وصية راحل كبير، لخص السادات، تجربته المريرة مع تنظيم الإخوان ، وكذلك الجماعات الإسلامية، فبعد أن أخرجهم من السجون وفتح لهم الجامعات، وسمح لهم بممارسة جميع أنشطتهم الثقافية والاجتماعية والنقابية، ظناً منه أن إخراجهم من حالة السرية إلى حالة العلانية، وتركهم يعملون من دون تضييق، أو مطاردة، سوف يغيّر من طبيعتهم الملتوية، والتي أدمنت العمل السري، والتآمر، والانقلاب على من أكرمهم، وأدرك السادات، رحمه الله، بخبرته، وتجربته العميقة في العمل السياسي، ومعايشته لهذه الجماعة منذ العهد الملكي - حين بدأت جماعة الإخوان تمارس السياسة بكل أساليبها غير الأخلاقية، أدرك أنها، وكل الجماعات الإسلامية المنبثقة والمشابهة لها فى أيدلوجيتها - تمثل خطراً على هوية الدولة المصرية، وعلى كيانها، ووحدتها الوطنية، لأن هذه الجماعات تُعلي الجماعة فوق الأمة، والتنظيم فوق الدولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة