أذاع راديو صنعاء يوم 18 فبراير- مثل هذا اليوم- 1948 بيان الثورة.. «راجع- ذات يوم 17 فبراير 2018»، وأعلن البيان تعيين عبدالله الوزير إماما دستوريا، وفقا للدكتور صفوت حسين فى دراسته «الإخوان وثورة اليمن 1948»، مضيفا: «أذيع أسماء مجلس الوزراء والشورى وكبار الموظفين وبنود الميثاق الوطنى المقدس، وتوافدت الوفود ومشايخ القبائل تبايع عبدالله الوزير بالإمامة، وقام بتوزيع الأسلحة والذخائر والنقود لأهل صنعاء، ولكل من وفد من القبائل لتأييده وللمحافظة على صنعاء، والدفاع عنها، وفى الجمعة 20 فبراير احتشد الناس فى كل نواحى اليمن للمبايعة وتقديم الطاعة فى اجتماع حاشد بالجامع الكبير فى صنعاء، حيث قرأ عليهم الميثاق فأبدوا عظيم الاستبشار به وبالعهد الجديد».
يؤكد حسين، أنه فى نفس اليوم «18 فبراير» بعث «أحمد بن الإمام يحيى» إلى العاهل السعودى الملك عبدالعزيز رسالة فيها: «إن خطورة ماحدث لا تقف عند حدود اليمن، لأن الثورة ومقتل أبيه وليد حركة من يسمون أنفسهم بالأحرار والإخوان المسلمين، وكلاهما خطر على العروش والأسر والملوك وعلى الدين»، وطالب الملك عبدالعزيز بتناسى ما كان بينهما من خلاف، وأنه سيكون له ابنا إذا رضى أن يكون له أبا مستمدا منه النجدة والمؤازرة»، واستجاب الملك عبدالعزيز وأمده بالمال والسلاح.
يذكر حسين، أن أول إشارة علنية إلى دور الإخوان جاءت فى جريدة «أخبار اليوم» بالقاهرة التى تصدر صفحتها الأولى فى 21 فبراير 1948 مانشيت: «الحكومة اليمنية الجديدة تدعو الشيخ حسن البنا لاستشارته».. وأرسلت الحكومة برقية لعبدالرحمن عزام، أمين عام الجامعة العربية، نصها: نرجو تفضلكم بوصولكم ومن تستحسنون حضوره من رجال الحكومات العربية، وعباقرة رجالها مثل الأستاذ البنا ومن ترون»، وفى 22 فبراير أعادت جريدة الإخوان التأكيد على تأييدها للثورة، ويذكر الدكتور حمادة حسنى، أستاذ التاريخ بجامعة قناة السويس، فى دراسته «قصة انقلاب حسن البنا على الإمام يحيى- اليوم السابع 16 و23 أكتوبر 2008»، أن صحيفة الإخوان نشرت يوم 21 فبراير 1948 وثيقة «الميثاق الوطنى المقدس»، مؤكدة: «هذا الميثاق تم إعداده وكتابته فى مركز الجماعة بالقاهرة».
يمسك «حسنى» الخيط من أوله، مشيرا إلى أنه فى 1937، جاء إلى القاهرة، الطالبان، أحمد محمد النعمان، ومحمد محمود الزبيرى، والتحق النعمان بجامعة الأزهر، والزبيرى بكلية دار العلوم، وتقابلا فى القاهرة بشخصيات يمنية رافضة للأوضاع تحت حكم الإمام، ومن هؤلاء الضابط محيى الدين العنسى، وكان ضمن بعثة عسكرية تتلقى دورة تدريبية فى العراق، وجاء إلى القاهرة بدلاً من العودة إلى صنعاء، وزامله ضباط آخرون، وبعد مداولات كونوا تنظيم «كتيبة الشباب اليمنى» عام 1939..يؤكد حسنى، أن النعمان والزبيرى، تعرفا بحسن البنا بعد مجيئهما إلى القاهرة، الذى اهتم بهما وانضما إلى الجماعة، ومعهما يمنيون آخرون..ويشير إلى أن البنا فى نفس الوقت ارتبط بعلاقة وطيدة مع الإمام يحيى وولى عهده «سيف الإسلام أحمد»، وتبادل البنا ويحيى المراسلات.
عاد الزبيرى والنعمان إلى صنعاء، وبنصيحة البنا شكلا جماعة «شباب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، وبدأ الاثنان فى نشر برنامج الجماعة بالمساجد، فغضب الإمام يحيى وأمر بسجن الزبيرى، وظل بالسجن 4 شهور، خرج بعدها ليقرر هو والنعمان السفر إلى عدن المحتلة من الإنجليز، وكونا جماعة «اليمنيين الأحرار» أو «حزب الأحرار»، ولأن الاحتلال الإنجليزى يمنع قيام الأحزاب، تم تغيير الاسم إلى «الجمعية اليمنية الكبرى»، وأصدرت جريدة «صوت اليمن».. وفى موسم الحج 1946، التقى البنا بالقاضى عبدالله الشماخى، المبعوث من عبدالله الوزير، وطلب فتح أبواب الجماعة للشباب اليمنى الذى يأتى إلى القاهرة للدراسة، وإرسال مدرسين مصريين «إخوان» فى بعثات لليمن، وكان من هؤلاء الدكتور مصطفى الشكعة، عميد كلية الآداب بجامعة عين شمس فيما بعد، والمشرف على الإذاعة فى صنعاء عقب مقتل الإمام يحيى، وأرسل «الفضيل الورتلانى»، للتنسيق بين المعارضة فى الداخل والخارج، وسافر كمندوب عن محمد محمد سالم «زوج زينب الغزالى» صاحب شركة أتوبيس الشرقية، وأسس فى اليمن شركة تجارية، ورافقه الدكتور أحمد فخرى، عالم الآثار الشهير وعضو الجماعة وقتئذ، وكان سفره بغرض عمل دراسات عن آثار اليمن.
يذكر «حسنى» أن الورتلانى عاد إلى القاهرة وتقابل مع البنا، واتفقا على ضرورة تغيير الإمام يحيى، ووضعا «الميثاق المقدس» كمشروع للتغيير، ويجعل اليمن نواة لدولة الإسلام إذا نشأت ونمت على مبادئ قرآنية، وعاد الورتلانى إلى اليمن، واستطاع أن يؤلف بين المعارضين، ووقعوا على «الميثاق» فى 14 سبتمبر 1947، قائلاً: «هذا الميثاق تم بمعرفة واطلاع ومباركة زعيم الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا»، واختير عبدالله الوزير إماما فى حالة نجاح الثورة، وأجلوا التنفيذ إلى ما بعد وفاة الإمام يحيى، الذى يبلغ الثمانين، ومريض ويتحرك بصعوبة، وأعدت فى عدن خطة الثورة والبيان الذى سيصدر بإعلانها، وقامت «الإخوان» بطبع هذا كله، لكن عجلت بالتنفيذ، يوم 17 فبراير 1948، وفشلت الثورة فى يوم 13 مارس 1948، بعد 26 يومًا فقط، وتم إعدام أكثر قياداتها، فى ميدان عام ببلدة «حجة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة