منذ الموجات الأولى للإرهاب كانت له دائمًا علاقات إقليمية ودولية، بلغت ذروتها بعد انتهاء حرب أفغانستان، وكان العائدون من أفغانستان ومن ألبانيا يمثلون موجات للعمل بتوجيهات خارجية، اليوم فإن داعش تمثل أحد مصادر الإرهاب المحتملة، والتى تمثل موضوعا للجدل بين الدول الأوروبية وأجهزتها الأمنية.
وقد يجد البعض صعوبة فى الربط بين الإرهابيين فى سوريا ممن ينتمون لداعش وبين الإرهابى الانتحارى الذى فجر نفسه فى الدرب الأحمر، وعلاقة هؤلاء بالإخوان. لكن هناك ألغاز تحيط بحالة الإرهابى الحسن عبد الله العراقى وأسرته، فوالده هرب تقريبًا من مصر، وشقيقه هناك روايات لشهود قالوا إنه سافر إلى أفغانستان وأن الأسرة تحمل الجنسية الأمريكية. فهل كان على اتصال بأسرته أم أنه انقطع عنهم، وأين تلقى التدريبات على التفخيخ، وكيف وصل إلى درجة الكراهية تجاه مواطنيه، خاصة أنه يبدو محترفًا فى الإرهاب. بدليل حجم وشكل المتفجرات والأدوات المضبوطة فى وكره، ومنها قنبلة زمنية تم ضبطها وكميات من الأدوات الخاصة بتركيب المتفجرات. وبالرغم من سقوط ثلاثة شهداء، فقد منعوا عددًا من العمليات الإرهابية كان الإرهابى يتجه لتنفيذها. حتى الآن لم يظهر أى طرف من أهل الإرهابى وأسرته.
نحن بصدد إرهاب يتجاوز المحلية، إلى امتدادات وعلاقات مع الخارج، ويصعب تصور أن يكون الإرهابى وحده، التحقيقات وتحليل المعلومات والعلاقات والاتصالات ربما تكشف عن تفاصيل أخرى، تتعلق بخلايا الإرهاب، وهل هناك علاقات واتصالات للإرهابى الحسن عبد الله مع جهات أخرى بما يشير إلى خلية أو عدة خلايا. وهى تحقيقات تكشف عن صعوبة عمل ضباط الأمن الوطنى وتتم بجهد كبير، وليس على طريقة خبراء السوشيال ميديا ممن يحترفون تحليل الأحداث وهم جالسون أمام شاشاتهم ويدعى كل منهم خبرات أمنية لا نهائية، كأنهم تخرجوا من اسكوتلاند يارد.
وعلى ذكر اسكوتلاند يارد فإن بريطانيا ودول أوروبا ترفض استعادة الدواعش من مواطنيها الذين يطلبون العودة، ضمن جدل حول مصير الدواعش العرب والأجانب فى سوريا والعراق، بعد الهزائم التى تلقاها التنظيم فى سوريا والقبض على بعضهم، وهروب البعض الآخر. الأمر الذى يفتح الباب لأسئلة حول مصائر الدواعش الهاربين.
وهناك تقديرات ما بين ألف إلى عدة آلاف من إرهابيين مدربين، طلب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من حلفائه الأوربيين تسلمهم، وهدد بإطلاقهم ليعودوا على طريقتهم. وحذر الأوربيين من أنهم قد يشكلون تهديدا. لكن بريطانيا رفضت تسلم داعشية من مواطنيها وأسقطت عنها الجنسية وهو نفس موقف فرنسا وألمانيا وباقى دول أوروبا. وهو ما يشير إلى المزيد من التحول فى شكل ومضمون الإرهاب ضمن عملية عولمة متعددة، تجعله خارج النطاقات المحلية.
بالعودة إلى إرهابى الدرب الأحمر، فإن الربط يظهر من عدة جوانب، أولها التاريخ الغامض للإرهابى الحسن عبد الله، وأسرته وعلاقتهم بخيوط خارجية فى أمريكا وأفغانستان، فضلًا عن العلاقة بين منصات الإخوان فى تركيا وقطر، وتحريضها على الإرهاب،من جهة،والدفاع عن الإرهابيين وتصويرهم على أنهم مجرد نشطاء سياسيين من جهة أخرى. ثم أن تركيا كانت ممرًا لدخول وخروج الدواعش من وإلى سوريا. ومكانًا لعلاج جرحاهم وهناك تقارير تحدثت عن عمليات تهريب لدواعش من سوريا وإعادة توزيعهم إلى مناطق أخرى. كل هذا يجعل هناك احتمالات لأن تكون العمليات الإرهابية لها امتدادات وعلاقات بالخارج ربما تكشف عنها عملية تحيل الخيوط وهى عملية صعبة لكنها ستكشف الكثير من التفاصيل.