محيى الدين سعيد

" أغدا ألقاك": تعددت الروايات والقصيدة "مبدعة"

الثلاثاء، 12 فبراير 2019 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من فى بلادنا العربية لم تتمايل كل ذرات وجدانه طربا وهياما وصوت "الست" يتردد بقوته المعروفة:
 أنت يا جنة حبى واشتياقى وجنوني
أنت يا قبلة روحى وانطلاقى وشجوني
أغدا تشرق أضواؤك فى ليل عيونى ؟
العبارات الساحرة، المخترقة لكل أسوار مهما كانت صلابتها، هى جزء من أغنية كوكب الشرق الشهيرة " أغدا ألقاك "، التى تألق فى نظمها شعرا "الهادى آدم " الشاعر السودانى الراحل، وأبدع فى رسمها لحنا موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وكان لاثنين من أطرافها "الست والموسيقار " ما لهما من شهرة طافت الآفاق، لكن مبدع الكلمات لم يكن معروفا وقتها، ولا قصة كتابته لها اتفق عليها أحد، بعد أن تعددت الروايات حولها، وتناولتها كتابات وحوارات صحفية عدة.
 تخرج " الهادى آدم " فى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، حاملا درجة الليسانس فى اللغة العربية وآدابها، وحصل على دبلوم عال فى التربية من جامعة عين شمس، ثم حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة الزعيم الأزهرى بالسودان وعمل معلما بوزارة التعليم بمدينة رفاعة، وكانت أكثر الروايات شيوعا حول قصة مولد رائعته " أغدا ألقاك "، أنه وحين كان يدرس بالقاهرة، هام عشقا بفتاة مصرية، كانت زميلة له فى الجامعة، وحين تخرجا، تقدما إلى أسرتها طالبا الزواج من محبوبته، لكن طلبه قوبل بالرفض الشديد من رب الأسرة، وكذلك قوبلت كل محاولاته للدفع بوسطاء لإقناع الأب بتزويج ابنته من الطالب الخريج حديثا.
على الفور، حزم الشاعر الحزين أمتعته عائدا إلى السودان، واعتكف مرافقا حزنه على محبوبته، وبحسب الرواية الشائعة، لجأ الشاعر المكلوم إلى شجرة، واعتبرها صاحبا يبثه همومه، ليفاجأ فى احد الأيام برسالة من محبوبته، تخبره فيها بموافقة والدها على الزواج، ليسارع من جديد إلى حزم أمتعته، عائدا هذه المرة إلى القاهرة، ووسط مشاعر فرحته العارمة، توجه إلى صديقته الصامتة "الشجرة " لتشاركه فرحته، وتحت ظلها، كتب:
 
أغدا ألقاك ؟ يا خوف فؤادى من غد
يا لشوقى واحتراقى فى انتظار الموعد
وواصل الهادى، يحكى تارة عن فرحته، وأخرى عن قلقه مما ينتظره فى غده:
آه كم أخشى غدى هذا.. وأرجوه اقترابا
ورسم الهادى بكلمات رائعة أحلامه للمستقبل قائلا:
وغدا تأتلق الجنة أنهارا وظلا
وغدا ننسى فلا نأسى على ماض تولى
وعن وصول القصيدة إلى يد كوكب الشرق، تقول الرواية أن أم كلثوم زارت السودان عام 1968 لتغنى لمصلحة المجهود الحربى بعد نكسة 1967 فى إطار جولتها فى عدد من الدول العربية فى ذلك الوقت، وهى الزيارة التى استقبلها فيها أبناء السودان استقبالا رسميا وشعبيا أسطوريا، وغنت أم كلثوم فى الخرطوم وهى ترتدى "الثوب السودانى "، ا وأعلنت وقتها أنها ستغنى لعدد من الشعراء العرب، ووقع اختيارها من الشعر السودانى على " أغدا ألقاك "، لتغنيها فى العام 1971 بالقاهرة.
 *الرواية الثانية، وهى الأقل ذيوعا، تتحدث عن أن الشاعر السودانى الهادى آدم، كان يحلم بأن تغنى أم كلثوم، شعرا له، وحضر إلى القاهرة، وحصل على موعد مع كوكب الشرق ليعرض عليها مؤلفاته، وفى الليلة السابقة على الموعد، ظل فى الفندق الذى نزل به فى قاهرة المعز يحدث نفسه باللقاء المرتقب، وتباينت مشاعره بين الفرحة والقلق، ليجرى قلمه بترجمة هذه المشاعر فى رائعته " أغدا ألقاك "، ويحملها إلى "الست " بدلا من قصائد أخرى، كان يجهزها.
رواية ثالثة تقول أن الشاعر السودانى لجأ إلى صديقه الكاتب الصحفى الراحل صالح جودت، ليتوسط له لعرض ابداعه على السيدة أم كلثوم، والتى رحبت بجودت وآدم، وعرضت قصيدة الأخير على الموسيقار محمد عبد الوهاب، والذى كان يستعد للسفر إلى لبنان، وحمل القصيدة معه إلى هناك، حيث بدأ على الفور فى تلحينها، لتغنيها أم كلثوم على مسرح دار الأوبرا فى العام 1971.
 الشاعر السودانى الهادى آدم توفى عن عمر يناهز 80 عاما، وقدم خلال رحلته للمكتبة العربية عددا من الأعمال والإصدارات الشعرية كان أولها ديوانه (كوخ الأشواق) ثم (نوافذ العدم) و(عفوا أيها المستحيل)، إلى جانب مسرحيته الشعرية (سعاد).
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة