بينما تعلو نبرة التهديدات فى إيران عقب اعلام الولايات المتحدة الأمريكية اعتزامها تصفير صادرات إيران بحلول الـ2 من مايو، يتخذ وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف المعروف بمهندس الصفقة النووية 2015 والرجل ذو النشأة الغربية والقريب من المسئولين الأمريكيين مسارا آخر فى التعامل على الإجراءات الأمريكية والحيلولة دون أثرها المدمر على بلاده.
من وسط نيويورك راح الوزير تارة يحذر ويهدد بخيارات منها الانسحاب من معاهدة للحد من انتشار الأسلحة النووية NPT ، وآخرى يلجأ لأحد جوانب السياسة الإيرانية، وهو الجانب البراجماتى الذى تلجأ إليه طهران فى بعض الأحيان لإدارة علاقاتها الخارجية وتعطى أولوية للمصالح على حساب المبادئ والتعاطى مع المستجدات، فعرض ظريف على إدارة ترامب صفقة تبادل سجناء ويمثل العرض إحدى المطالب الأمريكية الـ12 التى قدمها نظيره مايك بومبيو فى 21 مايو 2018 لطهران، لعل هذا العرض يجد آذانا صاغية بين الصقور الأمريكية أو المجموعة "ب" بحسب تعبير الوزير الإيرانى ومحاولة منه لفتح طريق جديد للتفاوض مع الولايات المتحدة بدلا عن ذلك الذى اغلقه الرئيس دونالد ترامب بانسحابه من الاتفاق النووى مايو2018.
Iran's Foreign Minister Zarif tells Chris a group of U.S. and Mideast officials are trying to drag the U.S. into conflict with Iran. Watch the full interview with Iranian Foreign Minister Mohammad Javad Zarif on Sunday.
— FoxNewsSunday (@FoxNewsSunday) April 26, 2019
Check your local lisitings, 2P/7P on @FoxNews pic.twitter.com/8hgVIanKWS
هل ستتغلب العقلية البراجماتية الإيرانية مجددا على الشعارات؟
هناك اتجاهان مختلفان فى طهران، الجميع يعلم أن تصفير صادرات طهران إلى الصفر يعنى حرمانها من الحصول على مبيعاته من العملة الصعبة، ويعنى أيضا تراجع الاحتياطى من الدولار، وتعريض العملة الإيرانية للسقوط لا محال وما ينبعه ذلك من غلاء معيشى والمزيد من التدهور الاقتصادى قد لا يتحمله الإيرانيون السنوات المقبلة، فما الحل؟.. برع الوزير جواد ظريف فى إدارة الملف النووى مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبأسلوب برجماتى أدار العلاقات مع واشنطن بعد تعيينه من قبل الرئيس الإيرانى حسن روحانى والذى ينظر إليه على أنه شخصية برجماتية محسوبة على الإصلاحيين عام 2013 لهذا الغرض.ظريف قال أن الرد جاء برسالة أحادية الجانب من المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الرهائن، روبرت براين، والأمريكيين دوما ينتظرون منا المبادرة، مشيرا إلى أنها لم تكن اقتراح وإنما جاء نصها: "نرجو إطلاق سراح السجناء".
محمدجواد #ظریف: در برنامههایم سفر به #روسیه و #کره_شمالی قرار دارد.#ایران انتخابهای متعددی دارد. مقامات کشور در حال بررسی آن هستند و خروج از NPT یکی از آنها است. pic.twitter.com/FLPXooXmii
— akram sharifi (@akramsharifi) April 28, 2019
الجميع يعلم فى طهران أيضا أن فاتورة تكلفة فض الصراع الأمريكى- الإيرانى اليوم أعلى بكثير قد تكلف طهران أحد "عواصمها" - بحسب تعبير المتشددين- أى مناطق نفوذها الاقليمى، أو برنامجها الصاروخى الذى تعتبره برنامجا دفاعيا فى المقام الأول، ورغم ذلك يرددون الشعارات والتهديدات، فالمرشد الأعلى آية الله على خامنئى، خرج على الشعب الإيرانى يحاول تهدئة المخاوف الشعبية الأسبوع الماضى، ليؤكد له أنه "سيصدر النفط بالقدر الذى تحتاجه طهران وأن جهود واشنطن ستبوء بالفشل" وفى الوقت نفسه أعاد على أسماع مسئوليه بأنه ينبغى على البلاد تقليل الاعتماد على النفط وخلق فرصة للاعتماد على القدرات الداخلية".
وكتبت صحيفة "أفتاب يزد" "ظريف بصلاحيات كاملة على الأراضى الأمريكية" ونقلت عن المحلل الإيرانى الشهير فريدون مجلسى الذى قال يبدو أن ظريف لديه صلاحيات خاصة ةقدم عرض تيادل السجناء بتعليمات من جهات عليا فى النظام، ورأى أنه حال حدوث ذلك ستخفف الضغوط الأمريكية فى المستقبل القريب، وإذا قبلت واشنطن عرض طهران، فانه يمكن أن يكون بداية لإمكانية التعامل مع طهران".
فيما تعلقت صحيفة "ابرار اقتصادى" بآمال اعادة الولايات المتحدة النظر فى قرار اعفاءات شراء النفط الإيرانى، وكتبت على صدر صفحتها نقلا عن اسوشيتدبرس "أمريكا ستبحث مجددا إعفاءات شراء النفط الإيرانى".
وتبحث الأوساط الصحفية لحلول لمأزق تصفير صادرات النفط، وكتبت صحيفة "جهان صنعت" مانشيت "روشتة انقاذ.. لابد من تغيير استراتيجية الحكومة للصادرات غي النفطية". وهى الدعوة نفسها التى دعا بها أية الله علم الهدى فى خطبة الجمعة أمس بخفض الاعتماد على النفط عبر ما أسماه بالاقتصاد المقاوم.
لكن الصحف المتشددة واصلت نهج حياك لمؤامرات والتهديد، وقالت أن مأمورية الأوروبيين الأن هى ممارسة الضغوط على البرنامج الصاروخى، واعتبرت صحيفة "عصر ايرانيان" أن الاتفاق النووى 2 هو مأمورية الأوروبيين الجديدة، فيما هددت صحيفة " كيهان" المتشددة والناطقة بلسان المرشد، بخيارات أخر تمتلكها طهران بخلاف ورقة غلق مضيق هرمز فى وجه ملاحة النفط، وامتدت التهديدات بإحداث خلل فى البنى التحتية للمؤسسات النفطية فى بلدان الخليج العربى عبر ما أسمته بالقوة السيبرانية الإيرانية.
فى النهاية يعلق الإيرانيون آمالهم على صفقة الوزير الموجود فى قلب نيويورك الأن، وللتهديدات أنصار أيضا فى الداخل الإيرانى ممن لا تعجبهم الجلوس على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، وبين هذا وذاك مازال ينتظر جواد ظريف رد فعل أمريكى جديد على عرضه، وفى طور إيجاد صيغة جديدة يدير بها ملف العلاقات مع واشنطن، وتجعله بمأمن من قرارات صقور الإدارة الأمريكية "الفرقة ب" ويؤكد فى الوقت نفسه للولايات المتحدة أن بلاده لديها "دكتوراة فى الالتفاف على العقوبات".. وكأنه يرغب أن يقول لرجل الصفقات الأمريكى الأفضل للجميع أن نتفاوض فأنا لدى الصلاحيات الكاملة" ستتضح الأيام المقبلة من إلى أى اتجاه سيذهب التوتر الأمريكى الإيرانى.