مشاهدة مباريات كرة القدم على المقاهى ظاهرة منتشرة فى المجتمع العالمى، ولعل ما تشهده شوارع مصر أكبر دليل على شغف المتابعة وسط المجموعات، ويبدو أن ذلك ليس حديثًا ولا مرتبطًا بانتشار التليفزيونات وغيرها، فالموضوع قديم، منذ كان الناس يجلسون على المقهى فقط ليناقشوا أحوال كرة القدم، وهذا ما يؤكده كتاب "الهرم المقلوب.. تاريخ تكتيكات كرة القدم"، من تأليف جوناثان ويلسون، ونقله إلى اللغة العربية المترجم أحمد لطفى على، وراجعه الدكتور أحمد خريس، وصدر الكتاب فى طبعته الأولى عن مشروع كلمة للترجمة، التابع لهيئة أبوظبى للسياحة والثقافة" الذى يقول: "بدت كرة القدم وسط أوروربا من الظواهر الحضرية إلى حد كبير، حيث تركزت حول فيينا وبودابست وبراغ، وأصبحت ثقافة المقاهى آنذاك فى قمة ازدهارها فى تلك المدن، وظلت كذلك حتى نهاية إمبراطورية هابسبورج حين أصبحت بمثابة صالونات عامة يختلط فيها الرجال بالنساء من جميع طبقات المجتمع، وذاع صيتها ولا سيما بما اتسمت به من نواح فنية بوهيمية".
ويتابع الكتاب "كان الناس يقرأون الصحف، ويتسلمون البريد والملابس المغسولة ويستمتعون بلعب الورق والشطرنج، أما المرشحون السياسيون فاستغلوا المقاهى فى عقد اجتماعاتهم وإجراء المناقشات، بينما قام المثقفون وأعوانهم بمناقشة أشغالهم اليومية فيها سواء فى الفن أو الأدب أو المسرح، ثم كرة القدم، فى عشرينيات القرن الماضي".
ويواصل الكتاب "كان لكل نادٍ المقهى الخاص به، الذى يجتمع فيه اللاعبون والمشجعون والمديرون والكتاب، فمثلاً يلتقى مشجعو نادى فيينا النمساوى فى مقهى بارسيفال، بينما يجتمع مشجعو نادى رابيد فى مقهى هولب، غير أن المقر الرئيس لعالم كرة القدم خلال فترة ما بين الحربين كان مققهى "رنج".
وكان ذلك المقهى مقر مشجعى الكروكيت من الإنجلفيل وبحلول عام 1930 أصبح مركزًا لجمهور أعرض من محبى كرة القدم.