يحبس الحزب الحاكم فى تركيا أنفاسه عقب إغلاق صناديق الاقتراع فى الانتخابات البلدية التركية الـ19 التى شهدتها البلاد منذ تأسيس الجمهورية عام 1923، وبدأت عمليات الفرز لـ 194 ألف و390 صندوق انتخابي، موزعة على جميع أنحاء الولايات التركية الـ 81، وسط مخاوف من الحزب الذى يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان بفقدان مقاعد المدن الكبرى فى اسطنبول وأنقرة، الأمر الذى سيشكل ضربة قوية له.
ومنذ الساعات الأولى التى بدء الاقتراع، أثيرت حوله العملية الانتخابية الكثير من الشبهات والشكوك فى سلامتها، بعد أن انتشرت تقارير تفيد حدوث عمليات انتهاكات جسيمة تخللت عملية الاقتراع فى أول استحقاق انتخابى يجرى بعد الانتقال من النظام البرلمانى إلى الرئاسى، وتوسيع سلطات الرئيس رجب طيب أردوغان فى 2018، وفى مقدمة هذه الانتهاكات هو ما شهدته مدينة سعرد فى شرق تركيا من قيام جنود بالجيش وعناصر شرطة تم نقلهم من العديد من المدن مثل كوجالي ويوزجات على متن 45 حافلة للتصويت.
وتشير تقارير لصحيفة الزمان، أن حزب العدالة والتنمية الذى يقاتل بضراوة على مقاعد المدن الكبرى فى اسطنبول وأنقرة وأزمير لم يلتزم بالصمت الانتخابي، فرغم حظر الترويج عبر الرسائل النصية شهدت منطقة مالتبه في مدينة إسطنبول التي يترأسها حزب الشعب الجمهوري إرسال رئيس شعبة حزب العدالة والتنمية بالمنطقة، محمد أريكجي، رسائل نصية على الهواتف المحمولة.
وفي أيسال إبراهيم أكينال التقنية في غازي عنتاب رصد مواطن يدعى إبراهيم خليل ساراكشي أوغلو أثناء تصويته في الصندوق رقم 1122 استخدام صوت ابنته التى تدرس حاليا فى الولايات المتحدة.
وفى حي جولوشاغي التابع لبلدية حلوان بمدينة أورفة تم رصد قيام شخص بالتصويت الجماعي عن 45 ناخبا دون علمهم. وانتهكت سيارات تابعة للحزب الحاكم الصمت الانتخابي وجابت سيارات مناطق الاقتراع في بلدة شيلي بمدينة إزمير.
ويحدد 57 مليون ناخب بأصواتهم مصير هيمنة الحزب الحاكم فى الحياة السياسية، ففى حال خسارة العدالة والتنمية المدن الكبرى ستشكل أكبر ضربة يتعرض لها منذ وصوله إلى السلطة قبل أكثر من 17 عامًا.
وخاضت المعارضة التركية معركة شرسة أمام الحزب الحاكم فى هذه الانتخابات للسيطرة على مدينة إسطنبول وأنقرة، حيث تنافس 1389 مرشحا و12 حزبا و2 من التحالفات السياسية من فيهم مرشحون مستقلون، للظفر برئاسة 30 بلدية مدينة كبرى، و51 بلدية مدينة، و519 بلدية أحياء ضمن المدن الكبرى.
وخاض تخالفين أبرزهم (تحالف الشعب) الذى يشمل، العدالة والتنمية بزعامة أردوغان المتحالف مع حزب الحركة القومية بقيادة دولت بهجلي، ويسعى هذا التحالف للفوز ببلدية إسطنبول وأنقرة لضمان سيطرته، أما التحالف الثانى هو (التحالف الوطنى) الذى يضم حزب الشعب الجمهورى أبرز أحزاب المعارضة وحزب الخير.
ولم يقدم حزب الشعوب الديمقراطى الكردى مرشحين فى المدن الكبرى إسطنبول وأنقرة من أجل دعم أحزاب المعارضة فى هذه المدن حيث يوجه أصوات الأكراد إلى الأحزاب المعارضة التى سيشكل فوزها فى هذا الاقتراع ضربة قاضية للعدالة والتنمية.
أما باقى الاحزاب التى تخوض الانتخابات هى و"الشعوب الديمقراطي"، و"السعادة"، و"تركيا المستقلة"، و"الاتحاد الكبير"، و"الديمقراطي"، و"اليسار الديمقراطي"، و"إيي"، و"الشيوعي التركي"، و"الوطن".
ويتوقع أن تشكل نتائج الانتخابات صفقة جديدة للرئيس التركى، حيث يخشى الحزب الحاكم الذى يتزعمه أردوغان خسارة مدن كبرى مثل (إسطنبول وأنقرة فضلا عن إزمير وأضنة وبورصة)، وسط استطلاعات للرأى تشير إلى فقدان العدالة والتنمية حظوظا للفوز، وترجح أن أردوغان وحزبه سوف يفقدا مقاعد البلدية فى هذه المدن، على واقع تردى الوضع الاقتصادى حيث انخفضت قيمة العملة التركية (الليرة) الأشهر الأخيرة 40%، وتخطى معدل التضخم الـ 20%، والبطالة إلى 11%، وارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق وتراجع شعبية الحزب الحاكم، والقمع الذى يمارسه النظام ضد المعارضة داخل وخارج البلاد.
وينظر إلي الانتخابات المحلية كونها استفتاء على شعبية الحزب الحاكم العدالة والتنمية، حيث وصفها أردوغان بأنها مسألة حياة أو موت بالنسبة للبلاد، وسط معارضة كبيرة لهذا النظام فى الداخل واستقطاب سياسى حاد، ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات ستمثل اختبارا لحكومة أردوغان التى تعرضت لانتقادات بسبب سياساتها الاقتصادية وسجلها على مجال حقوق الإنسان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة