من أين تستمد الخارجية الأمريكية معلوماتها؟ هل تعتمد كمؤسسة مهمة فى أكبر دولة بالعالم على التقارير الموثقة والبيانات الرسمية وما يرتفع فوق مستوى الشبهات، أم أنها تتعامل مع الشائعات والتقارير المرسلة وخزعبلات مواقع التواصل وما تصدره منظمات المجتمع المدنى الموجهة والمسيسة باعتباره حقائق على الأرض ووقائع مؤكدة؟
السؤال المطروح ضرورى كمدخل لفهم تقرير الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان فى العالم لعام 2018، والذى تضمن فى الجزء الخاص بمصر مجموعة الأكاذيب والفبركات التى ترددها المواقع الإخوانية والمنصات الحقوقية التابعة لها والتى تظهر فى تقارير هذه المنصات المعتمدة من المنظمات الحقوقية المشبوهة مثل هيومان رايتس وأمينيستى وسواهما.
تقرير الخارجية الأمريكية الذى استعرضه الوزير مايك بومبيو فى مؤتمر صحفى اتهم الإدارة المصرية بارتكاب مجموعة من الانتهاكات تتضمن القتل خارج إطار القانون، والإخفاء القسرى، والتعذيب، وتهديد الحياة، وظروف سجن قاسية، والتضييق على حرية الصحافة والإنترنت، كما اتهم الحكومة المصرية بارتكاب أعمال قتل غير قانونية، أو ذات دوافع سياسية.
طبعًا سيزول العجب من تهافت وهرتلة التقرير المعتمد من الخارجية الأمريكية إذا علمنا أنها تعتبر الأحكام القضائية الباتة فى قضايا الإرهاب وخاصة أحكام الإعدام نوعًا من القتل الموجه سياسيًا، وسيزول بعض العجب إذا علمنا أن التقرير يعتمد بصورة واضحة على هرتلات هيومان رايتس التى تعتمد بدورها على مصادر مجهلة وتغريدات تويتر وبوستات فيس بوك باعتبارها مصادر موثوقة، والشىء بالشىء يذكر، فما يورده التقرير عن التعذيب والاختفاء القسرى لا يعدو أن يكون صفحات منقولة من تقارير وليد شرابى وشركاه من مجرمى الإخوان الهاربين إلى تركيا والمشتغلين فى سبوبة حقوق الإنسان المستخدمة لاحتواء الإدارة المصرية.
هل تعرفون بما يذكرنى تقرير الخارجية الأمريكية؟ هل تذكرون مصطلح «الاستخدام المفرط للقوة؟ متى ظهر وفى أى سياق؟» ظهر عندما واجهت قوات الجيش والشرطة مجموعات الإرهابيين والمرتزقة المسلحين فى شمال سيناء، بعد أن وصلتهم الإمدادات والأموال والأسلحة الحديثة من الدول الراعية للإرهاب عبر الأنفاق فى غزة، وكان أن سحقت قوات الجيش والشرطة كل من حمل سلاحا وتوجه بالعنف إلى الكمائن وقوات حفظ النظام، بينما تصورت الدول راعية الإرهاب أنها بصدد إشعال حرب أهلية واقتتال على غرار ما يحدث فى سوريا وليبيا، ولما تأكدت يد الدولة الثقيلة فى مصر، نحتت وسائل الإعلام العدوة مصطلح الاستخدام المفرط للقوة وكأنها تتهم قواتنا المسلحة والشرطة بالقسوة على المجرمين الإرهابيين المدعومين من الخارج!
عمومًا حسنًا فعلت الخارجية المصرية التى ردت على تقرير الهرتلة الأمريكى بما يستحق، أو بما يعنى إلقاءه فى المكان الذى تذهب إليه المخلفات، فقد صدر بيان خارجيتنا واضحا حاسما صريحا، أن مصر لا تعترف بحجية مثل هذه التقارير، لاعتمادها بيانات وتقارير غير موثقة، توفرها جهات ومنظمات غير حكومية تُحركها مواقف سياسية مناوئة تروج لها هذه المنظمات، من خلال بيانات وتقارير مرسلة، لا تستند إلى أى دلائل أو براهين، ولا تتسم بالموضوعية والمصداقية.
تقرير الخارجية الأمريكية لم يتناول الجهود التى تقوم بها الحكومة المصرية لتعزيز أوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل وتفعيل الضمانات الدستورية ذات الصلة، فضلًا عن الخطوات الكبيرة التى تم تحقيقها فى مجال الحريات الدينية وتعزيز مبدأ المواطنة وضمان توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكل المواطنين، بالإضافة إلى عدم الإشارة إلى العديد من الآليات الرقابية التى كفلها الدستور والقانون للمصريين للتعامل مع أى انتهاكات حقوقية، والتحقق منها فى إطار كامل من الاستقلالية والشفافية، ومن ثم فإن مثل هذا التقرير لا يستحق الالتفات، أو التعامل معه بجدية وموضوعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة