قلنا مرارا وتكرارا، أن خطايا عدد كبير من العاملين فى مجال كرة القدم، والمراقبين والمحللين، تتمثل فى افتقاد عيون الجواهرجى فى التقييم الصحيح، والقدرة على الفرز بين الفالصو والمعادن النفيسة..!!
والمدربون، على وجه التحديد، إذا افتقدوا فضيلة التقييم والفرز، وإجادة توظيف اللاعبين فى الملعب، فأنصحهم بالابتعاد عن مجال كرة القدم نهائيا.
لا نطلب من المدربين للفرق المصرية، أن يتمتعوا بخيال وإبداع، كونهم فرز ثانى وثالث، تتواءم مع القدرات المادية للأندية المصرية، ولكن على الأقل، نطلب منهم أن يتمتعوا بالقدرة على قراءة الملعب منذ الدقيقة الأولى من انطلاق المباراة، وتقييم فاعل لقدرات لاعبى أنديتهم، وحسن التوظيف فى الملعب، والشجاعة فى اتخاذ القرارات، ودون هذه العوامل الجوهرية، فإن المدرب يصبح مثله مثل الجمهور، يشاهد المباريات فقط..!!
الساحر مانويل جوزيه، كان من المدربين أصحاب الخيال والإبداع، ولديه القدرة على التوظيف الجيد للاعبين، وقراءة الملعب، لذلك كان محقا عندما وظف محمد بركات للعب "باك يمين" فى صدمة للنقاد والجماهير والمحللين والمراقبين، كما وظف شادى محمد من "باك شمال" إلى قلب الدفاع، وكان يستعين بوائل جمعة، كمهاجم، صريح لاستغلال ضربات الرأس، عند تعثر المهاجمين، كما صمد أمام تيارات وإعصار الهجوم والتشكيك فى قدرات "فلافيو" طوال عام كامل، وتمسك به، وكان يراه مهاجما رائعا، وبالفعل، كان فلافيو عند حسن ظن "جوزيه" وصال وجال وأبدع، كما لم يبدع مهاجما إفريقيا فى صفوف النادى، من قبل، أو بعد، كما وظف "جيلبرتو" من منتصف الملعب، إلى "باك شمال" ونجح نجاح ساحق فى مهمته..!!
إذن المدرب، الجيد، هو القادر على حسن توظيف الأدوات التى يمتلكها، ولا ينتظر رأى معاون له من عينة "محمد يوسف" وإنما يستطيع اتخاذ القرارات الفنية بشجاعة، ومن ثم استطاع مانويل جوزيه، وطوال عقد من الزمن، أن يحقق إنجازات تاريخية، بسيطرته على البطولات الإفريقية والمحلية، وحصوله على المركز الثالث فى بطولة العالم للأندية باليابان، واستطاع تغيير مفهوم لعب نادى القرن، خارج الأرض، وكأنه يلعب داخل مصر، بنفس روح الانتصار والعزيمة والإصرار..!!
والحقيقة، أن مارتن لاسارتى، وأعوانه، "قماشتهم" الفنية ضيقة للغاية، ولا تصنع فارقا مدهشا، وكشفت بجلاء عدم القدرة على الابتكار والتوظيف الجيد للاعبين فى الملعب.. وأنه تقليدى، فى التشكيل، وخطط اللعب، والتغييرات، وتمسكه بلاعبين، دون المستوى، على حساب لاعبون أكفاء، فعلى سبيل المثال، يدفع بسعد سمير، الذى أثبت فشلا فى كل المواجهات الكبيرة، على حساب رامى ربيعة وياسر إبراهيم، وهما طوال القامة ويجيدون ألعاب الهواء، ويتسمان بالقوة والسرعة.. كما يتمسك بناصر ماهر، ومروان محسن، وهما لاعبان بطيئان، ويفتقدان للقرار الصحيح، عكس وليد أزارو وحسين الشحات.
وعندما دفع لاسارتى، بالرباعى، حسين الشحات ورمضان صبحى وأجايى ووليد أزارو، أمام صن داوبز، مساء أمس الأول، أجادوا بقوة، وكانت الفاعلية الهجومية كبيرة، خاصة وأن الرباعى يمتاز بخفة الحركة، والسرعة، والقدرة على المراوغة، مع دعم قوى من عمرو السولية من منتصف الملعب، وزيادة على معلول، وأحمد فتحى..!!
وعندما قرر التغيير ودفع بناصر ماهر وخرج حسين الشحات، ودفع بمروان محسن وخرج أجايى، اختفت الفاعلية الهجومية تماما، ولم يعد لها تأثير وأنياب، بنفس تأثير وأنياب وفاعلية الشوط الأول ومنتصف الشوط الثانى..لذلك مطلوب تثبيت هذا الرباعى فى المباريات المقبلة، مع إدخال جيرالدو ووليد سيلمان وصالح جمعة، ليكونوا بدلاء رائعين للرباعى الخطير!!
إذن الأهلى، يمتلك كتيبة من الموهوبين، واللاعبين الرائعين، يتبقى فقط، أن يتم استبعاد محمد يوسف، المدرب المسكين والفقير فقر مدقع فنيا، والاستعانة مدرب عام كفء من عينة عماد النحاس وعلى ماهر، يكون له صلاحيات مهمة، وصوت قوى يسمعه مارتن لاسارتى..!!
ويبقى المشهد الرائع لجمهور الأهلى، الذى شجع بقوة تحرك صخور الجبال، وصفق للاعبين عقب انتهاء المباراة فى مشهد حضارى، لا نراه إلا فى الملاعب الأوروبية، والدوريات الكبرى، وعندما تخلى الجمهور عن الانشغال بالأمور البعيدة كل البعد عن كرة القدم، ووصلات الشتائم والسباب، وإشعال الشماريخ، وركز فقط فى تشجيع فريقه فقط، فكان له الأثر البالغ فى تصدير البهجة والتفاؤل، للجميع، وكان عنصرا بارزا ومحوريا فى بث الرعب فى قلوب الفرق المنافسة..!!
المشهد الرائع الذى ظهر عليه جمهور النادى الأهلى، وسبقه التنظيم المبهج والعبقرى لسحب قرعة بطولة الأمم الإفريقية، فى أعظم بقعة سحرية، ليس فى مصر فحسب، ولكن فى العالم، ينبئان، بنجاح البطولة الإفريقية، بقوة، وإعادة الحياة للملاعب، وتعميق صورة مصر الحضارى الخارج..!!