مجدداً نسأل..
هل مازال بين صفوف هذا الوطن مخطوفون ذهنيا، يظنون أن الإخوان لا علاقة لهم بالإرهاب؟، هل متعاطو الترامادول السياسى، مازالوا على موقفهم متعاطفين ومتعاونين مع جماعة لم تنتج ولم تقدم لمصر سوى الإرهاب والعنف والتطرف والكراهية؟ ثم يبقى السؤال الأخير هل مازال نشطاء التمويل والخيبة الحزبية يرون فى فضائيات الإخوان قنوات إعلامية أم هداهم الله واكتشفوا حقيقة كونها منابر تحريض على العنف والإرهاب؟ وهل مازالوا يؤمنون بأن شباب الإخوان الهاربين فى تركيا وقطر مضطهدون منفيون أم كشفت لهم تغريدة الإخوانى أحمد المغير الأخيرة المحرضة على التفجير وتفخيخ المنازل حقيقة كونهم عناصر إرهابية يملأ قلبها الحقد والكراهية والتطرف؟
لا وقت لتنظيراتك الساذجة والمتفقدة للمنطق والمعلومات يا عزيزى، مصر تخوض حربا مستمرة، حتى الآن نقف فيها منتصرين متماسكين والفضل لشجاعة من يحارب على الجبهة الأمنية، ولإصرار من يحارب بالبناء على جبهة إعادة تأسيس أركان هذه الدولة وتحسين صورتها أمام العالم.
الأمر أبسط مما تتخيل هوية إرهابى الدرب الأحمر ومستواه التعليمى والمادى تكشف لك الحقيقة التى تهرب منها، حقيقة كراهية مصر والرغبة فى الانتقام منها المزروعة فى قلوب وعقول هؤلاء، لا علاقة للأمر بفقر أو سياسة، الأمر فقط كما كان واضحا فى تهديدات الإخوانى محمد البلتاجى: «إما أن يقتلونا ويحرقوا مصر وإما أن يحكموها ويستعبدوننا».. تلك هى معركتنا مع الإخوان وغيرهم من تيارات الإسلام السياسى التى لا تكل ولا تمل من محاربة هذا الوطن، والسعى فى تجنيد شبابه وتحويلهم لعناصر إرهابية تحت مظلة شعارات وهمية تبدأ بنصرة الإسلام وتنتهى بالوطنية، وهم فى ذلك كاذبون لا الإسلام همهم ولا مستقبل الوطن غايتهم.
بعض من التأمل فى شخصية إرهابى الدرب الأحمر يدق جرس إنذار مهم حول ضرورة نسف مصانع صناعة الإرهابيين، فالإرهابى لا تصنعه الصحراء ومعسكرات التدريب فقط، مصنع الإرهاب والإرهابيين ليس هناك فى قلب الصحارى والجبال فقط، تلك مرحلته الأخيرة.
يصنع الإرهابى فى كثير من الأوقات أمام أعيننا، فى قلب مناطق نظنها آمنة، أمام شاشة تليفزيون تبث سموما متطرفة عبر فضائية دينية، أو من فوق «فرشة» كتب مجهولة المصدر منتشرة على أرصفة وسط البلد أو المساجد الشهيرة فى المحافظات، أو داخل مسجد كبير يفرح أهله بشيخ سلفى يجيد البكاء بدروسه وتطمئن الدولة لكلماته طالما لا يخوض فى السياسة، أو داخل سجن حوله سكانه من شيوخ الجماعات الإسلامية إلى مدرسة لزرع التطرف فى عقول الوافدين الجدد.
أدوات صناعة الإرهابى مازالت منتشرة فى شوارعنا حتى الآن، أنا لا أقول ذلك على سبيل المجاز، بل أشرح واقعا مؤلما مجسدا فى اعترافات الإرهابى عادل حبارة أمام جهات التحقيق.
حبارة قال فى الأوراق الرسمية للتحقيقات، إن أول طريقه نحو الأفكار المتطرفة كانت مجموعة من الكتب اشتراها أثناء مروره بالصدفة أمام مسجد الاستقامة بالجيزة، وهو واحد من أشهر المساجد التى سيطر عليها السلفيون فى عهد مبارك، كانت تميزه «فرشة» تزدحم بمئات الكتب مجهولة المصدر بعضها عن التداوى بالأعشاب، وبعضها عن فك أعمال السحر والشعوذة، ولكن الكثير منها كان يتضمن شروحا متطرفة وتأويلا أشد تطرف لفتاوى المشايخ.
يقول حبارة فى أوراق التحقيق: «فى عام 2002 سمعت عن الشيخ محمد حسان، وأنه يلقى درسا كل يوم أربعاء بعد صلاة المغرب فى مجمع التوحيد اللى موجود فى المنصورة، فكنت بأذهب بصفة دورية لحضور تلك الدروس، وتعلمنا فى تلك الدروس أن الديمقراطية كفر ولا توجد أحزاب فى الإسلام، وفيه ناس اتعرفت عليها، وأنا راكب القطار ورايح الدرس لأنهم كانوا بيركبوا القطار معايا من أبوكبير وبيروحوا يحضروا الدروس بتاعة الشيخ محمد حسان وعلاقتى تطورت بهم فى فترة حضور الدروس، وقاطعتهم بعد ثورة 25 يناير لأنهم غيروا مبادئهم، وعملوا ما كانوا يستنكرون على الإخوان المسلمين عمله وراحوا دخلوا فى حزب النور على الرغم من أنهم عارفين إن الأحزاب ليست من الإسلام».
ثم يخبرنا حبارة فى أوراق التحقيقات عن المرحلة الثالثة فى صناعة الإرهابى على يد الشيخ حسان قائلا: «الدروس التى كان يلقيها الشيخ محمد حسان كانت تتناول دروساً فى السيرة النبوية الشريفة، والغضب من أن الشريعة غير مطبقة فى مصر، وخلال تلك المحاضرات أهم ما تعلمته الأصول الثلاثة وهى النسك، والولاء والبراء، ومبدأ الحاكمية، التى يجب الإيمان بها جميعاً على كل امرئ مسلم، والمقصود بمبدأ الولاء والبراء به، إيضاح من يحب المسلم ومن يبغض، وللأسف أن القائمين على الحكم فى البلاد يجب بغضهم لتعطيلهم أحكام الله، وهذا سبب من أسباب الكفر البواح الذى أجمع عليه علماء المسلمين، وكذلك يجب بغض الجيش والشرطة بل إنهم من الكفرة الطغاة المحاربين لشرع الله، والمحاربين لأولياء الله، وكذلك النصارى يجب بغضهم فهم من الكافرين وهم على نوعين من حيث معاملاتهم لقتالهم أو عدم قتالهم، أما فيما يتعلق بمبدأ الحاكمية فهو يقوم أساساً على تحكيم شرع الله سبحانه وتعالى، من الظلم أن يتدخل غير الله فى ملك الله سبحانه وتعالى..وكل الأدلة التى ذكرها الشيخ حسان عن مبدأ الحاكمية تؤكد كفر من لم يحكم بشرع الله».
هنا صنع حبارة فى مدرسة محمد حسان، تعلم الدروس النظرية عن ضرورة بغض الأقباط وقتالهم، وعن كفر الجيش والشرطة والقائمين على حكم البلاد، لأنهم لا يطبقون الشريعة، ثم استكمل تعليمه لينتقل من المرحلة النظرية إلى مرحلة التنفيذ بعد دخوله السجن، ثم هرب من سجن وادى النطرون فى أحداث اقتحام السجون، ويحصل الإرهابى على عفو فى زمن الإخوان وينتقل إلى سيناء، لتطبيق ما تعلمه من محمد حسان وكتب الأرصفة.