يذهب جمهور الفقهاء فى الدين الإسلامى إلى تحريم تجسيد الأنبياء وتصويرهم فى الأعمال الدرامية وكذلك فى لوحات الفن التشكيلى، لكن العالم له رأى آخر، لذا نجد كثيرًا من الأعمال الفنية التى ظهر فيها الأنبياء فى الأعمال الفنية التشكيلية:
انشغل فنانو العالم خاصة فنانى النهضة بإبداع أعمال للسيد المسيح والسيدة مريم، ويعود ذلك، لأن أيقونات يسوع ووالدته كانت جزءًا من التجميل فى الكنائس الكبرى والصغرى سواء، كما كان لها بعد ديني تأثيري يعرفه القائمون على الكنيسة وشعبها على حد سواء، وكان اختيار فنان ما للعمل فى الكنيسة يعنى اعترافًا بموهبته الكبرى، لذا فإن اللوحات التى جسدت السيد المسيح تأتى فى المقدمة، ولعل أشهرها لوحة العشاء الأخير لـ دافنشى، لكن دعونا نتأمل صورة "رحلة إلى مصر" للرسام الألمانى ألبريشت دورر رسمت ما بين عامى 1494و1497م.
يأتى النبى موسى، عليه السلام، فى المرتبة الثانية بعد المسيح، فقد ظهر فى لوحات عديدة، كما أن مواقف كثيرة من حياته فى بنى إسرائيل ورحلته معهم كانت موضوعات للفنانين، كما أن الفنان مايكل أنجلو قدم تمثال شهيرًا عنه.
موسى يخلع نعليه عند العليقة الملتهبة؛ بريشة دومنيكو فيتي، القرن السابع عشر.
كذلك حظى النبى إبراهيم، عليه السلام، بلوحات عالمية تجسد لحظة "الفداء" والنبى داود أيضًا استطاع مايكل أنجلو أن يقدمه فى "تمثال" شهير.
لوحة الفدية لـ كارافاجو
رسم النبى محمد
ذكر "ثروت عكاشة" فى موسوعته المهمة "لتصوير الإسلامي" إن التصوير الإسلامى الدينى ظهر فى القرن الثالث عشر الميلادى، وبدأ يزدهر فى القرن الرابع عشر، خاصة فى الأراضى الخاضعة للمغول والدولة العثمانية وفى بلاد فارس، وكان يهدف إلى خدمة الإسلام وتوضيح النصوص الدينية وتسهيل فهمها، وكانت لهذا الفن ضوابط وتقاليد، بالرغم من اعتراض البعض الذين قالوا بحرمانية التصوير.
العذراء والطفل مع القديسة آن والقديس يوحنا المعمدان
ومع الوقت بدأ هذا الفن ينتشر، ويدخل إلى الكتب الدينية بألوان من الزخرفة، كما بدأ "التصوير الإسلامى" ويتوسع ويتناول أحداث من حياة الرسول، وباتت كثير من المخطوطات التى تتناول قصص الأنبياء والرسل والصالحين تنتشر فيها تلك الصور التى تمثل جوانب من حياتهم، غير أن القرآن الكريم -بحسب عكاشة- ظل على مر العصور لا يمسه التصوير من قريب أو بعيد، وإن كانت طبعاته المختلفة قد حفلت بزخارف عدة.
تمثال موسى بنحت مايكل آنجلو، من أعمال عصر النهضة الشهيرة.
وأشار ثروت عكاشة إلى أن أقدم لوحة رسمت وكانت ترمز للنبي، موجودة فى نسخة من كتاب "الأغاني" لأبى فرج الأصفهانى ويقال إنها تصور لقاء النبى بوفد نجران، إلا أن هذه الصورة مختلف حول حقيقة موضوعها، أما أقدم رسومات ترمز للنبى بشكل واضح، فهى الموجودة فى مخطوطة كتاب "الآثار الباقية" للبيرونى والذى يرجع تاريخه إلى عام 1307، بالإضافة إلى الرسومات الموجودة فى نسخة كتاب "جامع التواريخ" للشاعر والمؤرخ الفارسى خوند مير.
الضربة الرابعة من ضربات مصر، بغزو الذباب قوم فرعون، بريشة جيمس تيسوت، القرن التاسع عشر.
تمثال داوود لـ مايكل أنجلو
سالومى ورأس يوحنا كارافجيو
فسيفساء تظهر وجه النبي موسى، في كاتدرائية القديس لويس، ميسوري، الولايات المتحدة.
لوحة الملاك يمنع التضحية بإسحاق للرسام الهولندي رامبرانت فان راين
لوحة بشارة الملاك لزكريا، رسم الفنان دومينيكو جيرلاندايو (1449 - 11 يناير 1494) - تاريخ اللوحة (1490)،
موسى بعد أن رمى بتاج فرعون، من قصص المدراش التفسيرية، بريشة جان ستين، القرن السابع عشر.
موسى ضمن جداريات كنيس دورا أوربوس قرب دير الزور، أقدم كنيس باقي في العالم.