طالت سنوات استنذاف سوريا حتى أنهكت البلاد وأتعبتها، وتهدلت أطرافه المدن حتى أنت من الوجع، سبع سنوات والحرب تأكل الأخضر واليابس فى واحدة من خير البلدان العربية، بينما العدو الحقيقي يقف متربصًا بالجميع،يعرف الوقت الذي ينقض فيه ليقتطع الوطن جزءا جزءا.
وأنا هنا لن أدافع عن أحد، ولن أقول إن الرئيس السورى بشار الأسد بريء تمامًا، لكنني أقول إن الموقف صعب للغاية، وأن ما يحدث فى الأرض السورية انعكس بشكل واضح على كيان سوريا الدولة، وها هو ترامب يقتطع جزءًا من الوطن لصالح الأعداء فيمنح الجولان لجيش الاحتلال الإسرائيلي بينما الجميع يندبون أو يشاهدون.
والسؤال أين مشعلو النار في سوريا الذين أحرقوا المدن وتسببوا فى مقتل النساء والأطفال وحولوا مدن التاريخ والثقافة إلى خرائب تنعق فيها البوم والغربان؟ أين المدافع والبنادق التى تطلق ليل نهار على أبناء الوطن السوري؟ لماذا لا تسعى هذه الأسلحة المكدسة لأخذ الحق المهدد بالضياع؟ وأين قساة القلب المتسببين فى تهجير الشعب السورى وتحويله إلى عالة على العالم المأزوم؟ لماذا لا يبحثون عن طرق لرد الاعتبار لهضبة الجولان؟ وأين الهاتفون بالنصر والصارخون فى وجه الجميع بـ الله أكبر وهم يقتلون شعبا أعزل ويبيدون قرى ومدن كاملة ظانين أنهم يطبقون شرع الله، والشرع بريء منهم، من نصرة دين الله وإعلان الحرب على إسرائيل وجنودها؟
أسئلة كثيرة تعجز التنظيمات المتحصنة بالشعارات الدينية عن إجابتها، وذلك لأنهم مجرد آلة غبية تابعة لدول الأعداء ومنفذة لأجندات خاصة ولا حقيقة لمحاولة إصلاح أو سعي لتغبير بما يذكرنا بالعمليات الإرهابية التى كانت تتم في سيناء الغالية، بينما القدس على بعد خطوات، لكن المتطرفين كانوا مشغولين بقتل الأبرياء من المواطنين.
لقد ظهر تنظيم داعش ومن قبله تنظيم القاعدة لينغص على الناس حياتهم، يقتل المسلمين ويجعل حياتهم جحيما لا يطاق، وعندما يفكرون خارج الصندوق يذهبون ليقتلون الأبرياء فى الدول الأوروبية، بينما جنود الاحتلال الإسرائيلى على بعد خطوات يفسدون فى الأرض وينهبون كل شيء بكل راحة لا يخشون داعشيا ولا قاعديا، لكنهم بالتأكيد يخشون فتى فلسطينى فى مدرسته الثانوية.
لا أعرف عقيدة هذه التنظيمات المتطرفة التى تتيح لهم إشعال الحروب الداخلية، ولا تنص على تحرير الأوطان ومحاربة أعداء الله حقيقية، ولا يمكن لعاقل أن يتصور ما فعله داعش فى العراق وسوريا وليبيا وفى الوقت نفسه لا يرى لهم أى علامة فى الأرض المحتلة، كأنهم جنود مرتزقة مهمتها إشعال الحرائق فى قلوب أمهات المسلمين والعرب فقط.