أكرم القصاص

أوهام وحقائق حول الاستفتاء

الإثنين، 22 أبريل 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أى متابع موضوعى للسياسة والممارسة السياسية فى مصر يمكن أن يلمح مجموعة من العناصر حكمت عمليات التصويت والإدلاء بالرأى فى كل الفعاليات السياسية،  سواء انتخابات مجالس النواب أو الرئاسة، وأخيرا الاستفتاء على التعديلات الدستورية، نسب الحضور تقريبا متقاربة، كان الجدل دائما بين المشاركة والمقاطعة، مع الأخذ فى الاعتبار أن دعاة المقاطعة لم يقدموا دليلا على فائدة المقاطعة، بعيدا عن آراء وتحليلات لا تتجاوز مواقع التواصل التى لا يمكن الاستناد إليها فى استنتاج وتحليل.
 
ويمكن التقاط إشارات بوجود تحول فى أداء بعض قطاعات نحو المشاركة أكثر من المقاطعة، فضلا عن ثبوت خطأ بعض المواقف التى انتشرت ووجدت لنفسها طريقا إلى الترديد بل وأصبحت مجالا لبناء تحليلات ووجهات نظر، أهمها الادعاء بوجود حملة مطاردة لرافضى التعديلات، اتضحت وهميتها بعد إقدام مجلس النواب على فتح الباب لمناقشة التعديلات، وإتاحة الفرصة للنواب المعارضين أن يعلنوا آراءهم بشكل علنى. 
 
وهناك نواب صوروا أنفسهم وحرصوا على وضع آرائهم على صفحاتهم بفيس بوك ليسجلوا موقفا رافضا، ومنهم النائب أحمد طنطاوى وهيثم الحريرى وغيرهما، وتم إعلان قائمة النواب المعارضين للتعديلات بشكل تام من دون أى تاثير ضدهم، وهؤلاء وغيرهم كثيرون شاركوا فى الاستفتاء بالرفض ونشروا ذلك على صفحاتهم تأكيدا لموقفهم، وهو أمر ربما ساهم فى رفع نسبة المشاركة. 
 
كل هذا وظلت قنوات تركيا وقطر تتحدث عن مطاردة المعارضين مستندة لحالة نائب الفيديوهات الذى سافر للخارج وظهر فى عدة برامج يعلن أنه مطارد بسبب موقفه الرافض للتعديلات، بينما زملاؤه أعلنوا آراءهم فى نفس القنوات التى ظهر فيها ولم يتعرض لهم أحد، بل إن مواقف بعضهم كانت أكثر عنفا مما يطرحه.
 
وحتى عندما سارع محام باحث عن الشهرة بتقديم بلاغ ضد النائب طنطاوى أعلن رئيس مجلس النواب الدكتور على عبدالعال بشكل قاطع فى حديثه لـ«اليوم السابع» أن من يقدمون بلاغات ضد المعارضين باحثون عن الشهرة ويرسلون رسائل خاطئة للداخل والخارج، وأكد الدكتور عبدالعال أن النائب محصن فى إبداء آرائه البرلمانية بالدستور. 
 
هناك حاجة إلى مواجهة أصحاب البلاغات الفضائية التى تشغل وتنتهى للحفظ، وكل ما تقدمه هو منح الدعاية السلبية فرصة ، ويفترض أن يتم التعامل معها بشكل تشريعى يمنع المطاردات التى هدفها الشهرة.
 
كانت فكرة فتح المجال لحوار مجتمعى بمشاركة فئات متعددة من السياسيين والنقابيين، مهمة، يمكن أن تكون قاعدة فيما يتعلق بمناقشة التشريعات المختلفة. نفس الأمر فيما يتعلق بمناقشة فكرة النزول للتصويت، وقد أخذت مجالا للنقاش بين قطاع افتراضى اعتاد المقاطعة دائما، باعتبار أن صوته ليس له قيمة، و قطاعات أوسع تدعو للتصويت بالموافقة أو الرفض، باعتبار أن المشاركة تمثل موقفا أكثر إيجابية، وحسنا فعلت اللجنة الوطنية للانتخابات بإعلان عدم فرض غرامات على من لا يدلى بصوته. 
 
ويمكن أن يمثل هذا التطور خطوة لأن تطور المعارضة من مواقفها بشكل يتجاوز المواقف الافتراضية التى ثبت بالتجربة أنها بلا فاعلية، وتكشف عن وجود انفصال بين ما يدور على مواقع التواصل ويختلف عن الواقع، حيث لا يمكن الاستناد إلى استطلاعات الرأى الافتراضية، وقد ثبت خطؤها ليس فى مصر، ولكن فى الولايات المتحدة وأوروبا أيضا، فيما يتعلق بتوقعات المشاركة والفوز والخسارة، خاصة أنها تستند إلى الحشد أو اتخاذ مواقف إرضاء أكثر منها تعبيرا عن قناعة، وهى ظاهرة تضاعف من صعوبة قياس الرأى العام من مواقع التواصل. 
 
كل هذا يصنع حالة مختلفة، وقد يؤدى إلى تطور نوعى فى الممارسة السياسية بعيدا عن الجدل الافتراضى الذى ثبت عدم جدواه خلال سنوات سابقة، خاصة هذا الذى يبنيه أصحابه على الماضى، من دون النظر إلى تحولات فى تركيبة السلطة وشكلها ليس فى مصر وإنما فى العالم كله، يضاف إلى ذلك وجود إدراك لتطورات على مستوى السياسة الدولية والإقليمية لا يمكن أن تخفى على أحد، تفرض النظر إلى ما يجرى محليا وإقليميا بشكل يتجاوز الكلاشيهات الجاهزة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة