هل من الممكن لكاتب، أى كاتب، أن يمر مرور الكرام على القرارالرائع الذى انتصر فيه الرئيس السيسى لأصحاب المعاشات، ولا يقف أمامه ممحصا ومحللا لدوافعه ونتائجه؟، الرئيس استخدم سلطاته الدستورية، وكلف الحكومة بسحب الاستشكال الذى تقدمت به على الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى جلسة 21 فبراير الماضى، والخاص بضم العلاوات الخاصة لأصحاب المعاشات، وعرض الأمر على الجمعية العمومية لمجلس الدولة لاستطلاع الرأى فى بيان التسوية وفقا لمنطوق الحكم، واستتبع هذا التوجيه الرئاسى بتوجيه آخر يكلف فيه وزارة المالية برد إجمالى المديونية المستحقة لصناديق المعاشات طرف وزارة المالية وبنك الاستثمار القومى، من خلال إعداد تشريع خاص ينظم تلك الإجراءات، على أن يبدأ تنفيذ التسوية اعتبارا من الموازنة المقبلة.
المردود الإيجابى لهذا التوجيه الرئاسى، يتجاوز رفع الغبن والضيم الذى لحق بأصحاب المعاشات فى السنوات العشر الأخيرة رغم أهميته وروعته ومردوده الإنسانى العظيم إلى ما هو أهم فى وجهة نظرى، وهو أننا أمام ملامح دولة جديدة يجتهد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى إرساء دعائمها منذ أن جاء رئيسا، أهم ملامحها: الإحترام الحقيقى للإنسان المصرى قولا وفعلا، واحترام القانون، وعدم الالتفاف حوله، باللجوء إلى الحيل القانونية لوقف تنفيذ الأحكام، وأن تكون الحكومة مثلا يحتذى به فى احترام القانون وتفعيله.
هذا المردود الإيجابى لا يجعلنا ننسى كيف يمكن أن يغير مثل هذا القرار فى حياة الملايين من المصريين الذين قضوا حياتهم، وأفنوا أعمارهم وهم يعملون، ويعطون زهرة شبابهم للجهات التى عملوا فيها، وآن الأوان لهم يعيشوا ما تبقى لهم من أعمارهم فى سكينة، ويجدوا الحد المعقول من المعاش الذى ينفقون منه على متطلبات حياة تتزايد عاما بعد عام بسبب ارتفاع معدلات التضخم، وبدلا من أن يجنوا ثمار شقائهم لعشرات السنين «استخسرت» فيهم الحكومة حقهم، وساومتهم عليه مثل «المرابى» الذى يساوم ويبتز ضحاياه على الوفاء بحقوقهم، لها حق الناس تكره الحكومة، ولا تثق فيها مهما وعدت، إذا كانت تساوم على الوفاء بالحقوق، فهل تمد يدها بأى معروف، وأصبح الناس يرددون المقولة المشهورة «اللى يدخل جيب الحكومة ما يطلعش تانى» تلك المقولة لم تأت من فراغ، ولكنها ميراث من عدم الثقة بين الطرفين، يلعبان فيه لعبة القطة والفأر، وكان المردود دائما صفرا لصالح الطرفين؛ كلاهما يخسر، المواطن يخسر أن تكون لديه حكومة يثق فى قرارتها، وأنها لصالحه، والحكومة تخسر المواطن الذى دائما ما يتشكك فيها، ودائما ينظر لقرارتها بشىء من الريبة، وعدم التصديق رافعا شعار «الحداية مبتحدفش كتاكيت» لذلك يأتى هذا القرار، فى رأيى ليعيد العلاقة إلى مسارها السليم الذى يجب أن يكون، لذلك فمردود القرار كما قلت يتجاوز فوائده المادية والإنسانية لأصحاب المعاشات إلى ما هو أهم.
هذا القرار الرائع جاء مصحوبا بقرار لا يقل عنه روعة يتعلق بأصل منظومة الأجور، على أن تنتهى اللجنة المشكلة لإصلاح هذه المنظومة خلال شهر، ويبدأ التطبيق فى أول يوليو من هذا العام، هذا الأمر سيعالج العوار الذى جعل الحكومة تفرق بين أولادها، دون مبرر وتتسبب فى هجرة الموظفين من مجال مرتباته ضعيفة إلى آخر مرتباته أعلى رغم أن العمل فى كلا المجالين قد يكون متطابقا، كما فتح المجال للرشوة والمحسوبة واستغلال النفوذ من أجل التعيين فى مجالات بعينها لأن مرتباتها عالية، كما فتح باب جهنم للموظفين فى بعض الأماكن الذين وجدوا مبررات لخيانة الأمانة وقبول الرشوة، أو تعطيل الأعمال تحت دعاوى «على قد فلوس الحكومة».. بقرار الرئيس سيتم إصلاح هيكل الأجور والرواتب، وهو ما يعنى تحسن الأحوال المالية لمواطنين عانوا وما زالوا يعانون من صعوبة إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى بدأت تؤتى أكلها بفضل الله، وبفضل وعى الشعب وقيادته التى يحسب لها تحمل القرارات بجسارة ونبل، وبدأت عجلة الاقتصاد تدور شيئا فشىء، وتستعيد السياحة عافيتها، وتتراجع معدلات البطالة، وتتحرك معدلات النمو، ويتحسن التصنيف الائتمانى لمصر، وهو ما يعنى ببساطة المزيد من تدفقات الاستثمارات المباشرة، والمزيد من فرص العمل والتوظيف.
عندما قال الرئيس السيسى فى أحد خطبه، وبلغة القلب للقلب: «انتظروا مصر فى 2020 سوف تكون دولة تانية خالص».
المواطن يثق فى رئيسه، لأنه لم يعد بشىء وأخلفه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة