يلى انت بيتك قش مفروش بريش يطلع عليه الريح يصبح مافيش
عجبى عليك حواليك مخالب كبار وملكش غير منقار وقادر تعيش
عجبي
وبرباعية العملاق الراحل صلاح جاهين أستهل مقال اليوم، إذ بين سطورها وأحرف كلماتها ما يتطابق مع موضوعنا من خلال صورة مجازية شديدة الروعة، عميقة التأثير .
أما عن مبادة "احنا معاك" فلم أكن أول الأقلام التى انفعلت وتأثرت بها لتبادر بالكتابة عنها والإشادة بها كمبادرة إنسانية شديدة الرقى، نبيلة الهدف، ولكن فضلت الانتظار والترقب والمتابعة كى يطمئن قلبى لسلامة الأداء وإخلاص العمل ودقة التنفيذ، لأكتب كل كلمة من كلمات مقالى، وأنا على يقين تام من صحتها .
فقد صادفت واقعة معينة منذ أيام قليلة عندما اتصلت بى ابنتى وهى منزعجة لتسألنى عن إمكانية وجود جاكيت ثقيل بسيارتى أم لا، وبكل أسف لم يكن معى، ذلك بعد أن صادفت بأحد الشوارع شاب يرتجف من شدة البرد مرتديا تى شيرت صيفى فقط، جالساً على أحد الأرصفة لا يمد يده ليطلب العون ولا يستجدى أحد، فله من الكرامة والكبرياء ما يحول بينه وبين السؤال!.. ثم فكرت لوهلة أن أتوجه للمكان وأبحث عن رداء ثقيل لأشتريه له، ولكن سرعان ما تراجعت بعد أن تذكرت ما سمعته ورأيته عن تلك المبادرة الراقية، وقررت أن أتحقق من إمكانية الاستجابة وحسن التصرف الذى تردد على مسامعى مرات ومرات، فسألت عن الرقم الذى خصصته وزارة التضامن للإبلاغ عن الحالات المستحقة واتصلت به لأبلغ عن مكان هذا الشاب المتعفف، وبسرعة لم أكن أتوقعها تم الرد واستقبال كل البيانات الخاصة بالمكان ومواصفات الحالة، ثم تحققت من المسئول الذى يحدثنى عن موعد التوجه للمكان للبحث عن الشاب، إذ أننى تصورت أنه ربما يكون بالغد فالوقت كان متأخراً قرابة التاسعة مساءً، وكان الرد الذى لم أتوقعه أيضاً بإمكانية بالتوجه الفورى للمكان .
وطلب منى المتحدث ترك بياناتى الشخصية ومعاودة الاتصال باليوم التالى للتأكد من إنقاذ الحالة وإتمام المهمة، وقد كان بالفعل عزيزى القارئ إحقاقاً للحق وإنصافاً لكل عمل مخلص ينحاز للشعب ليرفع عنه بعض معاناته، فقد وصل فريق الإنقاذ للشاب المتعفف الذى لا يسأل الناس إلحافا وقاموا بما يلزم مشكورين .
وقد سجلت ورصدت وسائل الإعلام بجانب وسائل التواصل الاجتماعى العديد من الحالات التى تستدعى سرعة الإنقاذ، وبالفعل قد تمت الاستجابة الفورية من فرق العمل التى تم تشكيلها من برنامج (أطفال بلا مأوى) التابعة لوزارة التضامن الاجتماعى، والتى أعلنت رسمياً عن إنقاذ ١١١٥ مشردا بلا مأوى حتى أسابيع قليلة، وما زالت العمليات مستمرة على أمل منا بأن تتوسع تلك النوعية من المبادرات الاستثنائية لتتأكد بقوانين جديدة تحمى المواطن المصرى من تقلبات الزمن المفاجئة والتى لا ترحم ليشعر بالأمان ويطمئن لوجود السند والظهر الذى يتكأ عليه إذا ما مالت به الأحوال وضاق به العيش كحق مشروع من حقوقه التى تتلخص فى العيش والحرية والكرامة الإنسانية .
كل الشكر لمن تأثر وفكر ووجه وقرر وفعّل تلك المبادرة الطيبة وما على شاكلتها من مبادرات، تهدف لصون كرامة المواطن وإنقاذه قدر الإمكان من السقوط فى مستنقعات الاحتياج التى تعرضه للذل والمهانة .
فقد قال سبحانه وتعالى ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾. (البقرة ٢٧٣).. أملاً فى سن قوانين جديدة تكفل للمواطن المصرى حقه بالمسكن والملبس والمأكل والعلاج، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وها قد خطى الرئيس عدة خطوات استثنائية، فهل تتوالى بقية الخطوات على الطريق الصحيح؟