على ناصية منطقة عزبة الحصرى فى منتصف شارع فلسطين، بمدينة زفتى التابعة لمحافظة الغربية، يجلس العم أحمد أمام مكواة الزهر والطاولة الخشبية وبجواره الشعلة النارية، يستقبل زبائنه من جميع سكان المنطقة والمناطق المحيطة .
ويعد مكوجى "الزهر" أحد أقدم المهن على مستوى محافظة الغربية ، ويرجع تاريخه إلى أكثر من 100 عام، حيث كانوا يعتمدون على شعلة من النار، وتسخين كتلة من الزهر وهى أحد أنواع الحديد، ثم استخدام قطعة من القماش، ثم يبدأ فى كى الملابس .
التقى "اليوم السابع" بالعم أحمد، والذى يشتهر بالمكواة القديمة، يبلغ من العمر أكثر من 60 عاما قضاها أمام هذه المكواة، لم يعرف مهنة غيرها، ورثها أبا عن جد، وقال: "عندما كنت فى سن السادسة من عمرى كنت أذهب إلى المدرسة مثل باقى زملائى وعند انتهاء اليوم الدراسى لم أرجع إلى المنزل ولكن أذهب إلى المحل لأساعد والدى وإخواتى فى العمل".
وأضاف: "تعلمت مهنة المكواة عن حب، وبدأت فى استقبال الزبائن وتوصيل ملابسهم إليهم بعد الانتهاء منها، ثم تركت الدراسة، وتفرغت إلى العمل بالمحل وقررت الاعتماد على نفسى"، موضحا أنه أقدم مكوجى زهر فى محافظة الغربية، فبالرغم من اندثار المهنة إلا أنه يحافظ عليها حتى الآن، لأن هذه هى التركة التى ورثها عم أبيه وجدوده .
وأشار إلى أن الجميع من أهالى المدينة والقرى المجاورة يعرفونه ويتعاملون معه، خصوصا العمد فى القرى، فهم من أهم زبائنه التى تقدر هذه المهنة التى لم تعد موجودة فى معظم محافظات الجمهورية، فبعد التطور الذى شاهدناه واكتشاف المكواه الكهربائية والبخار لم يعد العمل يكفى لكسب احتياجات يومه فأصبحت المهنة فى الاندثار .
وأضاف أن أدواته عبارة عن أنبوبة وشعلة يضع فوقها المكواة ويتركها على النار، ويعمل بأختها ثم يعود لتسخين الأخرى، مضيفا أن العدة التى يستخدمها قديمة للغاية ولم يعد أحد يعمل بها إلا قليلا جدا.
وأوضح أن سعر الكى قديما كان ربع جنيه فى الشهر، وكان بنظام الاشتراك الشهرى، أما الآن فأصبح سعر كى القطعة الواحدة 5 جنيهات، مع ارتفاع أسعار أنبوبة البوتاجاز وقطع الزهر، التى يقوم بصناعتها فى "مسابك الزهر" خصيصا .
واختتم حديثة قائلا: "لم أعد احتاج إلى شيء من هذه الدنيا سوى الستر وراحة البال، الجميع هنا يعرفوننى جيدا واقضى يومى بينهم وأنا أشعر بسعادة تامة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة