محمد مرعى

واشنطن والقاهرة.. علاقة استراتيجية لا تمنع الاختلاف

الجمعة، 05 أبريل 2019 01:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الوقت للآخر تخرج علينا بعض التحليلات تحاول رسم شكلا خياليا للعلاقة بين القاهرة وواشنطن، ودائما ما تسعى هذه التحليلات بخبث شديد إلى تصدير فكرة أن سياسة القاهرة تدور كليا فى فلك السياسة الأمريكية، وهذا واقعيا غير صحيح، فالعلاقات الاستراتيجية المبنية على المصالح المشتركة بين دولتين لا تعنى بالضرورة توافق الرؤى والسياسات فى كل القضايا والملفات، فكل طرف يسعى جاهدا لتحقيق مصالحه من شراكته مع الطرف الآخر وفقا لأدوات القوة والتأثير لديه.
 
شراكة مصر والولايات المتحدة الأمريكية وحرصهما على زيادة التعاون، لم تمنع القاهرة من التمسك بمواقفها الثابتة تجاه القضايا العربية، من رفضها القاطع فى ديسمبر 2017 لقرار إدارة ترامب الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، أو رفض قرارها الأخير فى مارس الماضى حول الاعتراف الأمريكى بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السورية، واعتبار هذه الخطوات مخالفة لكل قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ولها آثار كارثية على الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم، ويقوض أى مساعى لتحقيق سلام حقيقى بين العرب وإسرائيل.
 
الولايات المتحدة الأمريكية يهمها بالتأكيد الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع دولة بحجم مصر، ومصر كذلك يهمها تعميق وتفعيل هذه العلاقة والشراكة الاستراتيجية معها وفقا للمصالح العليا للدولة المصرية ووفقا لاعتبارات الأمن القومى المصرى، لكن ثمة تحولات كبيرة فى السياسة الخارجية المصرية منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى قيادة مصر فى 2014، وهو نجاحه فى تحرير سياسات مصر الخارجية من التبعية لأى قوة دولية كما كان يحدث سابقا، وتحقيق نجاحات على الأرض من خلق توازنات فى العلاقة مع مختلف القوى الدولية الكبرى، وهو ما جعل كل القوى الدولية تتنافس على تحسين وتقوية شراكتها مع مصر، فالحرص على شراكة استراتيجية مع واشنطن، لم يمنع القاهرة فى عمل شراكة استراتيجية مع روسيا والصين والاتحاد الأوروبى، وهى سياسة وضعت المصالح المصرية والتحديات التى تواجها مصر كدافع رئيسى وأولى لبناء هذه الشراكات على كافة المستويات سواء كانت العسكرية أو الاقتصادية أو الأمنية وغيرها.
 
خلال أيام سيزور الرئيس السيسى واشنطن بناء على دعوة تلقاها من نظيره الأمريكى دونالد ترامب كتأكيد على الشراكة الاستراتيجية المصرية الأمريكية، وبلا شك القضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب والأزمة الليبية والسورية واليمنية ستكون على رأس جدول المباحثات بين ترامب والسيسى، وهذا اللقاء سيكون السابع الذى يجمع الرئيسين، والزيارة تأتى فى إطار الحيوية التى تشهدها العلاقات بين البلدين منذ صعود ترامب للسلطة، بعد سنوات من حالة الشد والجذب خلال حقبة باراك أوباما، كما أنها تأتى فى ظل وضع إقليمى شرق أوسطى متأزم فى العديد من الملفات، خاصة وأن السياسات الأمريكية كانت سببا رئيسيا فى خلق الأوضاع السيئة التى نشهدها فى الإقليم، وهو ما اعترفت به إدارة ترامب على لسان مايك بومبيو وزير الخارجية فى كلمته بالجامعة الأمريكية بالقاهرة  فى يناير الماضا.
 
أمريكا تعى أن مصر ستظل تلعب الدور الأهم والمحورى فى تحقيق الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط، دولة هى الأكبر فى المنطقة فى عدد السكان، دولة تمتلك جيش من أكبر جيوش المنطقة والمصنف الـ12 على العالم، دولة تمتلك أهم ممر مائى فى العالم وهو قناة السويس، دولة حافظت على اتفاقية سلام لأكثر من 40 عاما مع أهم حلفاء أميركا فى العالم وهى إسرائيل، دولة تمتلك من أدوات القوة الناعمة والثقل المعنوى والسياسى والتأثير الدينى والثقافى على العالم العربى والإسلامى.
 
السيسى فى لقائه المرتقب مع ترامب أو مع مراكز صنع القرار والمجتمع المدنى فى أمريكا، سيحمل معه تطلعات المصريين حول زيادة حجم التعاون الاقتصادى والعسكرى والاستخباراتى والعلمى والأمنى مع واشنطن ودعمها الحيوى للرؤية والجهود المصرية لمكافحة الإرهاب والتطرف فى المنطقة، خاصة مع الخطر الداهم الذى لا يزال تمثله تيارات الإسلام السياسى والمجموعات المتطرفة التى تصر دول إقليمية على دعمها.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة