قضت محكمة جنح مستأنف العمرانية، في حكم فريد من نوعه، بإلغاء حبس "أب" لمدة ستة أشهر وكفالة قدرها 500 جنيها، على خلفية اتهامه بالامتناع عن تسليم صغير لمستحق حضانته بناء على قرار من جهة القضاء، والحكم مجددا بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، باعتبار أن الجريمة من جرائم الشكوى، وذلك في الوقت الذي يتم فيه تأييد مثل تلك الأحكام من محكمة ثاني درجة.
الوقائع
صدر الحكم فى الدعوى المقيدة برقم 738 لسنة 2019 جنح العمرانية، والمستأنفة تحت رقم 24250 لسنة 2019 جنح مستأنف العمرانية لصالح المحامي محمد صابر حيث سبق وأن أقامت النيابة العامة الدعوى الجنائية ضد المتهم "محمد.م.ع"، طبقا لنص المادة 292 من قانون العقوبات على زعم من قول أن المتهم لم يقوم بتسليم ابنته الصغيرة إلى من لها الحق فى حضانتها بناء على قرار من جهة القضاء.
وفى تلك الأثناء - تحدد لنظرها جلسة 16 أبريل 2019، ولعدم علم المتهم بتلك الجلسة لم يحضرها، فحكمت محكمة أول درجة على المتهم غيابيا بالحبس لمدة ستة أشهر وكفالة قدرها 500 جنيها لوقف تنفيذ العقوبة، إلا أن المتهم لم يرتضى هذا الحكم فطعن عليه بالمعارضة وتحدد لنظرها جلسة 16 يوليو 2019 ومثل المتهم بوكيل عنه وقدم دفاع المتهم مذكرة بدفاعة وكذا حوافظ مستندات إلا أن محكمة أول درجة لم تعرها اهتماماً وحكمت بقبول المعارضة شكلاً والموضوع برفضها وبتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه والمصاريف الجنائية.
الأب يطعن على حكم حبسه
الأب المتهم "محمد.م.ع" لم يرتضي بحكم محكمة أول درجة، فطعن عليه بالاستئناف، وتحدد لنظرة جلسة 8 سبتمبر ولظروف مرضية منعت المتهم من المثول أمام هيئة المحكمة بتلك الجلسة، فقضت المحكمة بسقوط الاستئناف، وهديا على ما تقدم عارض المتهم استئنافيا حيث أوضح المحامي محمد صابر لهيئة المحكمة قصور محكمة أول درجة في عدم إحاطتها بواقعات الدعوى عن بصر وبصيرة وعدم الإلمام ببيانها وفقاً للثابت بأوراقها المطروحة عليها والمستندات المقدمة من دفاع المتهم، مما أدى إلى اضطراب صورتها، واختلالها وعدم استقرار عقيدتها في عدة نقاط كالتالى:
عدم قانونية الدعوى للأسباب التالية
1-بمطالعة محضر التنفيذ رقم 575 لسنة 2019 سنجد عدم حضور أحد الأخصائيين الاجتماعيين الملحقين بالمحكمة كما اشترط قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000 .
2-وفقا للقرار الوزارى إن حدثت مقاومة أو امتناع أو عدم استجابة للنصح والإرشاد يرفع الأمر لقاضى التنفيذ ليأمر بالتنفيذ بالاستعانة بجهة الإدارة وبالقوة الجبرية إن لزم الأمر، مما يستبين لعدالة المحكمة أنه ليس من حق قاضى التنفيذ إصدار قرار بإخطار النيابة العامة لتحرير محضر الامتناع عن التنفيذ، وبالتالي فإن قرار إحالة الدعوى إلى النيابة العامة لتحريك الدعوى الجنائية ضد المتهم قد جاء معيبا وليس له سند من القانون والواقع – كما جاء بمذكرة الدفاع -
ثانياً :ـ عدم تقديم شكوى من المجني عليها أو وكيلها الخاص .
وذلك أيضاً لأننا بصدد جريمة من جرائم الشكوى، وكيفما قرر المشرع المصري أن الشكوى من القيود التي تحد من حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية حيث تنص المادة 3/1 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء علي شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأمورى الضبط القضائى فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 185، 274، 277، 279 ، (292) ، 293 ، 303 ، 306 ، 307 ، 308 من قانون العقوبات ، وكذلك فى الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون ".
عدم وجود شكوى شفاهية أو كتابية
وبتطبيق ما سبق تصبح تلك الجنحة غير مقبولة لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون لعدم وجود شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليها أو وكيلها الخاص بينما تم تحريك الدعوى الجنائية بناء علي إخطار للنيابة العامة من إدارة تنفيذ أحكام محكمة 6 أكتوبر الابتدائية والذى يشوبه البطلان كما بينا عالي ، علي زعم من قول إنه تم الإنتقال بإرشاد المجنى عليها لتنفيذ القرار الصادر بالعقار رقم 10 شارع خلف النادى دائرة قسم العمرانية الدور العاشر بالأرضى علي يسار الخارج من المصعد الكهربائي والسلم ووجدها شقة لها باب مصفح ووجد لافتة على الباب تقرأ "سيد صادق"، وزعم علي غير الحقيقة أيضاً أنه التقى بحارس العقار ولم يذكر حتى اسمه ولا وصفه وأفاد بأنه أقر بأن المتهم مقيم بالشقة وغير متواجد حالياً.
وحيث أن صحة الاسم المدون على اللافتة "سيد صديق"، وكذلك شهادة الحارس المجهول الهوية والغير موصوف، كل ذلك إن دل على شئ دل على عدم انتقال المحضر إلى أي مكان وإنما هذا تحرر بناء على أقوال وبيانات أدلتها المجنى عليها إلى محضر التنفيذ، فقد صدر القرار بالإحالة إلى النيابة العامة كل تلك الإجراءات تمت فى غيبة المتهم وبدون مواجهته، وذلك بسوء نية وقصد من المجني عليها بمعاونة السيد محضر التنفيذ على الرغم من أن المتهم قد سبق له وأنذر المجني عليها بالإنذار رقم 46496 محضرين البساتين في 28/8/2018، مفاده أن المتهم مقيم بالعنوان 1 شارع إبراهيم الجبالي ـ مصر القديمة ـ القاهرة، وليس له محل إقامة أخر.
بطلان الإجراءات
وحيث أنه من المقرر قانوناً أنه قبل الشكوى تكون النيابة العامة ممنوعة من رفع الدعوى، وكذلك من اتخاذ أى إجراء فيها أو مباشرة تحقيق أو حتى جمع استدلالات، وإذا باشرت النيابة أي إجراء فيها كان باطلاً بطلاناً مطلقاً، وإذا أقامت الدعوى كان علي المحكمة أن تقضي بعدم قبولها من تلقاء نفسها، وكذلك أن تقضي ببطلان جميع الإجراءات السابقة على الشكوى إذا كانت الشكوى تقدمت فيما بعد ولا يصحح هذا البطلان الشكوى اللاحقة لرفع الدعوى أو حتى تتدخل المجنى عليها بصفة مدعية بالحق المدني، وللمتهم أن يدفع بالبطلان في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة النفض، ولذلك أيضاً ينبغي علي الحكم الصادر في الدعوى أن يشير إلى تقديم الشكوى من المجنى عليه وإلا كان باطلاً .
يشار إلى أن النيابة العامة كانت قد أحالت المتهم للمحاكمة الجنائية بالمادة 292 عقوبات بناء على تأشيرة من قاضي تنفيذ محكمة 6 أكتوبر الابتدائية علي محضر إثبات حالة من إدارة تنفيذ الأحكام محكمة 6 أكتوبر الابتدائية لامتناع المتهم عن تنفيذ قرار تسليم صغير لمستحق حضانته بالمخالفة للمادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية.