صفعة جديدة فى انتظار الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى الانتخابات المحلية التى تجرى اليوم، الأحد، فى 81 ولاية تركية، ويسعى فيها الحزب الحاكم العدالة والتنمية المهيمن على الحياة السياسية فى تركيا إلى السيطرة على المدن الكبرى (إسطنبول وأنقرة فضلا عن إزمير وأضنة وبورصة)، وسط توقعات واستطلاعات للرأى تشير إلى فقدان العدالة والتنمية حظوظا للفوز، وترجح أن أردوغان وحزبه سوف يفقدا مقاعد البلدية فى هذه المدن، على واقع تردى الوضع الاقتصادى حيث انخفضت قيمة العملة التركية (الليرة) الأشهر الأخيرة 40%، وتخطى معدل التضخم الـ 20%، والبطالة إلى 11%، وارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق وتراجع شعبية الحزب الحاكم، والقمع الذى يمارسه النظام ضد المعارضة داخل وخارج البلاد.
وتشكل الانتخابات المحلية التركية التى انطلقت صباح اليوم أول استحقاق انتخابى يجرى بعد الانتقال من النظام البرلمانى إلى الرئاسى وتوسيع سلطات الرئيس رجب طيب أردوغان فى 2018، لذا ينظر إليها كونها استفتاء على شعبية الحزب الحاكم العدالة والتنمية المسيطر على الحياة السياسية فى تركيا، ووصفها الرئيس رجب طيب أردوغان بأنها مسألة حياة أو موت بالنسبة للبلاد، وسط معارضة كبيرة لهذا النظام فى الداخل واستقطاب سياسى حاد، ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات ستمثل اختبارا لحكومة أردوغان التى تعرضت لانتقادات بسبب سياساتها الاقتصادية وسجلها على مجال حقوق الإنسان.
ويدلى اليوم نحو 57 مليون ناخب بأصواتهم فى 194 ألف و390 صندوق انتخابى، موزعين على جميع أنحاء الولايات التركية، كما ينتخب الأتراك اليوم مخاتير آلاف الأحياء والقرى، و227 ألفا و624 عضوا للمجالس المحلية وهيئات المخاتير في البلديات. وسيستمر التصويت حتى 4 عصرا بالتوقيت المحلى فى الولايات الشرقية لتركيا، ومن 8 صباحا وحتى الخامسة عصرا فى عموم ولايات البلاد الأخرى.
خريطة التحالفات الانتخابية
وتخوض المعارضة التركية معركة شرسة أمام الحزب الحاكم فى هذه الانتخابات للسيطرة على مدينة إسطنبول وأنقرة، حيث يتنافس 1389 مرشحا و 12 حزبا و2 من التحالفات السياسية من فيهم مرشحون مستقلون، للظفر برئاسة 30 بلدية مدينة كبرى، و51 بلدية مدينة، و519 بلدية أحياء ضمن المدن الكبرى، و403 بلديات أقضية و386 بلدية ناحية.
ويخوض تخالفين أبرزهم (تحالف الشعب) الذى يشمل، العدالة والتنمية بزعامة أردوغان المتحالف مع حزب الحركة القومية بقيادة دولت بهجلي، ويسعى هذا التحالف للفوز ببلدية إسطنبول وأنقرة لضمان سيطرته، أما التحالف الثانى هو (التحالف الوطنى) الذى يضم حزب الشعب الجمهورى أبرز أحزاب المعارضة وحزب الخير.
ولم يقدم حزب الشعوب الديمقراطى الكردى مرشحين فى المدن الكبرى إسطنبول وأنقرة من أجل دعم أحزاب المعارضة فى هذه المدن حيث يوجه أصوات الأكراد إلى الأحزاب المعارضة التى سيشكل فوزها فى هذا الاقتراع ضربة قاضية للعدالة والتنمية.
أما باقى الاحزاب التى تخوض الانتخابات هى و"الشعوب الديمقراطي"، و"السعادة"، و"تركيا المستقلة"، و"الاتحاد الكبير"، و"الديمقراطي"، و"اليسار الديمقراطي"، و"إيي"، و"الشيوعي التركي"، و"الوطن".
وأصدرت السلطات تعليمات بحظر بيع أو تقديم أو تناول المشروبات الكحولية غدا بأى شكل من الأشكال بين الساعة 06:00 صباحا و12:00 ليلًا. وبموجب القرارات الرسمية، يتم إغلاق جميع الملاهى العامة، مثل المقاهى ومحلات الانترنت، وتقتصر المطاعم التى فيها فعاليات من هذا النوع على بيع المأكولات. كما حظرت السلطات حتى الساعة 6:00 على القنوات والإذاعات بث أى خبر أو توقعات أو تعليقات عن الانتخابات ونتائجها.
ومن المقرر أن يبدأ فرز الأصوات اعتبارا من الساعة 4:00 فى المناطق التى يكون التصويت فيها بين الساعة السابعة والرابعة، وفى الساعة 5:00 فى المناطق التى يكون التصويت فيها بين الثامنة والخامسة عصرا.
عمليات اعتقالات واسعة فى صفوف الأحزاب المعارضة
وعشية الانتخابات شنت قوات الأمن عملية أمنية موسعة فى مدينة إسطنبول ضد أعضاء حزب الشعوب الديموقراطى الكردى، وداهمت الشرطة التركية صباح اليوم 127 منزلا ومقرا لحزب الشعوب الديموقراطى الكردى واعتقلت خلال العملية أبرز السياسيين من الحزب بينهم أعضاء الحزب فى مجلس البلدية إسطنبول.
وبحسب صحيفة الزمان التركية، اتهمت النيابة العامة فى مدينة إسطنبول المعتقلين بدعم تنظيم إرهابى والترويج لحزب العمال الكردستانى المحظور فى تركيا.
وعمل أردوغان على حشد لحزبه الحاكم، وقال لأنصاره فى مؤتمر انتخابى فى إسطنبول إن تركيا ستحل الأزمة بسوريا "فى الميدان" بعد الانتخابات المحلية، وأضاف الرئيس التركى "أول ما سنفعله بعد الانتخابات هو أن نحل مسألة سوريا فى الميدان إن أمكن وليس على الطاولة" فى محاولة لجلب أصوات الأكراد لصالح العدالة والتنمية.
وفي الأيام التى سبقت الانتخابات، أقام أردوغان نحو 100 تجمع انتخابى فى جميع أنحاء البلاد وتحدث 14 مرة بمناطق مختلفة فى إسطنبول خلال اليومين الماضيين وأكثر من أربع مرات فى أنقرة طوال حملته الانتخابية.
وكان حزب "العدالة والتنمية" قد حاز فى الانتخابات المحلية السابقة على تأييد الأتراك فى 49 ولاية وفرض سيطرته على بلديات هامة مثل إسطنبول وأنقرة وغازى عنتاب، تلاه حزب "الشعب الجمهورى" بـ13 ولاية، أهمها إزمير التى تعد معقله الرئيس.