كان الدور المصرى فى أفريقيا يشهد تراجعاً كبيراً منذ عام 1995، وتمثل ذلك فى ضعف التمثيل المصرى فى الفعاليات الأفريقية وضعف التأييد الأفريقى للمواقف والقضايا المصرية على مختلف الأصعدة، وتهميش دور مصر فى تسوية الصراعات الأفريقية.
وفى عهد محمد مرسى، ظهرت الأزمة المائية بقوة، ولم تتخذ جماعة الإخوان الإرهابية و»الحاكمة» فى ذاك التوقيت، أى خطوات لتأمين حصة مصر من مياه النيل أو الحفاظ عليها، وزادت الفجوة فى العلاقات بين مصر ودول حوض النيل، خاصة بعد الجلسة الشهيرة التى أذيعت على الهواء لمناقشة خيارات التعامل مع أزمة سد النهضة الأثيوبى، وهى الجلسة التى أظهرت ضعف النظام فى مصر ومحدودية الرؤية لدى مرسى وجماعته وعدم المسؤولية، وتعريض الأمن القومى للخطر.
الحسن اوتار رئيس ساحل العاج
ورغم انزواء مصر عن جذورها الأفريقية فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، إلا أن المصالح المصرية وأمنها القومى المرتبط بالقارة السمراء لم يتعرضا للضرب المباشر، إلا بعد اندلاع ثورة يناير 2011 وما أعقبها من أحداث حتى وصلت هذه الأخطار إلى قمتها عندما تسلقت جماعة الإخوان الإرهابية الحكم.
وعقب ثورة 30 يونيو والإطاحة بنظام الإخوان الإرهابى، اتخذ الاتحاد الأفريقى قراراً بتجميد عضوية مصر، ورغم التحركات المصرية المكثفة على المستوى الدبلوماسى فى عهد الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، إلا أن مصر لم تتحرك بشكل مؤثر ولم تقنع قارتها الأفريقية بحقيقة الأوضاع، إلا بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى حكم البلاد، وإلى كان لحضوره القمة الأفريقية فى مالابو بغينيا الاستوائية نقطة تحول نحو انخراط مصر مرة أخرى فى محيطها القارى. ولم يترك الرئيس السيسى حدثاً أفريقياً ولا مناسبة يمكن أن يتواصل خلالها مع القادة الأفريقية، إلا وكان أول الحاضرين والمتفاعلين، واستقبل عشرات الرؤساء والمسؤولين الأفارقة فى قصر الاتحادية وفى المدن المصرية التى استضافت القمم الأفريقية والدولية المختلفة، إضافة إلى لقاءاته مع القادة الأفارقة على هامش الفعاليات الدولية بمختلف المحافل التى شارك فيها الرئيس حول العالم، وحرص الرئيس السيسى على أن يصل صوت أفريقيا للمجتمع الدولى وأن تحظى قضايا القارة السمراء بأولوية فى المحافل الدولية، خاصة بعد نجاح مصر فى الفوز بالمقعد غير الدائم فى مجلس الأمن الدولى، وترصد «اليوم السابع» أبرز ملامح التحركات المصرية بقيادة الرئيس السيسى لاستعادة مكانة القاهرة فى القارة السمراء، كالتالى:
السيسى بالاتحاد الافريقى
1- قادت مصر حملة لتولى رئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات حول التغير المناخى التى ترأسها الرئيس السيسى فى وقت حرج، فيما يتعلق بالمفاوضات الدولية حول التغير المناخى، وأجندة التنمية ما بعد 2015، لضمان عدم تجاهل احتياجات القارة.
2- فازت مصر بعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى عن إقليم الشمال بتأييد 47 دولة من دول الاتحاد الأفريقى، وأيضًا بمنصب مفوض البنية التحتية والطاقة بالاتحاد الأفريقى.
3- تم انتخاب مصر بالإجماع فى يناير من عام 2018 لرئاسة الاتحاد الأفريقى فى دورته الحادية والثلاثين لعام 2019، وذلك تقديراً لدور مصر الريادى فى القارة الأفريقية بقيادة السيسى.
4- لم تُخيب القاهرة التطلعات الأفريقية لدور مصر خلال رئاستها للاتحاد فى تطوير آليات العمل داخل الاتحاد والحفاظ على استقلالية القرار الأفريقى على المستوى الدولى.
5- أطلق الرئيس السيسى فى مارس الماضى ملتقى الشباب العربى الأفريقى، فى محافظة أسوان الذى استمر لمدة 3 أيام، ما أكد على اهتمام الرئيس بالشباب وحرصه على تأسيس منصة يمكن من خلالها الاستماع لشباب أفريقيا.
القا كوخندى رئيس غينيا
6- الرئيس السيسى وجه مجلس الوزراء، بالتنسيق مع وزارتى الخارجية والتعليم، بفتح باب المشاركة للباحثين من الدول العربية والأفريقية للاستفادة من بنك المعرفة المصرى، ومن خلال الآليات المناسبة لتنفيذ ذلك.
7- تكليف وزارة التعليم العالى، بالتنسيق مع الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب على تأسيس مجلس التعاون بين الجامعات العربية والإفريقية؛ ليكون منصة فاعلة لتعزيز التعاون العلمى والثقافى بين العرب وأفريقيا.
8- تكليف وزارة الصحة، وبالتنسيق مع جميع الأجهزة والمؤسسات المعنية بالدولة، بإطلاق مبادرة مصرية من أجل القضاء على فيروس سى لمليون أفريقى.
9- إطلاق مرحلة جديدة من حملة «100 مليون صحة»، للضيوف المقيمين فى مصر وليس اللاجئين.
10- تكليف إدارة منتدى شباب العالم بتشكيل فرق عمل من الشباب العربى والأفريقى، لتولى إعداد تصور خاص لتحقيق فرص التكامل العربى الإفريقى فى كل المجالات، وتقديمه إلى الجهات المعنية بدولنا للبدء فى تنفيذه.
رئيس تشاد
11- أوصى الرئيس السيسى بأن تشكل إدارة منتدى شباب العالم فريق عمل من الشباب العربى والأفريقى، لوضع رؤية شبابية لآليات التعامل مع قضايا الاستقطاب الفكرى والتطرف وعرضها كمبادرة شبابية للقضاء على الإرهاب والتطرف.
12- تكليف إدارة منتدى شباب العالم بالإعداد والتجهيز لملتقى مصر والسودان. لتعزيز التكامل بين البلدين الشقيقين على مبدأ أخوية وادى النيل.
13- أوصى بالاهتمام بتوظيف المنصات الإعلامية، والتواصل الاجتماعى، لإزالة الصورة الذهنية الخاطئة للعلاقات الأفريقية العربية، والعمل على تمكين الشباب والمرأة لتحويل الإرادة السياسية إلى إجراءات عملية لإعدادهم وتأهيلهم عن طريق الارتقاء بالتعليم والتدريب.
14- فى إبريل الماضى تولى الرئيس السيسى رئاسة اجتماع قمة الترويكا ولجنة ليبيا رفيعة المستوى بالاتحاد الأفريقى، بمشاركة رؤساء رواندا وجنوب أفريقيا عضوى ترويكا إدارة الاتحاد، ورئيس الكونغو بصفته رئيساً للجنة المعنية بليبيا فى الاتحاد.
15- شارك الرئيس السيسى فى 28 يونيو الماضى بفعاليات قمة مجموعة العشرين فى اجتماعها الرابع عشر الذى استضافته اليابان، باعتباره رئيسا للاتحاد الأفريقى، وتعد هذه القمه أهم منتدى اقتصادى دولى يهتم ببحث القضايا المؤثرة على الاقتصاد العالمى.
16- توقيع الاتحاد الأفريقى فى 3 يوليو الماضى لاتفاقية تعاون مع الشركة الصينية «هواوى» الشهيرة فى صناعة الهواتف المحمولة، والاتصالات، لتعزيز الشراكة بينهما، بهدف تعزيز الشراكة بينها وبين الاتحاد فى 5 مجالات هى الاتصالات واسعة النطاق، والإنترنت، وتقنية الجيل الخامس، والذكاء الصناعى، والحوسبة.
17- مصر ساهمت فى التوصل لاتفاق تاريخى بين المجلس العسكرى الانتقالى السودانى وقوى المعارضة السودانية، الذى يؤسس لمرحلة انتقالية عبرت بالسودان بمرحلة صعبة فى تاريخها المعاصر.
18- ترأس الرئيس السيسى فى 7 يوليو الماضى أعمال القمة التنسيقية المصغرة الأولى من نوعها للاتحاد الأفريقى مع التجمعات الاقتصادية الإقليمية فى أفريقيا، فى نيامى، عاصمة النيجر، بمشاركة عدد من كبير من قادة ورؤساء دول القارة السمراء، ما مثل علامة بارزة فى مسيرة التكامل القارى وعملية الإصلاح المؤسسى الجارية فى الاتحاد الأفريقى.
19- شارك الرئيس السيسى فى 25 أغسطس الماضى بقمة مجموعة السبع الكبرى G7 فى دورتها الـ45؛ تلبية لدعوة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والتى استضافتها مدينة بياريتز الفرنسية لمدة 3 أيام.
20- فى 28 أغسطس من العام الجارى افتتح الرئيس السيسى ورئيس وزراء اليابان شينزو آبD، القمة الـ7 لمؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية الأفريقية المعروف بـ«تيكاد 7» بمدينة يوكوهاما اليابانية، تحت شعار «النهوض بتنمية أفريقيا عبر الشعوب والتكنولوجيا والابتكار.
21- الرئيس السيسى ألقى كلمة مصر أمام الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك فى 24 سبتمبر الماضى.
22- فى 22 أكتوبر الماضى وصل الرئيس السيسى إلى مدينة سوتشى بروسيا الاتحادية، لرئاسة القمة الأفريقية الروسية مشاركة مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وشهدت الزيارة عقد لقاء قمة بين السيسى ونظيره الروسى، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية فى جميع المجالات والأصعدة. إلى جانب مشاركته فى إطلاق المنتدى الاقتصادى الأفريقى الروسى، الذى ركز على عدد من المحاور لتنمية التعاون التجارى والعلاقات الاقتصادية بين روسيا الاتحادية ودول القارة الأفريقية بحضور الزعماء الأفارقة ومجتمع رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين.
23- انطلقت فى العاصمة الألمانية برلين، فى 30 أكتوبر الماضى أعمال القمة الثانية للشراكة الألمانية الأفريقية بمشاركة الرئيس السيسى والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعدد من القادة الأفارقة التى جاءت بمبادرة مجموعة العشرين للشراكة الاقتصادية مع أفريقيا والتى أطلقتها المستشارة الألمانية ميركل عام 2017، إلى تطوير اقتصادات الدول الأفريقية وجذب الاستثمارات إليها، وإقامة مشروعات البنية التحتية فيها، بما يساعد على إتاحة فرص العمل لأبنائها وتحسين أحوالهم المعيشية.
24- مصر اختتمت عام 2019 باستضافة منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة فى نسخته الأولى، برعاية الرئيس السيسى، وكانت كلمة الرئيس السيسى الافتتاحية بالمنتدى أبلغ دليل على ذلك، تعبر عن هموم القارة، وتحرضها على استغلال ثرواتها نحو التقدم والانطلاق، فالعالم لا يعترف إلا بالقوى، ولا يلتفت لمحتاج، بل يحترم ويسعى نحو من يكتفى ذاتياً وينتصر على تحدياته.
25- منتدى أسوان للسلام والتنمية شهد لأول مرة، التوقيع على اتفاقية استضافة مصر لمركز الاتحاد الأفريقى، لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات الذى تهدف الدولة المصرية من خلاله، إلى أن يكون بمثابة منصة تنسيق جامعة وعقل مفكر يعكف على إعداد برامج مخصصة للدول الخارجة من النزاعات، تراعى خصوصية كل دولة، وتحمى حقها فى ملكية مسار إعادة الإعمار والتنمية.