وصل «أرئيل شارون» وزير الدفاع الإسرائيلى وأحد سفاحى الكيان الصهيونى التاريخيين إلى القاهرة يوم 16 إبريل- مثل هذا اليوم -1982 فى زيارة أثارت جدلا وقتها، وأزيحت أسرارها بعد سنوات من إتمامها.
كان «شارون» وزيرا فى حكومة مناحم بيجين، وتمت الزيارة بعد 6 أشهر من اغتيال الرئيس السادات «6 أكتوبر 1981»، وتولى محمد حسنى مبارك الرئاسة، فتوجهت الأنظار إلى طريقة تعامله مع إسرائيل، وجاءت زيارة شارون، فرفضتها أحزاب المعارضة ونقابات وشخصيات مستقلة، استقبلته الحكومة رسميا، ولأن زيارات قادة إسرائيل لمصر حافلة بالأسرار، فإن هذه الزيارة تحديدا فيها إثارة كبيرة، فحسب البرنامج الوثائقى «السلام المر بين مصر وإسرائيل» على «الجزيرة الفضائية»: «التقى شارون وزير الدفاع آنذاك بالرئيس المصرى الجديد حسنى مبارك قبل أيام من الخطوة الأخيرة للانسحاب من سيناء «25 إبريل 1982»، ومع تأمين إسرائيل لحدودها الجنوبية «مصر»، تفرغت لحدودها الشمالية فاجتاحت لبنان «6 يونيو 1982».
قبل بدء الزيارة بساعات، كانت القاهرة تشهد حدثا هناك من يربطه بالزيارة، بالرغم من ضعف الأدلة، فحسب كتاب «التطرف الدينى للدكتور «بهلول نسيم»: «فى يوم 16 إبريل وصل إلى القاهرة «أريل شارون»، وقيل إنه جاء ليحضر تنفيذ حكم الإعدام فى خالد الإسلامبولى ورفاقه، وقيل أيضا إن السلطات المصرية رفضت الاستجابة، واكتفت بإعطائه نسخة من شريط فيديو عليه مشاهد الإعدام»، ويتبنى هذا الرأى «عبود الزمر» المتهم فى قضية اغتيال السادات، قائلا لموقع «المصريون» يوم 5 أكتوبر 2017: «قامت جهات مصرية بتسليم الجانب الإسرائيلى شريط فيديو موثق بإعدام خالد الإسلامبولى وإخوانه الأربعة كدليل على جدية والتزام الرئيس المخلوع مبارك باتفاقية السلام وسيره على نهج سلفه الراحل»..يزعم «الزمر»: «تسليم شريط الإعدام كان ضمن شروط إسرائيل لتسليم سيناء كاملة فى 25 إبريل 1982، وهو ما استجابت له مصر».
تبقى هذه الروايات «بلا سند قوى، بدليل أن «بهلول نسيم» يذكرها بصيغة «يقال».. غير أن زيارة شارون شهدت حدثا آخر، يكشف عنه المهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية 16 عاما متصلة، بدأت من سبتمبر 1977 «فى عهد السادات» حتى 1993 «فى عهد مبارك».. كان «الكفراوى» طرفا مباشرا فى الزيارات الثلاث أيام السادات، وغير مباشر فى الزيارة الرابعة يوم 16 إبريل 1982 «أيام مبارك»، حسبما يؤكد فى حوار أجرته معه الكاتبة الصحفية «نور الهدى زكي» لجريدة «البيان الإماراتية»، يوم 8 أغسطس 2001.
يكشف «الكفراوى»، أن اللقاء الأول كان أثناء لقاء السادات مع بيجين «رئيس الحكومة الإسرائيلية» فى شرم الشيخ.. يتذكر: «امتد هذا اللقاء ساعتين، ولم يطلب فيها شارون غير الصداقة، وأن أذهب لزيارته فى إسرائيل حتى أشاهد المزرعة التى يمتلكها».. يتذكر الكفراوى: «وجدت أمام شارون أنواعا من الفاكهة التى قدمها لى، وطبق فول مدمس وطعمية، وهربت من «الصحوبية والعزومة» بردى عليه: «أولادى يؤدون الامتحانات الآن، وأنا مشغول ولدى هموم كثيرة، وإن شاء الله لما ترجعوا كل حاجة لأصحابها، أعزمك وتعزمنى».
يتذكر «الكفراوى» اللقاء الثانى ويقسم: «أشهد الله على كل كلمة جاءت فيه».. ويواصل: «كان فى فندق مريديان، وكان معه زوجته وابنه.. قلت له: وأنت تضرب وتذبح الناس والأطفال فى دير ياسين وقبية، ألم تتصور أنه بين هؤلاء الناس والأطفال من هو مثل ابنك هذا؟ رد شارون: هذه حرب عقائدية، ليس فيها عواطف، وسألت زوجته محاولا إشراكها فى الحديث: هل تسمعين ماذا يقول زوجك؟ ولم ترد».. يضيف الكفراوى: «فى هذا اللقاء طلب الصداقة وزيارة مزرعته، قائلا: «ستعجبك جدا»، واعتذرت».
كان اللقاء الثالث هو الأكثر إثارة يتذكر الكفراوى: «دخل على شارون نافش ريشه هذه المرة وبادرنى قائلا: أنا كنت عند الرئيس السادات، واتفقت معه أن أخذ وادى كركر «جنوب مصر» والمثلث «ما بين الفيوم وبنى سويف والجيزة»، فقلت له: لا وادى كركر فاضى، ولا المثلث فاضى، أنا منحت وادى كركر والمثلث لشركة مساحة البحيرة لاستصلاحه، واتفقت مع الشركة العقارية لاستصلاح منطقة المثلث، فرد ثائرا: إزاى، الرئيس قال لى.. فقلت: «أنتم تقولوا إن عندكم ديمقراطية، هل تتصور أن الرئيس السادات يستطيع أن يفرض على وزير حاجة لا يراها..الرئيس يتكلم سياسة وأنا الوزير المختص».
يؤكد الكفراوى، أن السادات أبلغه تليفونيا بقراره قبل أن يحضر شارون، فرد الكفراوى بالاعتراض فغضب السادات قائلا: «لا أسمح أن يزايد علىّ أحد منكم.. أنا أكثر منكم وطنية»، يوضح الكفراوى أن السادات كان يقصده ووزير البترول وقتها أحمد هلال الذى كان يرفض منح البترول لإسرائيل.. يضيف الكفراوى، أنه أوضح وجهة نظره للسادات قائلا: «شارون نشن على منطقتين، وادى كركر وهو ليس بعيدا عن محطة كهرباء السد العالى، وهم متصورين أن هذه الأراضى بتاعة الست والدتهم.. وإذا كنت مصمم سأعرض عليهم الفرافرة فهى صحراء وهم عندهم خبرة فى تعمير الصحراء».. رد السادات: «برافو يا كفراوى».. أنا مش خايف عليك أبدا، وسأرسله «شارون» لك، وتصرف معه».
يكشف «الكفراوى»: «بعد موت السادات فيما يبدو أن شارون توصل إلى رأى آخر، حيث طلب عبر السفير الإسرائيلى موعدا للقائى أثناء زيارته للقاهرة، فتحدثت مع الرئيس مبارك، وعرفت منه أنه طلب الفرافرة، فحكيت للرئيس ما حدث حول هذا الموضوع أثناء الرئيس السادات»..يؤكد الكفراوى أن مبارك قال له: «اقفل على الموضوع ووزعهم”.. ولم يتم اللقاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة