أحمد إبراهيم الشريف

رياض الصالح الحسين

الثلاثاء، 12 مارس 2019 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للكتابة أن تذهب حيث تشاء، وللإبداع أن يقول ما يشاء فى الجمال والفن، لكن يظل الشعر هو المملكة الأولى التى تأخذ بالروح وتذهب بعيدا، ويظل الشعراء فى كتابتهم عن الفرح والألم خير من يكتبون ويعبرون.
 
وأنا اليوم أريد أن أكتب عن الشاعر رياض الصالح الحسين الذى خطفه الموت كى يكمل قصيدته، وهو فى الثامنة والعشرين من عمره، حيث ولد فى 1954 ورحل فى 1982، سنوات بالنسبة للآخرين قليلة، لكنها بالنسبة للشاعر عمر كافٍ للخلود.
 
هو بالنسبة إلىّ ظاهرة ثقافية غريبة بحياته الشخصية وظروفه الخاصة وبإنتاجه أيضا المختلف، بلغته وإيقاعه، وبقول المحايدين بأنه مات فى مستشفى المواساة فى دمشق فى «ظروف غامضة».
 
قلت فى نفسى إن أفضل ما أقوله عن الشاعر شعره، ورأيت أن رياض الصالح الحسين كان مثلى متعاطفا مع الكاتبة المنتحرة سلفيا بلاث «1932-1963»، التى اضطرتها الظروف النفسية بأن تضع رأسها فى فرن الغاز، لذا سوف نقرأ معا قصيدته «سلفيا بلاث» من مجموعته الشعرية «خراب الدورة الدموية» التى صدرت فى دمشق 1979:
 
«أذكر أنَّ المرأة الزرقاء عندما رأتنى أبكى جثثًا وفقراء/قالت: عيناك مرآتان لخمسين قارَّة من الوجع/ والانتظار/ وقالت المرأة التى ترتدى العاصفة والوحوش: أنت تعرف الكثير عن صبايا الأزقَّة المغلَّفات/ بالأقفال البلاستيكيَّة الملوَّنة/ والأطفال الأغبياء المتمسِّكين بالأحصنة الخشبيَّة/ ونهود الأمَّهات/ وقالت المرأة بعد أن فتحت شاشتى عينيها: كان ثمَّة عاشق يرعى فيهما شجرًا ومعتقلات».
 
«يداك قاسيتان ووديعتان/ وأصابعك نحيفة ومعذَّبة/ فهل لمست بهما الرغيف الثمين أو الشفاه الرماديَّة المرتعشة؟/ هل قبضت على العالم؟/ وقالت المرأة لى: أنت تهذى كثيرًا بأسماء الأسماك والأعشاب البحريَّة/ وتفتح مملكة دماغك ليل نهار لقوافل الغجر التائهة/ وتمزِّق بأظافرك لحم الأبواب والجدران السميكة/ فأى الأشياء أحبّ إليك: أن تمضغ بشراسة رؤوس العصافير؟ أو أن تكسّر الصحون والموائد المصنوعة/ من خشب الجوز؟».
 
«وقالت لى أيضًا/ وهى تنظر إلى الرأس/ المشوّه المتوتّر فى لوحة لسعد يكن: أمك بجانبك تنحنى عليك كيمامة/ وأصدقاؤك يقبلون فى المناسبات/ وأنا أدفئك فى ليالى تشرين الباردة/ وأرسل إليك الأحلام الشاسعة والمكاتيب/ فماذا تطلب غير ذلك؟!.. أتريد أن تفجّر النبع؟ أم تودّ أن تحرث المجرّة؟».
 
«وقالت المرأة القاسية: أبتكر لك الدنيا/ خمسة جدران بيض/ وسريرًا أبيض/ ووردة بيضاء فى كأس: وكان يمكن أن أبتكر نعشًا».
 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة