بأنغام متجانسة وصاخبة يصحبها قرع الطبول وحركات رقص خاصة وارتداء ثياب وأقنعة غريبة الهيئة، تميز الرقص الأفريقى عن غيره من فنون الرقص المتعارف عليها، والتى يشتهر بها شعب عن سائر الشعوب من حوله.
جاء الأفريقى القديم بهذا الفن البديع من وحى طبيعته الأفريقية وحياته اليومية المملوءة بالحيوية والبعد عن النمطية وأصبح الرقص لديه أسلوب حياة وليس مجرد طقس هام من طقوس احتفالاته، ففيه تراثه وثقافته.
والرقص الجماعي هو الشكل الفريد للرقص الإفريقي يحتل صدارة الفنون هناك منذ القدم، يمارسه الكهل قبل الشاب الرجل والمرأة الغنى والفقير وتقوم فكرته على تكوين دائرة من الراقصين تعبيرا عن دورة الحياة المتكونة من الولادة مرورا بالشباب والدراسة ثم العمل والزواج ونهاية بالموت.
فيما تختلف إيحاءات ومغزى تلك الرقصات وفقا للانتماء القبلى والدينى بجانب المنطقة الجغرافية لكل دولة أفريقية فبعضها يعبر عن الخير والآخر عن الحب أو ربما عن الغضب والحرب، فهى ليست رقصات عابرة لإثارة الإعجاب من قبل المتابعين بل يستخدمونها كوسيلة بارزة من وسائل التواصل الاجتماعي فيما بينهم، وحتى الآن لم يذكر التاريخ تفوقا لحضارة قط فى فنون الرقص مثل الذى برهنه للقارة السمراء وقدرتهم البالغة فى تجسيد الشعور الإنسانى.
فقد خلد التاريخ لوحة بارعة منحوتة على إحدى صخور جنوب إفريقيا و التى استنسخها الرسام "جورج ستاو" ليعرضها فى عام 1867 وأظهر خلالها رجلا يرقص ممسكا بعصا رفيعة طويلة ويقف خلفه خمسة من الرجال يقلدونه فى حركاته رافعين أرجلهم اليمنى، وأيديهم قليلا إلى الأمام مثله.
و فى قرون سالفة لم يرقص الافريقى تعبيرا عن الفرح والسعادة فقط بل رقص عند استقبال مولود جديد وفى الأعراس ودق الطبول ليعبر عن الهمة والنشاط خروجا للصيد مثل رقصة "ياموسوكرو"، كما قرع الطبول أيضا معلنا الحرب ورقص فى أوقات السلم والظفر كذلك، أما عند الجفاف فلهم عادتهم النادرة من الرقص والغناء لاسترضاء الآلهة حتى يهطل المطر ويعم الرخاء والخير على بلادهم.
ومن أشهر هذه الرقصات رقصة الخصوبة "أوانجالادوجو" والتى اشتهر بها إقليم غرب أفريقيا، بالإضافة لجنوب السودان الذى يمتلك عشرات الرقصات الشعبية يؤدونها فى مختلف المناسبات والتى جمعت بين أصالة الماضى وبين الحاضر والمستقبل،أما عن قاطنى موريتانيا والسنغال ومالى فبرعوا منذ القدم فى مزج النزعة الصوفية وروحية مع الرقص الأفريقي، ليكون بهذا خليطا مميزا من الطبول القوية والرقصات الجماعية فى الطقوس الاحتفالية الخاصة بهم.
لقد كان ومازال لأهل القارة السمراء الريادة فى استخدام الرقص لاستلهاب الحماسة والحث على العمل والتخلص من الضغوط النفسية ليس فقط لكونه وسيلة للاستمتاع والإثارة والترفيه والاحتفال بالطقوس الدينية والاجتماعية المختلفة، ليصنعوا بهذا طابعهم الخاص ويبرزوا به هويتهم الفريدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة