ينتظر الدكتور محمد معيط وزير المالية، تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على الخطة المعروضة لخفض الدين العام بشقيه الداخلي والخارجى، والهدف هو الوصول بالدين العام إلى نسبة تقترب من الـ 80%، وهى النسبة الآمنة طبقا لكافة التقديرات العالمية، للدين العام أمام الناتج المحلى.
قد يظن البعض أن جمهورية مصر العربية تضع استراتيجية جديدة لأول مرة للتعامل مع خفض الدين العام، الخطة تم وضعها بالفعل منذ أكثر من عام، ولكن ما ينتظر وزير المالية الموافقة عليه هو تعديل بعض تفاصيل هذه الخطة، من خلال أليات جديدة تتعامل مع الوضع الراهن ومستجداته من زيادة فائدة على الدولار، وصراعات التجارة العالمية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، والاتفاقيات الدولية وأثرها على أسعار النفط العالمية.
إعلان وزارة المالية، عن ما استطاعت تحقيقه من خلال الخطة التى وضعت لخفض الدين العام خلال 2018 ، وإعلانها عن المستهدف خلال خطة 2019 ، هو أمر يستحق أن نوجه التحية والتقدير، لأن العرض يمثل خطة جديدة على سياسات الشفافية والمصارحة والمكاشفة، ومشاركة الرأى العام فى الوضع الحالى للاقتصاد المصرى، ووضع الجميع أمام مسؤلياته بشكل شفاف واستعراض كيف أن الدين العام الداخلى والخارجى لا يزال فى حدود غير أمنة وأن الدولة المصرية تعترف بذلك، وكذلك تطلع الجميع على أنها لا تترك الأمر دون حل، بل أنها تعمل على حله منذ ما يزيد عن عام، وأن الخطة التى تسير عليها حققت نجاحا خلال 2018.
البعض تناول استعراض وزارة المالية بحالة من التصيد خاصة فيما يتعلق بتوضيح أن وزارة المالية لجأت الى التعامل مع آليات دين طويلة الأمد للتعامل بشكل سريع مع الدين قصير الأجل، واتهم الحكومة بأنها تضع أعباء مستقبلية على الأجيال القادمة.
ولكن لنراجع الأمر بقليل من الهدوء، هل كان أمام الحكومة أى إجراء آخر تقوم به لسد الدين قصير الأجل غير هذا الحل، البديل هو أن يتم تحميل أعباء هذا الدين على الموازنة العامة للدولة، وهى لا تزال تعانى من عجز يتم معالجته بشكل تدريجى، ولا تتحمل الموازنة العامة أن يتم تحميلها أكثر مما تتحمله الآن.
معدلات النمو التى تم تحقيقها فى العامين الماضيين جيدة جدا، ومرتفعة ومنها معدلات كانت أعلى من المتوقع، ولكن خطوات التعافي التى بدأت مؤخرا لا تتحمل أن نضع عليها أعباء إضافية، فالاقتصاد المصرى يحتاج إلى فرصة ليلتقط أنفاسه، كما أن الزيادة السكانية تلتهم ما يتم تحقيقه من معدلات مرتفعة.
وزارة المالية لم يكن أمامها إلا فرصة واحدة هى استغلال خطوات التعافى التى شهدها الاقتصاد المصرى والاستثمار فى معدلات النمو التى تحققت مؤخرا، واستثمار هذا النجاح، واستعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى مرة أخرى، والبدء فى الترويج إلى أدوات دين خارجى طويل الأجل، للحصول على تدفقات مالية سريعة قادرة على توفير الاحتياجات الأساسية للدين قصير الأجل.
وفى المقابل، فى الوقت الذى يشهد فيه الاقتصاد معدلات نمو معقولة، وتحاول الدولة تحقيق طفرة فى الاقتصاد ومعدلات التشغيل وحل مسببات عجز الموازنة، وبدأت المؤسسات المالية الكبرى تشيد بما تحققه الدولة المصرية من خطوات بناء ثقة جديدة فى الاقتصاد المصرى، لو كانت قد تأخرت الدولة فى تسديد أى من الديون قصيرة الأجل، كان سيتسبب ذلك فى انتكاسة لسمعة الاقتصاد المصرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة