الاستناد للمعلومات الحقيقية هو أولى خطوات التحليل الصحيح، وبالرغم مما يبدو من سهولة هذا، فإن الأمر يبدو أكثر صعوبة مع تضاعف حالات انتشار الشائعات، وقد ضربنا أمثلة بحالات انطلقت فيها شائعات، وتحولت إلى قاعدة للتحليل والنقاش، وكان خبر وزير النقل الوهمى مثالا أخيرا، لكنه ليس المثال الوحيد، وربما كان كاشفا عن واقع يفرض نفسه مع أدوات التواصل.
لكن الأكثر إثارة هو كم الشائعات التى يتم إطلاقها بتعمد ومن خلال منصات تفعل هذا بوعى، بل أحيانا تنشره تحت واجهة المهنية، حيث يبدو الأمر نوعا من الاتفاق بين منصات الشائعات، وبعض المنظمات التابعة، ثم قنوات افتراضية أو فضائية، وبالرغم من أن الحكومة تقدم خلال الشهور الأخيرة التقارير اليومية والأسبوعية عن مركز معلومات مجلس الوزراء، تتناول الرد على ما يثار من شائعات وأخبار مزيفة، ومنها شائعة انتشرت حول مراقبة حكومية لمحادثات المواطنين على مواقع التواصل، وهو ما يتنافى مع الدستور والقانون وزارة الاتصالات نفت وجود أى مراقبة للمحادثات الخاصة بالمواطنين على مواقع التواصل الاجتماعى سواء الـ«فيس بوك» أو «تويتر» أو غيرها.
اللافت للنظر أن منظمة العفو الدولية سارعت بنشر تقرير رددت فيه نفس الأخبار، دون أن تقدم أى دليل، وقد تلقيت اتصالا للتعليق على هذا التقرير، لكننى اكتشفت أنه ليس تقريرا، ولكنه مجرد مقال رأى نشره محرر فى المنظمة، يخلو من أى توثيق أو مستند أو حتى شكوى مسجلة لأى من الأطراف التى يتحدث عنها، ويزدحم تقرير منظمة العفو بتعبيرات وألفاظ لا علاقة لها بالحقوقية أو المهنية، بل إنه حتى لا يراجع الحكومة أو ينشر ردها.
قلت لمحدثى إن بعض المنظمات الحقوقية المشهورة دوليا أصبحت تضر بقضايا حقوق الإنسان عندما تفرط فى نشر الشائعات والمعلومات غير الموثقة أو تنشر تقارير تحمل دفاعا عن متهمين بالإرهاب، بل تتورط فى نشر أسماء لمختفين يتضح أنهم انضموا لداعش أو غيرها، وقلت أيضا إن تقرير منظمة العفو هو مقال رأى يفتقد للتعبيرات الحقوقية، ويميل أكثر للهجوم والانتقاد.
ولم يعد العاملون فى هذه المنظمات يفصلون بين موقعهم من منظمة يفترض فيها المهنية، وبين آرائهم الشخصية، حيث يسقط الحد الفاصل بين العمل فى المنظمة وممارسة نشاط سياسى، حيث نشرت منظمة هيومان رايتس مقال رأى حول رامى مالك وفيلم «بوهيميان رابسودى» عن قصة حياة مغنى فرقة «كوين» البريطانية «فريدى ميركورى»، والذى حصل علي أوسكار. المنظمة هاجمت فى المقال الحكومة المصرية، وخلط كاتبه بين نقاش دائر حول حدود الرقابة على الأفلام والأعمال الفنية وبين اتخاذ هذا مجالا لهجوم على الحكومة أو الدولة، بل إن مقال هيومان رايتس خلط بين المصريين عموما وموقفهم من فوز رامى مالك بالأوسكار، وبين موقف رسمى أو رقابى.
وهى مواقف يمكن الجدل والاختلاف والاتفاق حولها، لكن القضية هو سقوط الحواجز بين العمل الحقوقى والسياسى، وتورط منظمات حقوقية فى خلط، يشير لوجود علاقات تمويلية أو سياسية لصالح منظمات ودول لديها خلافات مع مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة