من يريد التعامل مع قضية الإرهاب، عليه أن ينظر للأمر من مجال أوسع حيث لا حواجز بين داعش وغيره من تنظيمات الإرهاب التى تمثل أحد أهم جوانب عولمة الإرهاب، وتمثل تهديدا قائما خاصة فى حال استمرار بقائها بعيدا عن دولهم.
داعش هو الجزء الظاهر من المشهد، ولا يمكن فصل الجدل الدائر حول مصير الدواعش الأوروبيين عن مصير العرب والأجانب عموما، بعد هزيمة التنظيم فى سوريا والعراق وأسر الآلاف منهم، وهروب آخرين. وهى النقطة التى أصبحت تثير مخاوف كل الأطراف بما فيها المحرضة على العنف.
داعش له ارتباطات بتركيا، التى كانت ممرا لهم وملاذا، وبالنسبة لقطر كانت هناك علاقات ودعم إعلامى معلن، فضلا عن تقارير حول التمويل المخفى، كانت قناة الجزيرة وقنوات الإخوان فى تركيا، تتعامل مع التنظيم باعتباره يخدم أغراضهم ووصفوه دائما بـ«تنظيم الدولة»، واحتفوا بعملياته، واعتبروه تنظيما ثوريا، بالرغم من كونه أعنف التنظيمات الإرهابية فى العصر الحديث حتى باعتراف تنظيمات إرهابية مثل القاعدة.
اليوم يواجه داعش ضغطا متعدد الجوانب، وهو ما ينعكس على الجهات التى ساهمت فى وجوده ودعمته بالمال والسلاح، وهناك احتمالات لأن ينقلب عليهم فى حال عدم توفير ملاذات آمنة لهم.
اليوم أغلب دول أوروبا ترفض تسلم مواطنيها، والذين يفكرون فى العودة، الرئيس الأمريكى دونالد ترامب طالب بريطانيا وفرنسا وألمانيا وحلفاء أوروبيين آخرين بتسلم 800 داعشى وأسرهم من مواطنيهم المأسورين بين أيدى الأمريكيين وقوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية. فرنسا ردت على لسان وزيرة العدل نيكول بيلوبيه «لن نغير سياستنا ولن نستجيب لمطالب ترامب»، ووصف وزير الخارجية جان إيف لو دريان دواعش فرنسيين يقدر عددهم بـ150 بأنهم «أعداء الأمة»، وردت ألمانيا بفتور على مطالب ترامب.
أما بريطانيا أسقطت الجنسية عن الداعشية البريطانية شميما بيجوم، التى تطالب بالعودة إلى بلدها مع رضيعها بعد أربعة أعوام قضتها فى سوريا وقد تزوجت من داعشى هولندى قتل فى الغارات، وقالت الداخلية البريطانية، إنه تم سحب الجنسية من شميما ضمن 100 آخرين انضممن للتنظيم الإرهابى.
وهناك هدى مثنى، الأمريكية التى تزوجت من ثلاثة دواعش وشهدت عمليات إعدام، وساهمت بالتحريض، تتوسل من أجل السماح لها بالعودة إلى أسرتها فى ولاية ألاباما.
آلاف الإرهابيين الأجانب يمثلون أزمة لدولهم، ولكنهم يمثلون أزمة أيضا فى المنطقة العربية، فإذا كانت أعداد الأوروبيين تقدر ما بين 4 و6 آلاف، هناك 40 ألف داعشى حسب بعض تقديرات مركز الإرهاب فى الأمم المتحدة من دول عربية وإسلامية، بعضهم هرب وتسرب إلى زحام المدنيين، أو يفكر فى العودة لبلاده. وإذا رفضت أوروبا تسلم مواطنيها من الإرهابيين، فهناك أكثر من احتمال لمصائرهم، منها أن ينتقلوا إلى مناطق أخرى، إلى ليبيا، أو يختفوا مؤقتا فى العراق أو سوريا، وبعضهم هرب إلى باكستان أو أفغانستان، ليتحولوا إلى مرتزقة ينفذون عمليات لمن يدفع.
وفى كل الحالات هناك أزمة يمثلها عشرات الآلاف من آلات القتل الدواعش المدربين، يمثلون قنابل جاهزة للانفجار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة