كانت أصابع داعش واضحة فى التفجيرات الانتحارية فى كنائس وفنادق سريلانكا، التى أسفرت عن مقتل 321 شخصا وإصابة نحو 500 آخرين، ليس فقط لطبيعة التفجيرات، لكن لوجود توقعات بأن يواصل التنظيم الإرهابى نشاطه فى محاولة لإثبات الوجود والتأثير، بعد الهزائم التى تلقتها دولته المزعومة فى سوريا والعراق، حيث كانت خرائط التحرك تشير إلى آسيا، كمجال للتحرك، مع اختيار نقاط ضعيفة، يمكن للانغماسيين التحرك فيها، مع وجود استنفار لدى الدول التى أصبحت تملك خبرات فى مواجهة الإرهاب.
«داعش» يريد التأكيد أنه موجود ولم يهزم كما تشير التقارير الأمريكية فيما يتعلق بمصير التنظيم فى الشام والعراق، وحتى أجهزة الأمن فى العراق نفسها، أعلنت مرات أن هناك فلولا وخلايا منتشرة فى مناطق متعددة من العراق والشام، تنتظر التحرك.
ولا أحد بحاجة إلى تحليل لا إنسانية العمليات الإرهابية ضد المصلين والرواد الأبرياء فى سريلانكا، فتنظيم مثل داعش، وأشباهه من التنظيمات التكفيرية، لا تحتاج إلى أبحاث فى الأخلاق والعقيدة لتأكيد خروجها عن أى حواجز أخلاقية أو إنسانية أو دينية.
«داعش» أعلن بعد يومين مسؤوليته عن الهجمات عبر وكالة أعماق للأنباء التابعة له. وإن كان التأخر فى إعلان المسؤولية، يثير بعض التساؤلات، خاصة أن الشكوك فى سيرلانكا اتجهت نحو «جماعة التوحيد المحلية»، التى تحمل أفكار القاعدة، ثم داعش، وتم اعتقال 40 مشتبها فيهم تابعين للجماعة من بينهم سورى «قبض عليه بعد التحقيق مع المشتبه بهم المحليين».
جماعة التوحيد اشتهرت بعد أن خرب أعضاؤها تماثيل بوذية فى سيرلانكا العام الماضى، وقد سبق وحذر رئيس المجلس الإسلامى السريلانكى أحمد حلمى، من جماعة التوحيد قبل 3 سنوات، والتى دعت أنصارها لاستهداف غير المسلمين وقتلهم، وأعادت التفجيرات الإرهابية غير المسبوقة فى سريلانكا تسليط الضوء على جماعة التوحيد، التى تعتبر نسخة من «داعش»، بالرغم من أن المسلمين يشكلون فقط 10% من السكان، وهى نفس نسبة المسيحيين فى دولة أغلبيتها بوذية.
وهناك محاولات لبحث العلاقة بين جماعة التوحيد وداعش، مع إعلان التنظيم الإرهابى مسؤوليته عن التفجيرات، وهو ما قد يعنى تحريك عشرات وربما مئات الدواعش من سوريا والعراق إلى سريلانكا، ونقلت صحيفة «ميرور» البريطانية عن الخبير الأمنى روهان كوناراتنا، قوله إن «جماعة التوحيد تعتبر فرعا محليا من تنظيم داعش وأن عددا من السريلانكيين المنضمين للجماعة سافروا إلى سوريا والعراق والتحقوا بداعش» وأن هؤلاء هم من يتوقع أن يكونوا نفذوا الهجمات الانتحارية ضد المصلين ورواد الفنادق فى سيرلانكا.
وهناك بعض المعلومات والصور نشرت عن علاقة بين قيادات جماعة التوحيد السرلانكية مع قطر، حيث تحصل هذه الجماعة على تمويل من الدوحة، التى ترتبط بعلاقات مع عدد من التنظيمات والجماعات المتطرفة فى سوريا والعراق، وهناك صور جمعت أمير جماعة التوحيد والشيخ يوسف القرضاوى فى الدوحة، مما قد يشير إلى علاقات بعمليات نقل فلول داعش من سوريا والعراق عبر تركيا لبعض بلدان آسيا، مثل باكستان وتايلاند وماليزيا وسيرلانكا. وكانت تركيا دائما نقطة دخول وخروج للدواعش من وإلى سوريا.
وكل هذه التقارير تعنى استمرار داعش كتنظيم يستمر فى تلقى التمويل ويتحرك ضمن خرائط متعددة، بحثا عن نقاط ضعيفة يعلن منها عن نفسه، ضمن عولمة لإرهاب يمثل تهديدا متشابكا، وهو ما يجعل الإرهاب متجاوزا للإقليمية إلى تهديد أوسع متوقع فى كل وقت، وربما تكون عملية سيرلانكا، كاشفة عن المزيد من خيوط الإرهاب المتشابكة.