أحمد إبراهيم الشريف

طبعا أحباب يا أستاذ إبراهيم داود

السبت، 23 فبراير 2019 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«الوحدة هى إحساسك بعدم الرضا، هى أن تكون محاصرًا بالأكاذيب، ولا تستطيع مجاراتها، ولا تستطيع أيضا محاربتها، هى شعورك لأول مرة أنك تتقدم فى العمر، وأنك لم تعمل حسابك».. ما أن تبدأ فى كتاب «طبعا أحباب.. جولة فى حدائق الصادقين» للكاتب الشاعر إبراهيم داود والصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة حتى تجد نفسك فى عالم آخر من الكتابة التى لن تلتقيها فى كل يوم، إنها طوفان من المشاعر الصادقة النابعة من المعرفة والرغبة الحقيقية فى توثيق بعض اللحظات مع الأحباب الراحلين.
 
فى الكتاب، صغير الحجم، يكتب إبراهيم داود عن شخصيات مصرية وعربية وغربية التقاها أو قرأ لها أو سمعها، يصطاد مفتاح شخصياتها ويكشف جوهر وجودها وقيمتها فى الحياة.
 
حياة طويلة تأمل فيها إبراهيم داود «حياة» مصر الثقافية ولاحظ النابع منها والقادم عليها، فأشار إلى روح عمار الشريعى وبليغ حمدى وهدى سلطان وإبراهيم أصلان وخيرى شلبى وحجازى الرسام ونجيب محفوظ وعبدالرحمن الأبنودى وأحمد فؤاد نجم وسيد حجاب، وتأمل فى تجربة مصطفى إسماعيل والشعشاعى وسعاد محمد والماغوط وأنسى الحاج وصباح، وقرأ الكامن خلف سيرة المخرج اليابانى الشهير كوروساوا والكاتب العظيم بورخيس والفنان العالمى «مونيه».
 
الكتاب يكشف الكثير عن روح إبراهيم داود المشغولة بالجمال فى الناس وفيما ينتجونه ويعيشون من أجله، يعرف أن الروح الشفافة هى «الحارس» الحقيقى للوطن، ويوقن أن «الغلظة والجهل» ليستا طباعا مصرية الأصل، لكنها وافدة من عند الذين اعتادوا «الخشونة» فى حياتهم.
 
وفى الكتاب توقف إبراهيم داود أمام نفسه كثيرًا، حيث كان شريكا فى معظم أحداث هذه الكتابات، وكان شاهدا على زمن جميل يتفلت الآن من بين يدى الجميع فتأتى أصوات الصحراء فى قراءة القرآن لتحل بديلا عن مدرسة التلاوة المصرية الشهيرة، ويأتى عمرو خالد بكل ما فيه من «عِبَر»، ليصبح بديلا عن الشيخ عبدالغنى الزير.
 
وبالتالى يضعنا إبراهيم داود أما مسائل وجودية كبيرة فيسألنا «لماذا نكتب؟»، وبالتالى سوف نصل إلى سؤال أخطر «لماذا نعيش؟» وهو هنا يقدم مرثية عميقة ضاربة فى جذور النفس لمصر الجميلة التى كان كتابها ومثقفوها وفنانوها ورجال دينها يصنعون حضارتها ويرسمون خصوصيتها، لذا فإننى بكيت، حقيقة، عندما قرأت ما كتبه «داود» تحت عنوان «الظلام القديم»، حيث يقول «لم تستطع قرانا عقد اتفاق واحد مع الفرح، ومع ذلك كنا فرحانين».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة