على مدار تاريخ الولايات المتحدة اتخذ الصراع بين المحافظين والديمقراطيين أوجه عديدة، وهذه الأيام هناك معركة من نوع خاص تتعلق بالثقافة الأمريكية، لكن المثير أن المعركة تدور حول شطيرة اللحم الشهيرة "الهامبرجر" التى تميز المطبخ الأمريكى.
ربما يبدو الأمر غريبا فى الوهلة الأولى، لكن القضية أكبر كثيرا، أو بحسب المثل الأمريكى الشهير "هناك فيل فى الغرفة"، إذ يتعلق الأمر بقضية "التغير المناخى" التى باتت تهدد كوكب الأرض وأثرت بدورها على الكثير من الأحياء لاسيما البحرية وعلى مستويات البحار ومن ثم الزراعة، وسط تحذيرات وجهود عالمية لمواجهة الظاهرة.
بدأت المعركة عندما دعت النائبة اليسارية الشابة، ألكسندريا أوكاسيو- كورتيز، بالترويج لخطة جديدة لمواجهة تغير المناخ تنطوى على تقليل استخدام لحوم البقر، إذ تشير دراسات إلى أن البقرة تطلق نسبة أكبر من الغازات المسببة للاحتباس الحرارى عبر التجشؤ، ومن ثم تعلقت دعوة النائبة الديمقراطية بتقليل تناول شطائر البرجر قائلة: "ربما يكون علينا ألا نأكل البرجر فى الفطور والغداء والعشاء".
وبينما تهدف الخطة فى الأساس إلى معالجة تغير المناخ من خلال إدخال تعديلات على الاقتصاد الأمريكى، فإنها أثارت انتقادات لاذعة بسبب وثيقة مصاحبة تشير إلى غاز الميثان الذى يطلقه البقر، وجاء فى الوثيقة "هدفنا التخلص التام، وليس مجرد التخلص، من الانبعاثات الضارة خلال 10 أعوام لأننا لسنا متأكدين من التخلص الكامل من الأبقار ومن الطائرات بالسرعة المطلوبة".
هذه الوثيقة أثارت انتقادات واسعة بسبب مخاوف من تطور الأمر إلى حظر لحوم البقر، وسواء فى الكابيتول هيل أو على مواقع التواصل الاجتماعى أو المؤتمرات السياسية، جعل الجمهوريين، خاصة الجناح المحافظ، الأمر جزءا أساسيا من رسائلهم ضد مشروع القرار الذى تقدمت به أوكاسيو والسيناتور إد ماركى، الشهر الماضى قبل أن يتم سحبه.
وغرد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن الخطة الخضراء الجديدة سوف "تقضى نهائيا على الأبقار"، وأحضر النائب روب بيشوب من ولاية يوتاه، وهو أعلى عضو جمهورى فى لجنة الموارد الطبيعية ، الهامبرجر، خلال مؤتمر صحفى الأربعاء الماضى، ضد "الخطة الجديدة الخضراء". وقال بيشوب قبل أن يلتهم قطعة من الشطيرة: "إذا مرت هذه الخطة، فسيكون هذا محظوراً (مشيرا إلى شطيرة البرجر)".
وسخر النائب مارك ميدوز (RN.C.) ، الذى يرأس تجمع الحرية، فى خطاب ألقاه فى مؤتمر العمل السياسى المحافظ فى ماريلاند، إن "أسهم شركة Chick-fil-A (المتخصصة فى ساندوتشات الفراخ) سترتفع لأن الديمقراطيين يحاولون التخلص من جميع الأبقار، فيما حذرت السيناتور مارشا بلابرن، فى افتتاحية بصحيفة ناشفيل "إذا مضى أصحاب الخطة فى مساعيهم، فسيتم حظر الأبقار".
أما جون باراسو، الذى يرأس لجنة البيئة والأشغال العامة، فقال فى خطاب ألقاه فى مجلس الشيوخ "وداعا لمنتجات الألبان ولحوم البقر، المزارع العائلية وصولا إلى المراعى".
وأضاف: "تفضيلات الأمريكيين من التشيز برجر والميلك شيك سوف تصبح شيئا من الماضى، الملايين من العمال الأميركيين سيفقدون وظائفهم".
وصعد سيباستيان وركا، المستشار السابق بالبيت الأبيض، الأمر إلى مستوى أخر يتعلق بإثارة المخاوف الوطنية، حيث أشار إلى أن مساعى الديمقراطيين هذه هى نفسها التى حلم بها الزعيم السوفيتى السابق جوزيف ستالين لكنه لم يحققه، وقال أمام مؤتمر للمحافظين بولاية ماريلاند إن الديمقراطيين "يريدون أخذ شاحنتك. يريدون إعادة بناء بيتك. يريدون أخذ البرجر الخاص بك.. هذا ما حلم به ستالين لكنه لم يتحقق ابدا. أنتم على الخطوط الأمامية للحرب ضد الشيوعية التى تعود إلى أمريكا تحت ستار الاشتراكية الديمقراطية".
لكن المدافعون عن الخطة أشاروا إلى أنها الاقتراح لا يشير إلى لحم البقر أو البرجر أو أى شئ مشابه. وسعت أوكاسيو-كورتيز إلى توضيح موقفها من خلال مداخلة مع برنامج تليفزيونى، حيث قالت إنه لن يُجبر أحد على التخلى عن أكل منتجات اللحوم، لكن "علينا أن نراجع سياسة الإنتاج الصناعى للحيوانات".
وتشير هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن الجدل تجدد حول الموضوع بعدما شوهدت أوكاسيو-كورتيز تتناول العشاء فيى مطعم بواشنطن مع زمل يأكل البرجر. وانتشرت صورة عضوة مجلس الشيوخ على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث اتهمها البعض بالنفاق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة