كشف تقرير صادر عن شبكة نورديك لمكافحة التطرف – ومقرها ستوكهولم – عن تنفيذ تركيا برنامج لاستمالة و تجنيد شباب الصحفيين فى أفريقيا وربطهم فكريا وعمليا بأهداف النظام التركى و سياسات أردوغان ، لافتا إلى أنه بدا واضحا أن أدوات التدخل الخارجى لنظام أردوغان للتوغل فى أفريقيا لا تقتصر فقط على أدوات التدخل العسكرى والعمل الاستخبارى المباشر بل امتدت إلى الاعلام باعتباره سلاحا مؤثرا فى حروب الجيل الرابع لتفكيك الدول من الداخل .
وأشار التقرير إلى قيام مؤسسة تتبع الحكومة التركية على مدار عام 2019 بتنظيم دورات تدريب لشباب الاعلاميين المبتدئين و للكوادر الوسطى فى مؤسسات إعلامية إفريقية منتقاه كان آخرها دورة بدأت فى 21 من أكتوبر الماضى وانتهت فى12 نوفمبر 2019 وذلك فى إطار مايسمى Africa Media Representatives Training Program (AFMED) أو برنامج تدريب " ممثلوالإعلام الافريقى " الذى شمل متدربين من الجزائر و المغرب و تونس و ليبيا و تشاد وأثيوبيا وجنوب أفريقيا وكينيا و مالى والنيجرونيجيريا والصومال والسودان.
وكشف التقرير اسناد النظام التركى مسئولية تنفيذ هذا البرنامج إلى سفير تركيا السابق – المثير للجدل – فى جمهورية تشاد احمد كافاز وهو الرجل المعروف بتعاطفه الشديد مع تنظيم القاعدة الإرهابى ، و يتم تدريب شباب الصحافيين الأفارقة من خلال اتحاد الباحثين الافارقة African Researchers Association (AFAM) وهى مؤسسة يديرأنشطتها السفير التركى السابق لدى تشاد أحمد كافاز الذى يتفادى عند انتقاء المتدربين أصحاب المناصب القيادية مركزا على شباب الاعلاميين الطموحين للمال و أصحاب القيادات الوسطى الطموحين للمال والمساندة أيضا وذلك فى دول بعينها تستهدف تركيا تعزيز أقدامها فيها بأفريقيا.
واعتبر التقرير أن خلفية السفير التركى أحمد كافاز – الذى أسند إليه نظام أردوغان هذا الملف – تشير إلى خطورة توليه إدارة مثل تلك البرامج التدريبية المقدمة من تركيا لاستهداف شباب الاعلاميين الافارقة ، فقد عمل السفير أحمد كافاز سفيرا لتركيا لدى تشاد فى الفترى من 2013 و حتى 2015 و فى فبراير 2013 وواجه حملة انتقاد واسعة بعد تغريدة له على تويتر، قال فيها إنه لايمكن اعتبار القاعدة منظمة إرهابية ، كما اتهم فرنسا بالمغالاة فى تصوير الارهاب فى مالى كذريعة للتدخل هناك ، بل واعتبر أن كلمة/إرهاب/هى من صنع آلة الدعاية الغربية.
كما كشف التقرير عن اسهام مؤسسة الاغاثة الانسانية و حقوق الانسان و الحريات فى تركيا المعروفة اختصارا/اى اتش اتش / Foundation for Human Rights and Freedoms and Humanitarian Relief (IHH) بدور مهم فى عملية انتقاء و ترشيح المتدربين الأفارقة من شباب الإعلاميين للحضور الى تركيا .
تجدر الاشارة إلى أن هناك إدانات موثقة قد صدرت بحق مؤسسة الاغاثة الانسانية التركية من مجموعة العمل الدولية لسوريا فى مجلس الأمن الدولى ويثبت تورطها فى أعمال تهريب أسلحة وعتاد ومواد إغاثة للعناصر المسلحة المتشددة والتكفيرية فى سوريا و كذلك لبعض الفصائل الارهابية فى ليبيا تحت غطاء العمل الاغاثى و الانسانى .
ويعد حسين اوروك نائب رئيس وكالة الإغاثة الانسانية التركية / اى اتش اتش / المحاضر الرئيسى للمتدربين الافارقة فى هذا البرنامج ممثلا لمؤسسته وهو الرجل المعروف عنه بتشدده وتعاطفه مع الحركات الجهادية المتأسلمة التى من بينها حركة " جيش بناجسمورو الاسلامى المسلحة " Bangsamoro Islamic Armed Forces (BIAF) والذى يعد الجناح المسلح لجبهة تحرير مورو الاسلامية فى الفلبين Moro Islamic Liberation Front (MILF) ، كما بينت تقارير للاستخبارات الاوروبية ضلوع الرجل فى تهريب أسلحة و ذخائر إلى العناصر الإرهابية التى تتبع القاعدة فى سوريا وليبيا تحت غطاء أنشطة الإغاثة الانسانية التركية.
ومن بين الداعمين لبرنامج تدريب شباب الاعلاميين الافارقة فى تركيا يظهر اسم ما يعرف بمركز التنسيق والتدريب الافريقى التركى African Coordination and Training Center (AKEM) التابع لمنظمة دينيز فينزيرى شاريتى التركية الخيرية Deniz Feneri charity وثيقة الصلة بمؤسسة الرئاسة التركية كذارع للتواصل مع أتراك الشتات و تجمعاتهم حول العالم وتعبئتهم كطابور خامس لخدمة الاستخبارات التركية حول العالم ورصد و ملاحقة المعارضين الاتراك فى الخارج لسياسات اردوغان .
وتأسست منظمة دينيز فينزيرى المشار إليها فى سبتمبر من عام 2008 ، وفى العام الماضى أدانت محكمة ألمانية ثلاثة من عناصرها بتهمة اختلاس 6ر18 مليون يورو من أموال التبرعات الخيرية المحصلة من ألمانيا وتحويلها إلى جهات تمويل غير معلومة وتنفيذ أنشطة مشبوهة على الأراضى الألمانية للتجسس على المعارضين الاتراك المقيمن هناك كواجهة عمل للاستخبارات التركية و تمويل أنشطتها الخارجية تحت غطاء جمع التبرعات من أثرياء أوروبا للضعفاء والمنكوبين فى العالم الاسلامى .
وكان ذلك يتم بدعم من حملات إعلانية مكثفة تتم اذاعتها عبر القناة التليفزيونية التركية السابعة التى تمتلكها عائلة " البيرق " التى تعد أكبر العائلات التركية الداعمة لحزب العدالة والتنمية التركى وذات الصلة الوثيقة بالرئيس التركى رجب طيب أردوغان ، حيث أن بيرات البيرق زوج ابنته هوسليل تلك العائلة .
ورصدت جهات التحقيق الألمانية التى حظرت نشاط تلك المنظمة المشبوهة على أراضيها 200 واقعة جمع أموال عبر عناصر تلك المنظمة التركية خلال الفترة من مطلع عام 2002 و حتى أبريل 2007 تحصلت فيها على 41 مليون يورو .
وتلعب وكالة الاناضول التركية للأنباء التى تديرها الحكومة التركية دورا مهما فى تفعيل برامج التواصل مع شباب الإعلاميين فى افريقيا واستمالتهم إلى أنقره وتجنيدهم للعمل لحساب تركيا فى بلدانهم بعد عودتهم " مغسولى العقول " فى اسطنبول ، حيث يتم تدريبهم فى استديوهات هيئة الاذاعة والتلفزة العامة التركية TRT و مؤسسة معارف التركية للتدريب و الثقافة Maarif Foundation ، و على مدار دورات التدريب التى تستغرق 3 سابيع لكل دورة باجمالى 200 متدرب فى الدورة الواحدة يتم تلقين المتدربين أهداف السياسة الخارجية التركية وأوجه " دبلوماسية العمل الانسانى للاتراك " وموضوعات متعددة فى التناول الاعلامى لقضايا السياسة والاقتصاد .
كما لم يغب عن مصممى برنامج التدريب تعليم المتدربين الأفارقة مسائل متعلقة " بجمع المعلومات "و "استمالة المصادر" و" الحملات الاليكترونية " وتوظيف وسائل التواصل الاعلامى" و"التصوير" وجميعها كما يقول التقرير مهارات لا غنى عنها للقائمين على تنفيذ حروب "الجيل الرابع "، كما لم يغب عن واضع برامج تدريب تركيا لشباب الإعلاميين الافارقة إعماء عقولهم بشىء من الترفيه والسياحة وجوانب الاستمالة الحسية الأخرى .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة