وسط تزايد القلق العالمى من السلوك العدوانى المارق لنظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان والذى بات يدق طبول حرب جديدة فى المنطقة فى ظل أطماعه المتزايدة فى المنطقة وتحديدا مزاعمه ومساعيه للاستيلاء على حصة غير قانونية من غاز شرق المتوسط، انتبه الكونجرس الأمريكى لخطر اشتعال حرب اخرى تهدد استقرار المنطقة.
ويقود الكونجرس التحرك الامريكى للتصدى لأطماع الديكتاتور التركى من خلال جهود جديدة فى منطقة المتوسط لتعزيز حلفاء الولايات المتحدة مثل اليونان وقبرص وإسرائيل. وبحسب صحيفة ذا هيل المقربة من دوائر صنع القرار، الخميس، فإن الكونجرس مرر مشروع قانون الأسبوع الماضى، كجزء من حزمة انفاق تبلغ قيمتها 1.4 تريليون دولار من شأنها أن تجعل الولايات المتحدة لاعب رئيسى فى سوق الغاز الطبيعى فى المنطقة عبر شراكات للطاقة وأمنية مع دول شرق البحر المتوسط.
وتعزز الإجراءات التى يتخذها الكونجرس من العلاقات العسكرية مع اليونان وتهدف لرفع حظر على بيع الأسلحة لقبرص يعود لعقود قديمة، مما يؤكد على ألتزام الولايات المتحدة نحو البلدان ويمكن الحلفاء من مراقبة طموحات تركيا الإقليمية.
وقال السناتور الجمهورى ماركو روبيو، وهو أحد الرعاة الرئيسيين لمشروع القانون، فى بيان: "برفع حظر الأسلحة الأمريكى عن قبرص وتقديم المساعدة العسكرية الأجنبية اللازمة لليونان، يقدم هذا التشريع مقاربة شاملة لاستقرار الشركاء الإقليميين الرئيسيين".
وقال السناتور الديمقراطى الرفيع بوب مينينديز، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والمؤلف المشارك لمشروع القانون، إن التشريع "يمثل فجر يوم جديد لمشاركة الولايات المتحدة فى شرق البحر الأبيض المتوسط" أدى إلى اكتشاف حقول كبيرة من الغاز الطبيعي خلال، العقد الماضى، فى المياه البحرية المنفصلة لقبرص ومصر وإسرائيل إلى تغيير ديناميات المنطقة إذ أن هذه الاكتشافات تمثل دفعة للتنمية الاقتصادية وزيادة المنافسة فى قطاع الطاقة فى أوروبا التى تعتمد على الغاز الروسى بنسبة 40%.
تأتى تحركات الكونجرس فى مواجهة تركيا بعد التصرفات الاستفزازية للرئيس التركى رجب طيب اردوغان والذى عقد اتفاق غير قانونى مع حكومة فايز السراج فى ليبيا، حيث وقع اتفاقيتين إحداهما تتعلق بتحديد الحدود البحرية مما ينتهك سيادة قبرص واليونان خاصة أن تركيا وليبيا لا يتشاركا حدودا بحرية. واثارت الاتفاقات الغضب والتنديد الدولى نظرا لأطماع النظام التركى فى المنطقة.
وتشير الصحيفة إلى أن اتفاقية تركيا وليبيا تخترق المياه الإقليمية لليونان وقبرص وتهدد سيادة تلك البلدان فى اى اكتشافات غازية متفق عليها فى مناطقها الاقتصادية.
وتأتى هذه الخطوة فى الوقت الذى تتهم فيه أثينا أنقرة بانتهاك المجال الجوى اليونانى بشكل متكرر.
كما أن قبرص تشهد نزاعا إقليميا داميا استمر نصف قرن تقريبا مع تركيا، فالجزيرة مقسمة إلى النصف بين جمهورية قبرص المستقلة من الجنوب والأراضى التى تحتلها تركيا من الشمال.
وقال النائب الجمهورى جوس بيليراكيس الذى أيد مشروع القانون: "في منطقة غير مستقرة بشكل متزايد، ومع تحول تركيا بشكل حاسم بعيدا عن الغرب، فإن الشراكة بين اليونان وقبرص وإسرائيل مع الولايات المتحدة تأتى فى الوقت المناسب بشكل خاص".
وتهدف الإجراءات بشكل رئيسى إلى توبيخ تركيا علانية، بما فى ذلك النص الذى يمنع حلفاء الناتو من الانضمام إلى برنامج F-35 للطائرات المقاتلة عندما يمتلكون أنظمة الدفاع الصاروخى الروسية من طراز S-400، الصفقة التى أثارت خلافا كبيرا بين أنقرة وواشنطن.
كما يفوض الكونجرس الولايات الأمريكية بمراقبة والابلاغ عن اى انتهاكات تركية للحدود البحرية والجوية لقبرص واليونان.
وردت تركيا، في بيان أصدرته وزارة الخارجية التركية على إقرار مشروع القانون بقولها إن الولايات المتحدة تعرقل الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسى فى قبرص برفع حظر الأسلحة.
وأضاف أن "الزملاء المناهضين لتركيا" فى الكونجرس "يستغلون" عملية التخصيص وعرقلوا تسليم طائرات F-35 "بشكل غير عادل".
وكان الكونجرس أعلن الشهر الماضى أعترافا رسميا بالإبادة الجماعية للأرمن والتى ارتكبتها القوات التركية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى والتى اسفرت عن مقتل مئات آلاف الأرمن فى مذابح جماعية.
وجاء الاعتراف الأمريكى فى أعقاب الغزو التركى لشمال شرق سوريا وارتكاب جرائم حرب بحق الاكراد والاقليات الدينية فى 9 أكتوبر الماضى.