«أشكر والدَىّ على كل ما قدماه لى.. مع الأسف لا يتواجد أبى معنا ليرى ما أحققه اليوم، لكن أعتقد أنه يشعر بذلك».. حدثت فرحة مصرية عارمة، لا ينكرها أحد، بعد فوز الفنان المصرى الأمريكى رامى مالك بجائزة الأوسكار أفضل ممثل عن دوره فى فيلم «Bohemian Rhapsody الملحمة البوهيمية»، حيث أدى شخصية الموسيقى فريدى ميركورى.
الجميع سهروا فى انتظار فوز رامى مالك، والذين غلبهم النوم كان أول شىء فعلوه فى الصباح هو البحث عن اسم رامى مالك والأوسكار.
يعرف الجميع أن رامى مالك ولد فى مدينة لوس أنجلوس يوم 12 مايو 1981، لأب وأم مهاجرين من مدينة سمالوط فى محافظة المنيا، سافرا عام 1978 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعمل والده فى «بيع التأمين»، ووالدته فى المحاسبة.
وهنا أريد أن أتوقف عند «سعيد مالك» والد رامى، فالرجل الذى كان يعمل فى مصر مرشدًا سياحيًا قبل هجرته إلى أمريكا عام 1978 مصطحبا زوجته نيلى عبد الملك لم ينس نفسه، لم يخرج ويغلق الباب خلفه، ولم يقل لأطفاله الثلاثة «انسوا كل شىء عن مصر» بل على العكس تماما جعل اللغة العربية شيئا أساسيا فى بيته.
فعل ذلك لأنه أراد لأطفاله أن يتواصلوا مع أعمامهم فى «سمالوط»، لذا فإن اللغة أساسية فى ذلك التواصل، تقول الحكايات إن «رامى وسامى وياسمين» ظلوا يتحدثون اللغة العربية فى البيت فترة طويلة، وتقول الحكايات إن سعيد مالك كان يوقظ أطفاله فى منتصف الليل كى يهاتفوا أعمامهم، ويقول رامى مالك «إنه يعتز بأصوله المصرية».
سعيد مالك الذى رحل عام 2006 ولم يقدر له أن يشهد النجاح الكبير الذى حققه «ابنه» بحصوله على جائزة الأوسكار، قدم خدمات جليلة لنا جميعا، فقد أصلح لنا «معتقداتنا» عن المهاجرين، كان لدينا تصور بأن الذين يخرجون لا يلتفتون وراءهم لا يلقون نظرات على ماضيهم وأنهم يدفعون أطفالهم للذوبان فى العالم الجديد، يقطعون علاقتهم بالماضى، يخشون «الحنين» فيضعونه فى خزانة قديمة و«ينسونه»، لكن سعيد مالك أكد لنا خطأ هذه النظرية، لقد هاجر بحثا عن شىء جديد لكنه لم يقطع «روحه» بعيدا عن الأرض، ظلت اللغة ومحادثة الأخوة فى الأرض معينا لا ينضب يستعين به على القسوة فى الأرض الجديدة.
مبروك لـ رامى مالك، الذى أشعرنا بالفرح ومنحنا القدرة على الابتسام والرغبة القوية فى النجاح دون أن نتخلى عن ذواتنا، وتقدست روح والده الذى أخلص لـ«الحنين».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة