أكرم القصاص

داعش و«العرق الأبيض» ومراهقو «بابجى».. أبرياء يدفعون ثمن تطرف عابر للقارات

الثلاثاء، 19 مارس 2019 07:07 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا مبالغة ولا ادعاء فى الحديث عن «عولمة الإرهاب»، ومثلما أصبح العالم قرية صغيرة فيما يتعلق بمتابعة الأخبار والحروب والصراعات والموضة والثقافة والفنون والألعاب العنيفة التى تدفع للقتل أو الانتحار، لكن الهوس أصبح من المحتمل أن ينتقل إلى عالم الرياضة. 
 
وعندما شن برينتون تارنت هجماته وقتل 49 مصليا فى نيوزيلندا، فقد كان وراءه سنوات من التكوين، وعلاقات بمجموعات من مهاويس «العرق الأبيض» فى أوروبا وآسيا وأستراليا، كانوا زملاء وأصدقاء لتارنت فى مجموعات العنصريين على فيس بوك. وفى هولندا، الاثنين، قتل 3 وأصيب آخرون، فى حادث إطلاق نار محطة ترام ومواقع أخرى قريبة بمدينة أوتريخت وسط هولندا، ولم تستبعد الشرطة وجود «دافع إرهابى» وراء الحادث، الذى نفذه شاب ذو أصل تركى يدعى جوكمان تانيس، 37 عاما، حسبما سجلت كاميرات الفيديو.
 
ومن تابع صفحة الشاب المتهم يجد أنه أعلن غضبه من هجوم تارنت فى نيوزلندا، ونشر صورته مصحوبة بشتيمة وتهديد. وقد أعلنت تنظيمات مثل داعش وبعض الجماعات الإرهابية أنها سوف تنتقم لضحايا نيوزلندا.
 
هنا نجد الهوس المتبادل، تارنت قتل أبرياء ومن أراد الانتقام قتل أبرياء آخرين، ويصبح الأبرياء ضحايا لمهاويس ليس لأى منهم علاقة بالدين أو العرق، لكن له علاقة بعولمة أفكار كانت فى السابق تتركز فى جماعات صغيرة، تقوم على بناء ولاءات تمارس على أساسها القتل أو التفجير. 
 
وهناك تشابه كبير بين جماعات «العرق الأبيض» المتطرفة، وتنظيمات مثل داعش، حيث جرت عمليات تجنيد وشحن لمئات الشباب والمراهقين فى داعش، عبر قنوات التواصل الاجتماعى، وإذا قلبنا الوضع، سوف نجد نفس الأفكار القائمة على الكراهية والعنصرية، والشعور المبالغ فيه بالتميز والتعالى، وهى أفكار منتزعة بجهل من حكايات ونصوص قديمة. 
 
أصبح ممكنا أن يتجمع المهووسون دينيا وعرقيا على مستوى العالم فى جماعات صغيرة ويمارسون طقوسهم وحياتهم وأفكارهم، بطرق عابرة للحدود. ولم يعد تكوين تنظيم إرهابى يتطلب التجنيد المباشر واللقاءات والاجتماعات المباشرة. ويمكن ذلك عبر قنوات على الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعى والمجموعات المغلقة للمهاويس عبر العالم فى كل تخصص.
 
حيث يتلاقى مهاويس التشجيع الكروى مع محترفى ومدمنى الألعاب الخطرة، حيث انتبهت العديد من دول العالم، إلى خطورة بعض ألعاب الفيديو الإلكترونية، منها «مومو» والحوت الأزرق التى كانت وراء انتحار عدد من المراهقين عبر العالم ومنها مصر وبعض الدول العربية، و«بابجى» التى جاء ذكرها فى هجوم نيوزلندا لكونها تساهم فى تنمية العنف، وإدخال الشباب فى حالة إدمان واستفزاز الخصم للقتل والتدمير، و«فورت نايت» لاحتوائها مشاهد عنف تؤثر سلبا على الأطفال.
 
بالطبع ليس كل المراهقين أو الشباب يقعون ضحايا لهذه الألعاب لكن الأمر يتعلق بمدى الاستعداد، وتوفر اختلالات نفسية تجعل المراهق أو الشاب قابلا للتشكيل. وتنفيذ التعليمات، وهو ما يشبه عمليات التجنيد فى التنظيمات الإرهابية واليمينية. وليس كل مواقع التواصل تفعل ذلك لكنها أدوات تسهل التواصل بين أصحاب الأفكار المتشابهة، حتى ولو على البعد.
 
وكنت قد أشرت إلى أهمية دراسة الألعاب وربطها بالتعليمات وعمليات التجنيد، وتنفيذ الأوامر من دون تفكير، وما يسمى «السمع والطاعة» فى التنظيمات الإرهابية، حيث يبدو «الذئب المنفرد» كأنه منوم مغناطيسيا، ينفذ من دون مناقشة.
 
نحن أمام واقع متشابك، يتجاوز الحدود، ويربط بين بشر تفصلهم آلاف الكيلومترات، يمارسون إرهابًا أو عنفًا عابرًا للقارات، أو يتعصبون لنادى أو فكرة، وغالبًا ما يدفعون هم، أو غيرهم من الأبرياء الثمن.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة