ليس ببعيد عنا ما حدث فى تاريخنا الحديث بعد ثورة يوليو، وكيف استنتج المصريون أن البريطانيين لن يسلمونا قناة السويس، خاصة أنهم قرروا توسعتها وعمل تجديدات بها، ومن هنا فهم المصريون المثل الصعيدى الذى يقول: «اللى يصلح بيته مش ناوى على بيعه».
شرفت بحضور افتتاح أنفاق سيناء التى افتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسى، تلك الأنفاق التى كانت حلمًا وأصبحت حقيقة ملموسة.
الخبير المشرف على المشروع المهندس هانى عازر كشف عن سر من أسرار تفاوض وكيفية إدارة الرئيس لمثل هذه المشروعات، وهو أن الرئيس السيسى اشترط على مدير الشركة المنتجة للحفار المستخدم تدريب المهندسين المصريين، ووافق مدير الشركة فى الحال، وانطلق الشباب وتعلموا تفكيك الماكينة وتشغيلها، مشيرا إلى أن الحفار المستخدم فى أنفاق سيناء عبارة عن عمارة ارتفاعها 5 طوابق.
كنا نشعر بالفخر ونحن نخطو كل خطوة بأرض الفيروز وشعرنا بالبهجة كالأطفال مع كل افتتاح يتم، فالمشروع يعتبر من أضخم وأكبر أنفاق السيارات فى العالم، فالقطر الداخلى للنفق يبلغ 11.5 متر، بحارتى مرور تستوعبان جميع سيارات النقل الثقيل الحالية والمستقبلية، كما تعد أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد من أضخم مشروعات الأنفاق فى العالم، ملحمة هندسية نفذتها الشركات المصرية الكبرى بسواعد 3 آلاف مصرى تمكنت من صناعة معجزة علمية وهندسية من خلال حفر أنفاق بطول 6 كيلو مترات تحت الأرض بعمق 70 م تحت الماء، ويوجد حارتان داخل كل نفق، وجميع الأنفاق مراقبة بالرادارات، وتستطيع من خلالها العبور لسيناء فى أقل من 20 دقيقة، كل هذا تم تنفيذه فى وقت قياسى، لم يتجاوز 3 سنوات، رغم أن المتعارف عليه عالميا أن تنفيذ الأنفاق يستغرق من 5-7 سنوات.
وقال الرئيس السيسى خلال افتتاحه الأنفاق: «إن سيناء اتبذل فيها جهد وينفق عليها إنفاقًا غير مسبوق»، ليعلن الرئيس بذلك تدشين تنمية سيناء الحبيبة التى تحوى الثروات الهائلة المتنوعة من مناجم ورخام، إلى الزراعة والسياحة التى ينعكس ازدهارها على جميع المصريين.
هدف هذه الأنفاق هو تنمية سيناء، التى أصبحت هدفًا قوميا منذ اللحظة الأولى التى تولى فيها الرئيس المسؤولية واتخذ قرار تنمية كل شبر فى سيناء، وأنه لن يتركها فريسة للإرهاب، وتصدر ملف تنمية سيناء أولوية قصوى فى الأجندة الاقتصادية للقيادة السياسية المصرية، على اعتبار ما تمثله سيناء من أهمية استراتيجية من الناحية الأمنية والسياسية والاقتصادية لمصر، فحجم المشروعات فى سيناء حتى عام 2022 يتكلف 275 مليار جنيه وقد تزيد التكلفة عن ذلك.
الدولة المصرية أدركت أن تنمية سيناء اقتصاديا بمثابة الحل الأسرع للقضاء على كل مشاكل الأمن ومواجهة الإرهاب بالبناء والتعمير، وليس فقط بالمواجهة العسكرية، ومن هنا، كانت نقطة الانطلاق الحقيقية فى مسيرة ربط سيناء بقلب مصر والوادى والدلتا بشبكة طرق وأنفاق تسهّل من عملية التنمية، وما شاهدناه من افتتاح للعديد من المشروعات الخدمية التى تنبت كشجرة خضراء وسط صحراء قاحلة، وعلى بعد خطوات من أنفاق بورسعيد سيكون هناك 9 أرصفة تابعة لميناء بحرى بمحور تنمية قناة السويس، ومنطقة صناعية تشارك فيها دول كثيرة فضلا عن الإسماعيلية الجديدة التى مررنا عليها فكانت لوحة عبقرية من الطراز المعمارى، والتى أكد الرئيس أن من يحصل على سكن فيها لا بد أن يستقر بها ولا يحصل عليها لأولاده، وأكد أن الدولة المصرية كما بنت له حتما ستبنى لأولادنا وأحفادنا.
وبنفس منطق المثل الصعيدى الذى بدأنا به المقال «اللى يصلح بيته مش ناوى على بيعه» تكذّب الدولة المصرية كل الشائعات الخاصة بصفقة القرن من خلال التنازل عن أى حبة رمل مروية بدم الشهداء المصريين عبر تاريخ طويل من الدفاع عن الأرض والعرض فى هذه البقعة، وكيف لمختل أن يتخيل أن مصر ستوافق على هذا الجنون؟ فلسان حال كل مصرى يقول: أبدًا لن نتخلى عن علامة النصر.