يشارك الرئيس السيسى، مع ما يقرب من 35 رئيس دولة وحكومة و80 من وزراء الدفاع والخارجية و600 من خبراء السياسات الأمنية حول العالم، فى أعمال الدورة الخامسة والخمسين لمؤتمر ميونيخ للأمن، أهم مؤتمر أمنى وسياسى على مستوى العالم، حيث يعكف قادة الدول عبر فعاليات المؤتمر أو على هامشه، على استعراض مختلف قضايا العالم وما يواجهه من تحديات وعقد الاتفاقيات التى تصب فى مصالح بلدانهم.
وينعقد مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، فى ظل ظروف استثنائية يمر بها العالم، فهناك نهوض لتحالف روسيا والصين فى مواجهة الولايات المتحدة، كما أن الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب تدير ظهرها لحلفائها التقليديين فى أوروبا واليابان وتعتبرهم منافسين محتملين على مستوى الاقتصاد، وهناك حالة من الرعب تجتاح أوروبا لدرجة أن يعلن رئيس المؤتمر ولفجانج ايشينجر أن العالم الليبرالى الحر أصبح على حافة الهاوية، داعيا القادة إلى تحمل مسؤولية أكبر إزاء تقويض المؤسسات التى بنيت على مدى عقود طويلة، وفى مقدمتها حلف الناتو الذى يهدد ترامب بالانسحاب من عضويته وإجهاض التحالف العسكرى الذى يحمى أوروبا ويشكل مفهوم الغرب.
الرئيس السيسى كان أول المتحدثين خلال الجلسة الرئيسية للمؤتمر فى ثانى أيامه صباح السبت، وطرح رؤية مصر لسبل التوصل إلى حلول سياسية لمختلف الأزمات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط، فى ضوء ثوابت سياسة مصر الخارجية التى تستند إلى الحفاظ على كيان الدولة الوطنية، وترسيخ تماسك مؤسساتها، وقواتها الوطنية النظامية واحترام سيادة الدول على أراضيها وسلامتها الإقليمية، وكذا جهود مصر فى إطار مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
كما استعرض الرئيس السيسى رؤية مصر لتعزيز العمل الأفريقى خلال المرحلة المقبلة، فى ضوء الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى للعام الجارى 2019، من خلال دفع التكامل الاقتصادى الإقليمى على مستوى القارة، وتسهيل حركة التجارة البينية، فى إطار أجندة أفريقيا 2063 للتنمية الشاملة والمستدامة، فضلا عن تعزيز جهود إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات.
رؤية مصر لمواجهة الإرهاب والفوضى بتدعيم استقرار الدولة الوطنية ووقف برامج تفجير المجتمعات من الداخل بالحروب الأهلية ودعم التنظيمات الإرهابية، أصبحت تجد آذانا صاغية خصوصا فى أوروبا القريبة جغرافيا من الدول العربية المبتلاة ببرامج الفوضى الخلاقة والجماعات الإرهابية، كما أصبحت أوروبا تنادى بما يمكن أن تعتبره نظرتها الخاصة فى معالجتها للقضايا الدولية والاقتصادية بمعزل عن وجهة النظر الأمريكية، حدث ذلك فى مؤتمر وارسو بشأن طرق التعاطى مع الملف الإيرانى، فرغم اتفاق عديد من الدول المشاركة فى المؤتمر مع الولايات المتحدة على ضرورة مواجهة دعم طهران للإرهاب إلا أنها أعلنت دعم الرؤية الأوروبية فى التعامل مع الملف الإيرانى، وفى مؤتمر ميونيخ أيضا، شهدت جلسات المباحثات انحيازا أوروبيا لدعم الدول المستقرة فى مواجهة الحركات والتنظيمات المتطرفة والجماعات المنشقة التى يجرى توظيفها سياسيا.
وباتت كثير من الدول الأوروبية أقل ثقة فى البرامج الأمريكية الخاصة بإعادة هيكلة وتقسيم دول منطقة الشرق الأوسط إلى مزيد من الدويلات المتناحرة بواسطة جماعات التطرف والإرهاب، لأن المحصلة الأولية لهذه البرامج التدميرية، كانت وصول الجماعات الإرهابية إلى قلب أوروبا ووقوع عمليات التفجير والطعن والهجوم على المواطنين الآمنين، بالإضافة إلى وصول ملايين اللاجئين إلى حدود الدول الأوروبية مما يهدد المجتمعات الأوروبية أمنيا وثقافيا واقتصاديا.
وكم كانت لافتة دعوة رئيس مؤتمر ميونيخ ولفجانج ايشينجر، المشاركين فى المؤتمر للاستماع إلى صوت العقل لتوفير الإرادة السياسية اللازمة لحل وتسوية النزاعات سواء فى أوروبا أو خارجها، معربا عن قلقه من تراجع الثقة وتأجيج الصراعات، وهو ما يعنى أن أوروبا ضاقت من الصراعات والحروب الأهلية والصراعات على حدودها وهى موقنة أن هذه الصراعات والحروب يمكن أن تنتقل إلى الداخل الأوروبى، فى ظل استمرار الاستقطاب العالمى بين روسيا والصين من ناحية والولايات المتحدة من ناحية أخرى، وانشغال الدول الأوروبية فى أزماتها الداخلية من بريكست إلى اللاجئين المتمركزين فى تركيا إلى سعى أردوغان إلى إحياء الدولة العثمانية من جديد.. وللحديث بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة