كل سنة والأيتام فى كل العالم مطمئنو القلب، واثقون فى أنفسهم وفى العالم وفى مستقبلهم، آخذون بأحلامهم إلى التحقق، وحاصلون على حقهم من الرعاية والاهتمام.
بالطبع لا يمكن إنكار أن كثيرًا من أبنائنا الأيتام فى مصر يلقون نوعًا من الرعاية، خاصة أن الدينين الإسلامى والمسيحى يحثان على ذلك ويدعوان إليه بشكل مباشر، كذلك لأن الريف فى مصر لا يزال يحتفظ بالكثير من قيمه الإنسانية وروابط الدم التى تدفع أبناء العائلة الواحدة، فى معظم الأحيان، للحرص على رعاية أبناء إخوانهم اليتامى.
ومع ذلك فإن التعاطف وحده لا يكفى، والرغبة فى الاهتمام بالشكل الفردى ليس محققة لنجاح ملحوظ، لأن هناك أبناء يتامى ليس لهم فى الدنيا أحد سوى الله، لذا وجب وجود المؤسسات لرعاية الأيتام الذين لا عم يراعى الله فيهم ولا قريب يحن قلبه عليهم، ووجب فى هذه المؤسسات أن تكون «حازمة وحنونة» فى الوقت نفسه، والحمد لله فى مصر كثير من هذه المؤسسات، ونتمنى من الله أن تكون جيدة بصورة كافية، وأن تكون وزارة التضامن الاجتماعى قائمة بدورها فى هذا الشأن.
ولقد جعلنا من شهر إبريل فرصة لإلقاء الضوء على أبنائنا الأيتام، وذلك شيء طيب، يجب تنميته ليصبح تأثيره ممتدا بطول السنة، ومؤخرا قرأت تجربة أشارت إليها الدكتورة إقبال العثيمين على صفحتها الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعى، مفادها أنه «فى كندا تم دمج دار لرعاية المسنين مع دار للأيتام، وكانت النتيجة أفضل كثير من المتوقع، أصبح لكبار السن أحفادا، ولم يشعروا بالوحدة أبدا، أما الأيتام فأحسوا بأن كبار السن أجدادهم الحقيقيين وألفوهم وتعلموا منهم».. فلماذا لا نكرر التجربة فى مصر، لأننى عندما قرأت ما كتبته الدكتورة إقبال العثيمين، شعرت أن هذه التجربة لو طبقت فى مصر سوف تحقق نجاحا أكبر، بسبب الطبيعة العاطفية التى هى جزء من الشخصية المصرية، خاصة مع كبار السن الذين لا يذهب معظمهم إلى دور المسنين إلا بسبب إهمال الأبناء لهم، وبالتالى يكونون يائسين وحزانى، ووجود أطفال صغار معهم سوف يمنحهم القدرة على مقاومة هذه المشاعر الصعبة، سوف يعطى حياتهم معنى، وفى المقابل فإن الأطفال الصغار لن يشعروا بأنهم «مقطوعون من شجرة» كما نقول فى المثل الشعبى، بل هناك شعور أبوى يراقبهم ويمد يده إليهم.
نعم هذه التجربة تستحق، وأتمنى لو يلتفت إليها المسؤولون.