تحظى التجربة الصينية فى التنمية باهتمام بالغ من الدولة المصرية التى تعتبرها نموذجاً يحتذى به، وننظر لهذه التجربة بإعجاب، فقد كان نهوض الصين نتاجا لتوافر عوامل داخلية مواتية، وفى مقدمتها الاستقرار السياسى والحفاظ على خصوصية الثقافة، فليس معنى التقدم هو هدم ثقافتنا المحلية.
«التجربة الصينية» تعتبر واحدة من التجارب التى أدهشت العالم، حيث لفتت إنجازات التنمية المستدامة والمتسارعة خلال الأربعة عقود الماضية من تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح الكثير من العلماء والباحثين داخل وخارج الصين واتخاذها كنموذج للدراسة والمناقشة وتلخيص التنمية فى الصين.
وتعد «التجربة الصينية» التى قادها الزعيم الصينى دينج شياو بينج منذ عام 1978 واستمر على نهجه من جاء بعده، تجربة فريدة من نوعها وهى محط إعجاب العالم، واستطاعت هذه التجربة من خلال نجاحاتها أن ترتقى بالصين إلى مكانة متقدمة بين الدول على الصعيد العالمى.
تعتبر «التجربة الصينية» تجربة مرنة ومبتكرة مناسبة لظروف الصين المحلية، حيث يعتقد بعض الخبراء أن تجربة الصين فى التنمية تناسب ظروف الصين واحتياجاتها الاجتماعية، حيث تسعى لتحقيق العدالة ومزيج من النمو السريع فى تطوير تجربة مبتكرة، ويمكن تلخيص هذه التجربة على أنها تجربة ابتكار والعمل الجاد والمبادرة الجريئة والعزم فى الممارسة العملية وحماية سيادة الدولة ومصالحها، فنجد أن الابتكار والتجريب والمرونة فى التغيير هى روح هذه التجربة وأساس نجاحها.
وحققت «التجربة الصينية» تحولات كبيرة فى الاقتصاد الصينى، ولنا أن نستدل على نجاح هذه التجربة من خلال معدلات النمو الاقتصادى العالية المتحققة، والذى انعكس بشكل إيجابى فى ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى فى الصين، مما أدى بالنتيجة إلى تحسن ملحوظ فى مستوى دخل الفرد فى الصين، ومن نتائج هذه التجربة ارتفاع معدل الاستثمارات الأجنبية فى الصين، وكذلك زيادة مساهمة الصين فى حجم التجارة العالمية.
مبادرة «الحزام والطريق» التى أطلقها الرئيس الصينى «شى جين بينج» عام 2013 تهدف إلى إقامة شبكة للتجارة البينية والبنية التحتية لربط قارات آسيا وأوروبا بأفريقيا من خلال الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الحادى والعشرين، وتضم المبادرة حالياً أكثر من 71 دولة ومنطقة، وتم حتى الآن إنشاء 56 منطقة للتعاون الاقتصادى والتجارى فى 20 دولة على طول خط «الحزام والطريق».
الرئيس عبدالفتاح السيسى عبر عن ذلك خلال منتدى الحزام والطريق، حيث وجه رسالة للدولة الصينية لم يخف فيها إعجابه بالتجربة الصينية، وأكد حرص مصر على الاستفادة من التجربة الصينية التى حققت معجزة بجميع المقاييس خلال أربعين عامًا، لذلك تنظر مصر لهذه التجربة الصينية على أنها نموذج يحتذى به فى إطار السعى المصرى لتحقيق نهضة اقتصادية وتنموية شاملة على غرار النهضة الصينية، وتتطلع لتشجيع المزيد من الشركات الصينية على العمل والاستثمار فى مصر والمشاركة فى شتى المشروعات الجارى تنفيذها، خاصة فى ظل ما تحظى به المشروعات والاستثمارات الصينية القائمة من رعاية وحرص من الدولة المصرية على مساندتها.
والإعجاب متبادل، فالصين أيضا عبرت عن إعجابها بالتجربة المصرية فى الإصلاح التى يقودها الرئيس السيسى، وكانت مظاهر الترحيب وحفاوة الاستقبال واضحة منذ اللحظات الأولى لوصول السيسى للصين، ليس هذا فقط بل جلس الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الصف الأول ضمن رؤساء دول العالم، وكان ترتيبه الثالث فى إلقاء كلمات الرؤساء، بعد كلمة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والرئيس الكازاخستانى نور سلطان نظرباييف.
ودعا مقدم المؤتمر الرئيس السيسى لإلقاء كلمته، قائلًا: «نرحب ترحيبا حارا بالرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، وندعوه لإلقاء كلمة».
وبعدما ألقى الرئيس السيسى كلمته، أثنى مقدم المؤتمر على الجهد المصرى فى مبادرة الحزام والطريق، مؤكدا أن مصر لديها مكانة مهمة فى العالم العربى والأفريقى، وقال: «مصر قوة مهمة فى بناء الحزام والطريق ويدعم ويساهم الجانب المصرى بنشاط فى بناء الحزام والطريق ويمكن للجانبين تنفيذ تعاون متبادل ومنافع»، أيضا الإعلام الصينى تناول نشاط الرئيس بكل ود وحب ليس للرئيس فحسب بل للثقافة والحضارة المصرية بشكل عام على اعتبار أننا شركاء حتى فى قِدم حضارتينا.
البنك الدولى أكد على أن مبادرة الحزام والطريق تعد خطوة طموحة لتعزيز التعاون الإقليمى والربط بين القارات وأن مجموعة البنك الدولى تلتزم بنحو 80 مليار دولار أمريكى للبنية التحتية فى دول الحزام والطريق، فضلاً عن أن المبادرة من شأنها أن تزيد الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 3.4٪ لدول المبادرة وبنسبة 2.9% للعالم، كما ستقلل المبادرة من تكاليف التجارة العالمية بنسبة من 1.1 ٪ إلى 2.2 ٪، وأخيراً من المتوقع- وفقاً للبنك الدولى- أن تؤدى استثمارات الحزام والطريق إلى انتشال 34 مليون شخص من براثن الفقر، منهم 29.4 مليون شخص من دول المبادرة.
وعلى الصعيد الاقتصادى أوضحت إنفوجرافات المركز الإعلامى لمجلس الوزراء أن الصين تعد الشريك التجارى الأول لمصر على مستوى الدول، حيث اتفق البلدان على شراكة استراتيجية شاملة عام 2014، وتعد مصر رابع أكبر شريك تجارى للصين فى القارة الأفريقية، وبلغ عدد الشركات الصينية المستثمرة فى مصر 1668 شركة.
كما يأتى مشروع إنشاء القمر الصناعى مصر سات 2 لتطبيقات الاستشعار عن بُعد، ضمن المشروعات المشتركة بين البلدين والذى يهدف إلى نقل التكنولوجيا الصينية فى مجال الأقمار الصناعية لخدمة أغراض المشروعات البحثية، بجانب إنشاء وكالة الفضاء المصرية والتى ستجعل من مصر مركزاً إقليمياً وعربياً، فضلاً عن تدريب عدد من الكوادر المصرية فى الصين على تقنيات الاستشعار عن بعد.
تلك التجربة التى يراها المصريون الأقرب للتنفيذ فى مصر نظرا لتقارب السمات الثقافية والحضارية، وأيضا تقريبا نفس الظروف والمشكلات الاقتصادية، وفى نفس الوقت مدت الصين يدها للشراكة مع مصر وأفريقيا من باب المنافع المشتركة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة