بينما يحتفى العالم بهزيمة داعش فى العراق، لكن التهديد الإرهابى لم ينته مع استمرار وجود تلك الأسباب التى دفعت لصعود هذه القوى المدمرة، والتى تتعلق على الأغلب بالانقسام الطائفى الذى طالما هدد المجتمع العراقى.
وفى تقرير مطول، حذرت شبكة "سى.إن.إن"، الأمريكية، الثلاثاء، أنه على الرغم من هزيمة العراق لتنظيم داعش منذ أكثر من عام، لكن محاولات إحياء التنظيم الإرهابى جارية بالفعل. وتشير إلى كلمة الرئيس العراقى برهام صالح، خلال معرض الكتاب الذى سمى هذا العام باسم الروائى "علاء مشذوب"، الذى اشتهر بالتحدث ضد الطائفية وقتل بالرصاص خارج منزله فى أوائل فبراير الماضى.
وتحدث صالح عن تحدى الإرهاب وأهمية حرية التعبير ومكانة العراق التاريخية فى الشرق الأوسط كمركز فكرى، رغم أن البلاد بعيدة عن تلك الحقبة المجيدة. وأشار إلى أن الإرهاب يبقى التحدى الأكبر للبلاد، مضيفًا: "أريد أن أشير إلى أن الحياة السياسية العراقية هى فى مرحلة التحول التى يجب فيها تعزيز الانتصار على الإرهاب والعنف من خلال المزيد من الإصلاحات والإجراءات التى تجعلها نصر حاسم ".
وبالنسبة لهشام الهاشمى، خبير عراقى فى الإرهاب، تكمن المشكلة فى مثل هذه التصريحات، موضحًا أن على الرغم من الخطاب الذى يلقيه بعض القادة العراقيين، فإن هذا البلد يتشابك فيه الفشل السياسى ونشأة الإرهاب والعنف بشكل لا يمكن فصمه.
وقال الهاشمى: "العراق لم يتعلم الدرس من داعش خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعايش والأمن المدنى، وقبول الآخرين والاعتذار للآخرين، فإن الأسباب نفسها التى جعلت من داعش دولة ما زالت قائمة وتنمو، باقية". وتقول "سى.إن.إن" إن هناك انفصالا ملحوظا بين العراق المتغير الذى وصفه السياسيون والقادة العسكريون فى بغداد والواقع على الأرض لأولئك الذين يعيشون فى مناطق كانت تحت حكم داعش.
ففى حين أن القوات المدعومة من الولايات المتحدة على وشك استعادة المعقل النهائى لداعش فى سوريا المجاورة، أعلن العراق النصر ضد داعش قبل أكثر من عام، قائلا إن التنظيم تراجع إلى حفنة من القوات الخارجة عن القانون. وقال مصدر استخباراتى عراقى لشبكة سي إن إن التلفزيونية، إن المسلحين يشنون الآن حملة عصابات جديدة من قاعدتهم فى المناطق النائية بشمال العراق، حيث يقومون بعمليات اغتيال مستهدفة نهب القرى وزرع قنابل على جانب الطريق وتدريب "قوة ضاربة" جديدة.
وفى الأراضى الصحراوية الشاسعة الواقعة بالقرب من سلسلة جبال هامرين، لا يزال السكان تحت رحمة "عصابات" داعش الذين يحكمون الليل. إنهم يعرفون المنطقة جيداً، حيث استقروا فى هذا المكان عندما كانوا يعرفون باسم الدول الإسلامية فى العراق، وتحت اسم تنظيم القاعدة فى العراق. وفى هذه الأراضى، التى تمتد على طول الطريق إلى الحدود السورية، ذهب أبو بكر البغدادى وجماعته الإرهابية قبلا للاختباء قبل أن يظهروا أكثر قوة وفتكاً فى 2014.
لكن الطائفية ليست التهديد الوحيد الذى يمهد لعودة داعش أو غيره من التنظيمات الإرهابية، فبينما يركز الجميع على إعادة بناء الشمال العراقى واستعادة الحكومة العراقية الأراضى التى سيطر عليها التنظيم طيلة نحو عامين، فإنه هناك حالة تجاهل للفقر والأوضاع الانسانية السيئة فى الجنوب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة