نحتاج إلى حملة تبرعات جديدة من أجل شراء منبه قوى لإيقاظ الدكتور البرادعى من نومه، منبه بمواصفات خاصة أهمها صوت جرس شديد الصخب ربما ينجح فى إعادة ذهن الدكتور البرادعى المخطوف والمسجون فى ثقب زمنى تائه يدفعه للتصرف والتغريد عبر تويتر بأسلوب وطريقة لم نعتدهما إلا فى ممارسات المجاذيب التائهين فى شوارع العاصمة، وهم يصرخون فى الناس بكلمات غير مفهومة تعبر عن انفصال حاد بالواقع.
البرادعى حتى هذه اللحظة مازال مخطوفا ذهنيا عند تلك اللحظة التى استقبله فيها بعض الشباب المتحمسين فى المطار ظنا منهم أنه الفارس القادم على حصان الديمقراطية الأبيض لإنقاذ مصر من مبارك، فلم يجدوا من الفارس وحصانه إلا كثيرا من الخذلان والهروب من المعارك، ثم الانزواء فى برج مرتفع يمارس فيه تعاليه وعجرفته على المصريين حتى انفصل تماما عن واقعهم وظن فى نفسه صفات الربوبية عبر تغريداته التى يرسلها لنا على جناح عصفورة تويتر، ناسيًا أن يرفق معها الترجمة حتى يفهم أهل مصر ماذا يريد الرجل وماذا يقصد.
لم يترك البرادعى فرصة إلا وخذل المصريين فيها، تارة بممارساته السياسية المراهقة، وتارة بتنظيراته الفارغة، وتارة ثالثة بأوهامه عن شعبية لا يوجد لها أصل فى الواقع المصرى، البرادعى الذى خسر كل معاركه وفضحته ممارساته السياسية والقمعية على تويتر حينما يبادر بحذف كل من ينتقده يجلس بعيدا ويمارس هوايته فى التحريض ضد مصر دون أن يدرك حتى هذه اللحظة أنه فاشل حتى فى التحريض.
يكتب البرادعى عن التعديلات الدستورية، فتشعر بأنك فى حاجة إلى مجمع اللغة العربية وعلماء السياسة حتى يترجموا لك مايقصد أو يشرحوا لك ما يريد، فيفشلوا وتفشل معهم فى تفسير نظريات البرادعى حتى تدرك أن إكرام البرادعى دفنه.
اتركوا البرادعى فى صوان عزائه، ولا تزعجوا مريديه بكلمات المواساة، دعوهم فقط يتأملوا أيقونتهم المصنوعة من عجوة وهى تتآكل بفعل جهلها، وسوء تقديرها أو تعمد إهانة شهداء الوطن، اتركوهم يكتشفوا فساد منطق الرجل الذى كلما أخطأ أحدهم فى القاهرة عايروه بأن «البوب» على مشارف أنهار أوروبا جاهز لإنقاذ مصر، فإذا بهم يجدون «بوبهم» غارقا فى وحل الجهل منزوع البصيرة يساوى بين المجرم والشهيد، ويخطب فيهم عن عيش مشترك مع جماعات متطرفة تتوعدكم فى كل رسالة وكل فيديو بالذبح إن لم تركعوا أمام مكتب الإرشاد.
نبت عقل الدكتور البرادعى من طينة لا تعرف المنطق ولا تجيد التعاطى مع الواقع، كان دائما أول الهاربين، جاءوا به من الخارج محمولا على الأعناق فهرب من خوض مواجهة الانتخابات بعد فترة من الميوعة أضاعت على تياره السياسى اختيار وتجهيز بديل، تسلم منصبا مهما فى السلطة وقت حرب تخوضها مصر مع إرهاب الإخوان ومع أول أزمة هرب دون أن يواجه، دون أن يضرب طلقة واحدة أو يسعى لتغيير مشهد واحد، واكتفى بكلام إنشائى خائب عن عدم الاستطاعة والقدرة والأزمة كبيرة، فإذا لم يكن لديه القدرة على مواجهة الأزمات الكبيرة فأى نوع من الرجال هو، هل ينتظر أن يحكم سويسرا مثلا؟!
البرادعى ظل يشرح لنا عوالم السياسية، وكيف تكون ولماذا وأين وكيف؟ وحينما أسس حزبا وجلس على كرسى إدارته فشل الحزب وخرب بسبب الصراعات داخله، وغياب الرؤية، فشل حزب البرادعى الذى كان يعاير كل أحزاب مصر قبل أن يحبو ولو لخطوة فى عالم السياسة.
الدكتور محمد البرادعى، يستخدم دوما منطقا فاسدا، وأعرج وأعور وهو يكتب تعليقاته على الأحداث الإرهابية فى مصر، منطق البرادعى الفاسد يصف ما يحدث بأنه عنف متبادل، وتلك جريمة لا يرتكبها إلا أخرق أو منزوع البصيرة، رجل قانون دولى يتحول فجأة إلى تلميذ ابتدائى جاهل غير قادر على التفرقة بين الألف و«كوز الذرة»، صاحب نوبل أصابه عمى أخلاقى فجأة جعله غير قادر على التفرقة بين الجندى الذى يدافع عن أرضه بشرفه وبين الإرهابى المجرم المعتدى.
ثم يعود البرادعى ليحاضرنا عن نور التسامح والعيش المشترك، يطلب دون خجل من المصريين التعايش المشترك مع من يقتلون أبناءهم ويستحلون أرضهم ودينهم ويتوعدونهم بالذبح، رغم أن البرادعى نفسه لم يكن يتحمل كلمات معارضيه، ويطلب منعهم من الظهور على الشاشات، وإقصاءهم من الساحة السياسية، فأين العيش المشترك ياسيادة الدكتور؟ لم تتحمل كلمات مخالفيك ووصفتهم فى مكالماتك المسربة بأنهم أغبياء، ثم تعود وتطلب من المصريين أن يتسامحوا مع إرهابيين وقتلة؟
غرد كما شئت يادكتور برادعى، ولآذان الناس قدرة على التمييز بين تغريدة الغربان من أمثالك، وتغريدة الصقور من أمثال رجالنا.
يعيش البرادعى أو «بوب» النشطاء بعقلية ما قبل 25 يناير نفس السعى غير المفهوم لإنشاء تحالفات وتكتلات سياسية متنافرة فكريا وتنظيميا، ونفس الزيارات السريعة للضعف والارتباك والانشقاقات التى كانت تطرق باب التحالفات والجبهات التى أسستها المعارضة فى زمن مبارك، ونفس الإصرار على مخاطبة الناس من خلف شاشات التليفزيون أو منصات التواصل الاجتماعى دون الولوج إلى الشوارع والحوارى الضيقة.
الدكتور البرادعى على سبيل المثال يفعلها دائما، يطل من تويتر ليلقى بتنظيراته غير المفهومة ثم يجرى مختفيا، وكأن موعد المسلسل الذى يتابعه قد حان، دون أن يشرح للناس آلية التنفيذ، أو خطة يمكن تطبيقها على أرض الواقع، فعلها كثيرا وغرد بها منذ فترة بضرورة مقاطعة الانتخابات القادمة، مثلما يفعل الآن ويدعو لمقاطعة التعديلات الدستورية دون أن يشرح للناس تصوره لشكل المقاطعة أو البديل الذى يمكن أن يقنع الناخب بعدم الذهاب إلى الصندوق، لأنه وبمنتهى البساطة لا يملك رؤية ولا وخطة، ولأنه يعلم يقينا أن الشارع المصرى يلفظه ولا يملك فيه أى رصيد.