لم تكن العلاقات المشبوهة بين إيران وقطر وليدة السنوات الأخيرة، بل امتدت جذور خيانة الأسرة الحاكمة فى الدوحة "آل ثانى" إلى عقود مضت من الزمان، كانت كخنجر مسموم فى ظهر العرب، ففى تسعينيات القرن الماضى بينما كان يرتفع حجم التوجس الخليجى من سياسات الملالى، أغمضت الدوحة أعينها عن عبثية طهران، وتحركاتها المريبة فى الإقليم، وبدا واضحا انحياز "آل ثانى" نحو تنامى العلاقات مع الجهات المشبوهة فى هيكل النظام، وعمقت أكثر بعد المقاطعة العربية للدوحة إثر دعمها للإرهاب فى العالم.
ثورة الخمينى
منذ ثورة الخمينى عام 1979، كانت قطر دويلة عربية فى الخليج حديثة التأسيس، غير أنها الأولى التى خدمت الأيدلوجية التوسعية الإيرانية فى المنطقة، ورغم شعور البلدان العربية والخليجية من الخطر الداهم من إعلان إيران تصدير ثورتها إلى المنطقة، وصفت قطر علاقتها مع إيران بالودية والمتميزة منذ الثورة وحتى الآن واستخدمتها كورقة ضغط على خصومها
دور خاتمى ورفسنجانى فى اختراق قطر
وفى مطلع التسعينات وسعت الدوحة لتوثيق علاقاتها مع مختلف الرؤساء المتعاقبين على إيران، وفى 1997 عرض الرئيس الإيرانى الأسبق هاشمى رفسنجانى على الدوحة، تقديم أى مساعدة تقنية واقتصادية وصناعية، ولم تتـأثر العلاقات بين البلدين حتى خلال الحرب العراقية الإيرانية، رغم اصطفاف الخليج بأكمله خلف الرئيس العراقى الراحل.
وشهدت العلاقات بين البلدين المزيد من التطور خلال زيارة الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى لقطر فى مايو 1999، واعتبرت من أنجح الزيارات وتم توقيع 7 اتفاقيات ومذكرات تفاهم تعلقت بالتعاون العمالى والاجتماعى والاستثمارات المتبادلة، ودعمت إيران قطر لاستضافة مؤتمر القمة الإسلامى حينها، وتطورت العلاقات بعد انتخاب الرئيس الإيرانى السابق المتشدد محمود أحمدى نجاد، وبلغ التعاون مع إيران ذروته عندما دعت قطر نجاد فى عام 2007 لحضور مؤتمر قمة الخليج فى الدوحة كضيف شرف.
31 يوليو 2006، وقفت قطر إلى جانب طهران، وصوتت ضد قرار مجلس الأمن رقم 1696 حول الملف النووى الإيرانى والذى دعا طهران إلى إبداء المزيد من الشفافية، بينما كانت دول الخليج تعيش حالة من القلق تجاه الانشطة النووية وتدعو المجتمع الدولى إلى اتخاذ مواقف صارمة منها.
وكانت زيارة أمير قطر السابق، حمد بن خليفة آل ثانى، إلى طهران عام 2000، بدعوة الرئيس الأسبق خاتمى، حلقة جديدة فى سلسلة التقارب، حيث كان أول زيارة يقوم بها حاكم دولة خليجية منذ 20 عام، وسبق أن زارها فى 1998 للمشاركة فى مؤتمر القمة الإسلامية، ومنذ ذلك الحين لم تنقطع زيارة المسئوليين القطريين إلى إيران.
حمد وخامنئى
حمد بن خليفة واتفاقات الحرس الثورى
وفى عام 2015، حدث تغييرا جذريا فى العلاقات، حيث قامت قطر. بتوقيع اتفاقيّة أمنيّة فى 18 أكتوبر من عام 2015 لمكافحة الجرائم فى المياه الحدوديّة للبلدين. وسبقت هذا الاتفاق الجديد مجموعة من اللقاءات والتفاهمات بين الدولتين. ففى 2010، زيارة أمير قطر السابق طهران، والتقى بالمرشد الإيرانى الأعلى على خامنئى، ليشمل الاتفاق التعاون الأمنى بين الحرس الثورى والجيش القطرى أيضا، حيث استقبلت قطر سفناً عسكرية للحرس الثورى الإيرانى، حاملة قيادات عسكرية إيرانية لإجراء لقاءات من أجل التوصل إلى تفاهمات أمنيّة بين الطرفين. وقد حضر الاجتماع سفير إيران فى قطر عبدالله سهرابى والممثّل العسكرى فى السفارة ما شاء الله پورشه، وانتهى إلى توقيع اتفاقية أمنيّة بين البلدين.
وكانت الدوحة أول دولة خليجية، رحبت بالاتفاقية النووية التى وقعتها إيران مع الغرب، فى يوليو 2015، وفى نفس التاريخ نشرت "سى ان ان" مقابلة مع وزير الخارجية القطرى، خالد العطية، أكد فيه على أن بلاده تدعم الاتفاق الذى توصلت إليه إيران حول برنامجها النووى مع مجموعة (5+1).
وعقب تصاعد الحرب الكلامية بين الخليج وإيران، فى يناير 2016 اثر توترات نجمت عن سياسات طهران فى المنطقة، وقيام أغلب الدول الخليجية بسحب الدول سفرائهم من طهران بسبب الهجوم على سفارة المملكة فى طهران، اكتفت الدوحة باستدعاء سفيرها وتمسكت بعلاقات قوية مع حكام طهران، وإعادته لاحقا فى 2018 واستأنفت العلاقات الدبلوماسية.
2017 الدوحة مستعمرة إيرانية
وأصبحت قطر السنوات الأخيرة مطمع الدولة الشيعية ولقمة سائغة فى فم الدولة العميقة فى إيران، واستهدفت طهران السيطرة على قرارات الدويلة الصغيرة، ومنذ بداية المقاطعة تحول المسئولين الإيرانيين إلى النقيض من قطر فبعد أن كان يصف إعلام طهران تميم بعراب الإرهاب، دافع المسئولون عن سياسات تميم. فضلا عن واستقوت قطر بعناصر الحرس الثورى وقدرتهم وفق تقارير إعلامية خليجية ما يقرب من 10 آلاف جندى وضابط إيرانى، بالإضافة إلى تحركاتها المشبوهة داخل الدوحة للسيطرة على مفاصل الإمارة وصنع القرار، وهو ما تبادر إلى الأذهان التصريح الشهير للنائب الإيرانى على رضا زاكانى، والذى قال فيه أن "أربع عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وتابعة للثورة الإيرانية الإسلامية" (لبنان، العراق، سوريا، اليمن)، لتصبح فطر العاصمة الخامسة التى تدخل تحت وصاية طهران.
تفقد الاتحاد الإيرانى لكرة القدم لمنشآت قطر الرياضية
بضوء أخضر قطرى.. الحرس الثورى يشارك فى تنظيم مونديال 2022
وبضوء أخضر قطرى يشارك الحرس الثورى تنظيم منونديال 2022، حيث عقد صفقة فى 2017 تتضمن اتفاقا تم توقيعه بين اتحاد كرة القدم القطرى ونظيره الإيرانى، يقتضى بمنح الدوحة إمكانات أكاديمية "اسباير" الرياضية تحت تصرف المنتخبات الإيرانية، والشق الآخر منها يناقش احتمالية مشاركة إيران فى افتتاح مونديال 2022، عبر منحها جزيرة "كيش"، الواقعة جنوب إيران فى مياه الخليج والتى تعد منطقة حرة لصالح كأس العالم.
ووجه الاتحاد الإيرانى لكرة القدم دعوة لنظيره القطرى لزيارة جزيرة كيش الإيرانية، لدراسة كيفية استخدامها لصالح برنامج تنظيم كأس العالم 2022، كما فتحت قطر الباب أمام إيران وتحديدا الشركات التابعة للحرس الثورى للمشاركة في الأعمال الإنشائية والخدمات الخاصة بتنظيم كأس العام 2022. وحاولت إيران الحصول على حصة من أعمال البنية التحتية للمنشآت المخصصة لبطولة كأس العالم.
شقيقة مولت صناعة السينما فى إيران
مولت الدوحة بشكل مباشر الأفلام الإيرانية، وكشف طهران فى 2017 عن تمويل "مؤسسة الدوحة للأفلام" المملوكة لـ"المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثان" شقيقة أمير قطر لفيلم "البائع" الإيرانى الحاصل على أوسكار 2017. لكن لم تتمكن الأموال القطرية من تصحيح صورتها، إذا تعالت الأصوات الاحتجاجية داخل طهران على تمويل المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثان للفيلم، وحذر إعلام طهران مخرج الفيلم أصغر فرهادى من "دولارات الإرهاب القطرية" والتمويل المشبوه لشقيقة تميم للفيلم - بحسب وصفه، وقال الصحفى الإيرانى الشهير شريعتمدارى نائب المرشد الأعلى للشئون الصحفية بصحيفة كيهان، إن دولارات قطر"الداعم الأصلى للإرهاب التكفيرى فى المنطقة" قادت الفيلم إلى الأوسكار.
مسئول قطري يتبرك بقبر الخمينى
مسئولى تميم يتبركون بقبر الخمينى
وفى عام 2011 زار وزير الثقافة القطرى حمد بن عبدالعزيز الكوّارى، والتقطت له صورة وهو فى زيارة لقبر مؤسس الجمهورية آية الله الخمينى، قال اعلام إيران أنه زار خلال الزيارة العديد من الأضرحة الشيعية فى مدينة قم ومشهد، والتقى بعلماء الشيعة فى إيران، فى إطار السياسات القطرية المشبوهة فى تعزيز علاقتها بإيران على مدار السنوات الماضية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة