عندما طرح الحديث عن العولمة فى تسعينيات القرن العشرين، كان الأمر يبدو أكثر غموضا، اتفاقيات التجارة ترتب حرية انتقال السلع والخدمات، كان الأمر يبدو أوربيا وأمريكيا فى الأساس، وبدت الدول النامية بعيدة عن هذه السياقات الاقتصادية لكونها لا تمتلك البنية الأساسية والاستعداد للاستثمار والنمو، كانت الصين فى منتصف مسافة إلى النمو والدخول فى المنافسة، لكن الأمر اليوم يبدو أكثر وضوحا. حيث تحتل الصين مقدمة الدول فيما يتعلق بالصناعة والتجارة، وحتى يمكنها أن تضمن مصالحها فقد كانت فكرة الطريق والحزام، التى تتضمن طريقا بريا يمتد على طريق الحرير القديم، وفى نفس الوقت حزام من الموانئ البحرية والمناطق الاقتصادية، الصين تعلن أنها لا تسير على طريق الاستعمار القديم، لكنها تفتح مجالا لمصالحها وتتيح للدول الأخرى على الطريق والحزام أن تحقق مصالحها الاقتصادية. وتقدم فرصا لأكثر من 70 دولة للمشاركة والاستفادة من هذه الفرص، ومنها دول فقيرة، تحتاج إلى الكثير لتجهيز بنيتها الأساسية للتعامل مع هذه الفرص.
من هنا تأتى المشاركة المصرية فى هذه المبادرة الكبرى للطريق والحزام والتى تتجاوز، احتكار الدول الثمانية الكبار للاقتصاد، ويسمح بانضمام الدول التى تقع على امتداد الطريق والحزام.
وحسب حديث الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء الإماراتى فإن منتدى الحزام والطريق الدولى فى الصين، مشروع عالمى سيربط المجتمعات والاقتصادات والشعوب وسيحفز النمو العالمى فى عدة قطاعات وصناعات عبر بنية تحتية عالمية.
ومن هنا يمكن تفهم التسارع الذى اتخذته مصر فى إقامة هذا الحجم من الطرق والمشروعات والمناطق الاقتصادية التى تجعل مصر قادرة على الوفاء بالتزاماتها كدولة محورية فى شبكات التنمية وفرص النمو، وهناك منافسة واسعة لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات، ولا يفترض أن تبقى الدول فى انتظار ما يلقى إليها، لكنها يجب أن تكون جاهزة للتعامل مع الفرص، بالتخطيط وليس بالمصادفات. وقد ظهر ذلك فى استعراض الرئيس عبد الفتاح السيسى، للتجربة المصرية فى المشروعات القومية أمام القادة المشاركين بقمة «الحزام والطريق».. وعلى رأسه المشروع العملاق لتنمية محور قناة السويس.. وتجهيز مصر لتكون مركزا عالميا للطاقة، حيث يشكل محورر قناة السويس، استثماراً لموقع القناة الاستثنائى بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وسعيا ليصبح المحور مركزاً لوجستياً واقتصادياً عالمياً يساهم بفاعلية فى تطوير وتسهيل حركة الملاحة والتجارة الدولية، وبما يتكامل مع مبادرة الحزام والطريق التى تعتمد بالأساس على مفهوم الممرات الاقتصادية للتنمية، وتوظيف الفرص التى يتيحها الاقتصاد الرقمى، وفيما يتعلق بمصر كرئيس للاتحاد الأفريقى.
أعلن الرئيس أهمية توفير التمويل لمشروعات البنية التحتية فى أفريقيا عبر إقامة شراكات فاعلة، ومنها ممر القاهرة/كيب تاون، ومشروع الربط الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط. وكلاهما كان يمثل حلما بعيدا عن التحقيق، لكن فى حال الاحتشاد وتوفر الإرادة، أصبحت مثل هذه الخطوات أقرب إلى التحقق. لتمثل ربطا لطرق التجارة البرية والبحرية.
مصر تعرف أن الاقتصاد يبنى بالتخطيط، وكل خطوة جرت خلال السنوات الأخيرة، تمثل قاعدة يمكن الاستناد عليها فى تخطيط المستقبل واستغلال الفرص.