اعتذار عائض القرنى عن دعمه جماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية الأخرى يمكن قبوله باعتبار أن الله سبحانه وتعالى يقبل توبة عباده الخطائين، وأن البشر يجب أن يعتبروا ويتدبروا ويتفكروا فى معنى الآية التى كثيرا ما يرددونها «ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم» النحل 60، لكننا ونحن نقبل توبة عائض القرنى عن دعمه الإرهاب والإرهابيين والترويج لأفكارهم يجب أن نتوقف طويلا أمام مغزى هذا الاعتذار الآن وما يشير إليه وما يكشف عنه، كما يجب أن نتوقف مليا أمام ما لم يعتذر عنه عائض القرنى وأشباهه من مشايخ التطرف الذين أداروا أكبر حقبة من التخلف والتجهيل فى عالمنا العربى والإسلامى خلال أكثر من نصف قرن.
اعتذار عائض القرنى فى ذاته بداية ومؤشر لإنهاء الكيانات المعروفة بجماعات الإسلام السياسى، وهى تكوينات بدائية شديدة التخلف تم تأسيسها ودعمها وتمويلها من خلال أجهزة استخبارات دولية بقصد واضح، وهو نشر التخلف فى المجتمعات العربية الإسلامية وقطع تيار التحديث والمدنية الذى انطلق بالتوازى مع الحركات التحررية فى منتصف القرن الماضى، ونجح هذا التيار المتخلف فى التغلغل داخل المجتمعات العربية بعد النكسة الكبرى وانهيار الحلم فى 1967، واستطاع المشايخ أن يدمروا المفهوم التنويرى الذى تراكم فى النصف الأول من القرن العشرين وتجريف العقول ووجدان المواطنين العرب ليحاربوا حربا مستحيلة باستعادة أمجاد الحضارة الإسلامية الأولى بأدوات بدائية لم تعد صالحة للحظة الراهنة ودون إدراك الهوة الكبيرة بينهم وبين المجتمعات المتقدمة.
ما لم يعتذر عنه عائض القرنى وأشباهه من مشايخ التطرف والإرهاب سواء كانوا آمنين فى بلادهم أو هاربين بجرائمهم فى الملاذات الآمنة، أنه نشر وباء شديد الخطورة دون أن يمتلك المصل المضاد له، فكيف يمكن للقرنى مثلا أن يعيد ترتيب وتنظيف العقول التى أفسدها؟ وكيف له أنم يعيد مئات الآلاف من المنحرفين فكريا إلى لحظتهم المدنية الراهنة؟ وكيف له أن يساعد فى تدمير الأساس الفكرى واللوجيستى والتنظيمى لتيار الصحوة الذى دعمه من قبل؟ بل ويواجه سمومه التى مازالت تنتشر ليس فى الجسد السعودى فقط بل فى الجسد العربى كله؟
ما لم يعتذر عنه عائض القرنى وأشباهه من مشايخ التطرف، أنهم حولوا مسار أربعة أجيال على الأقل لتفكير ورؤوسها إلى الوراء وعيونها متعلقة بماض غابر وأفكارها لا تراهن على المستقبل ولا ترى أى غضاضة فى عيشها عالة على الشعوب المتحضرة المنتجة المفكرة المبدعة.
ما لم يعتذر عنه عائض القرنى وأشباهه، أن المشروع التدميرى بنشر التخلف والجهل والبدائية والعنف فى البلاد العربية الإسلامية، انكشف الآن ومن وراؤه من أجهزة غربية وذيول إقليمية يمثلون الاستعمار الجديد الذى يسعى للسيطرة على الثروات العربية لأمد طويل بالقوة تارة أو بالمعرفة والتقنيات الحديثة والتكنولوجيا تارة أخرى.
لكن الدرس المستفاد من اعتذار عائض القرنى، أن علينا الضرب بأيد من حديد على كل الجماعات والحركات المتخلفة البائدة التى تحاول الوصاية على المجتمع بالتدين الزائف والتطرف المنكر والغلو المرفوض، وحتى لو كان من بين هذه التجمعات والجماعات أحزاب مشهرة وجمعيات أهلية تخضع لوزارة التضامن الاجتماعى، هذه الكيانات كلها يجب أن تكون إلى زوال وانحلال، وأن كل من يتحدى سلطة دولة القانون أو يرفض الانصياع لها أو الالتزام بأصولها المرعية، فهو عدو للمجتمع والشعب وينبغى مساءلته أمام القضاء، وعلى دراويش الأحزاب الدينية والغرف السياسية الملحقة بالجماعات الإرهابية أن يعلنوا التوبة، وأن يندرجوا فى المجتمع وأن يعملوا على التكفير عن خطاياهم السابقة بالكدح لبناء الدولة والحفاظ عليها مما تواجهه من مخاطر وتحديات.
عدد الردود 0
بواسطة:
العربى
الدين منكم براء
فعلا ... كيف نقبل توبة الشيخ دون أن يصلح ما أفسده هو وزمرته من مشايخ هذه الأيام وعلى مدار 55 عاما من تزييف الوعى العربى وإمتداده إلى دولا كثيرة غير عربية كالباكستان وأفغانستان وبنجلاديش وإندونيسيا حتى وأنها لا تتكلم أو تقرأ اللغة العربية فهم لا يقرأون القرأن الكريم ولكن يتم تلقينهم على أيدى هؤلاء المشايخ فيزرعون فى عقولهم ما أرادوا من سموم مكلفين من أسيادهم فى الغرب !!!!!