يبدو أن الاضطهاد الصينى تجاه أقلية الأويجور لا يقف عند حدود مخيمات الاعتقال فقط، إذ تسعى السلطات إلى تسخير جميع الوسائل حتى العلمية والتقنية منها لملاحقة الأقلية المسلمة التى تعيش فى البلاد.
وكشف تقرير نقله موقع "الحرة" عن صحيفة نيويورك تايمز، الثلاثاء، أن الصين ترسم خريطة لشكل وجوه المواطنين من الأويجور اعتمادًا على الحمض النووى، الأمر الذى تورطت فيه مراكز أبحاث فى دول غربية أيضًا.
صورة من بحث علمي تظهر كيفية تشكيل وجه ذكر وأنثى اعتمادا على الحمض النووي
وجعلت الصين من الأويجور فى منطقة شينجيانج، وتحديدًا فى مدينة "Tumxuk"، أشبه بفئران تجارب لاختبار نظامها الذى تطوره من أجل تسهيل متابعة وملاحقة هذه الأقلية، حيث قامت بجمع عينات دم بشكل واسع من أجل اختبار نظام بناء شكل الوجه اعتمادا على نقطة دم.
ورغم أنه يبدو من الخيال معرفة شكل الإنسان من خلال نقطة دم واحدة فقط، إلا أن العلماء توصلوا إلى عملية تسمى "DNA phenotyping" والتى تتيح لهم تحليل الحمض النووى ومعرفة الصفات الأساسية لشخص ما، مثل لون بشرته ولون عينيه، وبالتالى إعادة بناء شكل وجهه باستخدام صور ثلاثية الأبعاد.
وأشار التقرير إلى أن تطوير هذه التقنية لا يتم فقط فى الصين، إذ هناك عمل حثيث للتسابق من أجل الوصول إليها فى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، إلا أن إجراء التجارب الصينية فى مناطق الأويجور يثير الشكوك بأن الهدف هو التنميط العنصرى وتطوير أشكال التمييز ضد المسلمين، والذين يعانون أصلا من الاضطهاد فى ظل الحكومة الصينية.
استخدمت الأبحاث عينات دم من نساء ورجال من الأويغور في الصين
ويتخوف خبراء من استخدام الصين للنظام على المدى الطويل، خاصة إذا ما تم تفعيله مع نظام التعرف على الوجه من خلال كاميرات المراقبة المنتشرة فى أنحاء البلاد، وإذا ما أضيفت خارطة بناء الوجه اعتمادا على الحمض النووى، فإن هذا سيعنى أنها تبنى نظاما يمكنها من تشديد قبضتها على المجتمع وتعظيم قدرتها على ملاحقة المعارضين والمتظاهرين.
ويشير التقرير إلى أن المفاجئ فى الأمر أن بعض العلماء الصينيين يعملون فى مختبرات تابعة لوزارة الداخلية، ولكن بعض العاملين تحت مظلة وزارة التقنية الصينية قد تلقوا دعما من مؤسسات علمية أوروبية، هذا إضافة إلى ما قامت به مجلات علمية من نشر الأبحاث التى تتعلق بهذا الموضوع من دون التعمق للتعرف على أصل الحمض النووى المستخدم فى إجراء هذه الدراسات، أو حتى مراعاة التحفظات الأخلاقية التى تتعلق بجمع عينات الدم من مواطنين يعيشون فى شينجيانج.
وتشير إحدى الدراسات إلى أن بعض الأشخاص من سكان مدينة "Tumxuk" قدموا عينات الدم من أجل إجراء الأبحاث عن طيب خاطر، ولكن من المعروف أن سكان هذه المنطقة يعانون الاضطهاد ولا يملكون قرارًا آخر عدا الموافقة على ما تطلبه السلطات، خاصة أولئك الموجودين فى مخيمات الاعتقال والذين يجرون الفحوصات الصحية بشكل قسرى.
ويشير الصحفيون معدو التقرير إلى أن السلطات الصينية منعتهم من إجراء مقابلات مع سكان مدينة "Tumxuk"، وحتى أن العديد من سكان المدينة اختفى، هذا إلى جانب ما شاهده الصحفيون من تجريف ودمار لمنازل المدينة.
ويقول علماء وناشطون فى حقوق الإنسان، إن السلطات الصينية تستغل أبحاث علم "الجينوم" الذى يتعلق بدراسة المادة الوراثية وتسخرها من أجل أهداف مشكوك فيها، ومع القدرة على إعادة بناء الوجوه سيكون لدى السلطات الصينية أداة علمية وراثية من أجل إحكام سلطتها على الأويجور، بعدما جمعت العديد من عينات الحمض النووى منهم، ويقول التقرير "حتى بعيدا عن هذه الأقلية تمتلك الصين أكبر قاعدة بيانات "DNA" فى العالم تضم نحو 80 مليون عينة".