مرت الأيام والشهور على تونس الخضراء فى عام 2019، مرورًا مليئًا بالأحداث التى كتب التاريخ سطورها، ولن ينساها العالم معه، فقد سجل شهر يوليه مشهد وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في يوم رمزي توافق مع تاريخ عيد الجمهورية التونسية في الخامس والعشرين من الشّهر، وماشهده من تبعيات خاصّة بالجنازة المهيبة التّي انطلقت من قصر قرطاج في اتّجاه مقبرة الجلاّز والتي كان التونسيون فيها طيلة مسلك الموكب واقفين لتوديع رئيسهم حيث غزت هذه الصور مواقع التواصل الإجتماعي في تونس والعالم وتصدّرت العناوين الأكثر تداولا في وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية اتّفقت جميعها على عنوان:"رحيل رجل دولة".
ونشر موقع "تونس" أهم الأحداث التى أطلت على التونسيين بعد ذلك، منها تولى رئيس مجلس نوّاب الشعب محمد الناصر رئاسة الجمهورية في مدّة اشترط أن لا تتجاوز الـ90 يوما، وكان له ما طلب، حيث انطلقت الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات في التّحضير لإنتخابات سابقة لآوانها، انتظمت يوم 15 من شهر سبتمبر الماضى سبقتها حملات انتخابية لـ26 مرشحا من أحزاب مختلفة ومستقلّين، جمعتهم مناظرة وطنية تابعها التونسييون بشغف في صور كانت بدورها فريدة من نوعها في العالم العربي على الأقلّ خاصّة وأنّ البلاد التونسية كانت السّباقة في تنظيم مثل هذه المُناظرات.
كما شهدت تونس انتخابات انتهت بتأهل كلّ من قيس سعيّد ونبيل القروي المرشّح الذّي غادر السّجن أيام قليلة للجولة الثانية قبل موعد تنظيم الدّور الثاني من الإنتخابات الرئاسية في 13 أكتوبر والذّي نتج عنه اختيار قيس سعيّد لهذا المنصب بأغلبية ساحقة ليتمّ انتخابه من قبل حوالي 3 ملايين تونسي وهي سابقة لم يتمّ تسجيلها في تاريخ الإنتخابات لا التونسية ولا العربية، وهو ما حوّله إلى ظاهرة تحدّثت عنها وسائل الإعلام الأجنبية قدر ما تناولت أخباره الوطنية والعربية، وقد انطلق في مُمارسة مهامه بعد تسلّم السلطة من قبل محمد النّاصر.
كما كان هناك انتخابات تشريعية توسّطت هاذين الإستحقاقين سهرت هيئة الإنتخابات على تنظيمها في السادس من شهر أكتوبر وتمّت مواكبتها على غرار الإستحقاقين السابقين من قبل مئات الصحفيين وشارك فيها عدد من الأحزاب تصدّرت حركة النهضة الإخوانية قائمة الفائزين فيهم، وهو ما خلّف انتخاب رئيسها راشد الغنوشي على رأس البرلمان، في سابقة بدورها اعتبرها الكثيرون أبرز مظاهر التناقضات التّي من الممكن أن تشهدها السياسة عبر التاريخ، حيث تحوّل الغنوشي من سنوات المنفى إلى استلام أعلى سلطة تشريعية في البلاد.
وبدأت الصراعات فى تونس تشتعل، داخل مجلس النواب، ولعلّ أبرزها تلك المُناوشات التّي حصلت في العديد من المرّات بين نواب النّهضة ورئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي التّي قامت بما لم يقم به نائب تونسي سابقا من خلال اعتصامها لمدّة أيام داخل البرلمان نتيجة خلاف مع النائب عن الحركة جميلة الكسيكسي، وهو ما جعل من الأخبار التونسية تتصدّر مرّة أخرى وسائل الإعلام العربية والأجنبية.
وفى 10 من ديسمبر، تمت المصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2020 بأغلبية 127 صوتا مقابل احتفاظ 4 ورفض 50 نائبا، وهو حدث اعتبره الغنوشي عبارة عن امتحان نجح النوّاب في تجاوزه رغم الخلافات التّي تجمعهم خاصّة دون تدخّل أي طرف أجنبي في هذا الشأن.
وتأتى كل هذه الأحداث فى ظل اختيار شخصية الحبيب الجملي لتشكيل الحكومة، وتمّ تكليفه رسميا من قبل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الفائز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان وفق ما ينص عليه الدستور، مهمّة لم ينجح في اتمامها في غضون الشّهر الذّي يضمنه له الدستور ليطلب تمديدا بشهر ثان، وهو تمديد دستوري أيضا، التقى فيهما الجملي بجلّ الشخصيات السياسية ورؤوساء الأحزاب وغيرهم وطالت المُشاورات واختلفت العروض، ليطلّ على الشعب التونسي في نهاية مطاف هذه المشاورات ويقرّ بفشله في تقريب وجهات النّظر بين مختلف الأطياف السياسية ويقرّر التوجّه نحو حكومة كفاءات، لا زلنا نترقّب توجّهه نحو باردو لعرضها على أنظار مجلس نوّاب الشّعب في كلّ لحظة، هذا إذا لم يقرّر الجملي ترك حكومته للسّنة المُقبلة.
ونشرت الصحيفة التونسية أهم الأحداث التى وقعت فى تونس على الجانب الاجتماعى أبرزها ، حادثة عمدون التّي راح ضحيتها 29 شابا من التونسيين إثر حادث مرور تمثّل في انقلاب شاحنة كانت تقلهم.
كما عاشت تونس حادث أليم تمثّل في وفاة 15 رضيعا بمستشفى "شارنيكول" بالعاصمة تونس، منتصف شهر مارس الماضي، ونتج عنها جدل كبير بخُصوص واقع الصّحة في تونس كما أدّت إلى استقالة العديد من المسؤولين على رأسهم وزير الصحة السابق، عبد الرؤوف الشريف، لتكشف التحقيقات فيما بعد أنّ هذه الكارثة حصلت بسبب وجود جرثومة في أكياس المستحضر الغذائي الذي يقدم للرضع، تسربت من خارج القسم خلال عملية التحضير.
كما استهلت تونس عام 2019، بوفاة 12 عاملة في المجال الفلاحي وإصابة حوالي 20 آخرين وذلك على خلفيّة تصادم شاحنتين إحداهما تنقل كمية من الدجاج والأخرى تنقل العاملين.
كما شهدت تونس وفاة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في منفاه في السعودية في 19 من شهر سبتمبر الفارط بعد صراع مع المرض، وقد تمّ دفنه في المملكة العربية السعودية، بناءً على طلبه وفق ما تمّ تداوله في وسائل الإعلام.
وتميزت أيضًا تونس ببعض النجاحات التّي حققّتها البلاد التونسية لعلّ أبرزها يتمثّل في تحسّن المؤشرات السياحية حيث تميّز هذا الموسم السياحي بنجاحه على مختلف المستويات، هذا إلى جانب القمّة العربية التّي ترأّست العاصمة التونسية دورتها الـ30 في شهر مارس بإشراف الرئيس الراحل السبسي، حيث تمّ استقبال عدد كبير من الرؤساء وقادة الدول العربية.