في حياة الشعوب نقاط مضيئة، يرتكز عليها تاريخها، وتعتبر وقودًا لأجيالها، ومفخرة يتباهى بها أبناؤها، ويرفعون قاماتهم بين الأمم، ومصر حباها الله بالكثير والكثير من الانتصارات التي تلمع في سجل التاريخ، وتمتلك في ديوان المفاخر عددًا هائلاً من الصفحات منذ تبوئها على قمة العالم القديم وحتى وقتنا الحالي.
ويعتبر انتصار العاشر من رمضان 1393 هجرية، الموافق السادس من أكتوبر 1973، من الأيام العظيمة في تاريخ مصر، شعبها وجيشها، حيث كان النصر المصري حاسمًا، وقطع أذنابًا وأذرعًا وأرجلاً دنست أرضنا المباركة، وطهرت أرض سيناء الحبيبة من محتل أخذنا على غرة في حرب 1967مستفيدًا بدعم دول غربية طامعة وناقمة على مصر، وفى حين كانت هزيمة 67 في 6 أيام، جاء نصر أكتوبر في 6 ساعات ليضع أنف المحتل الإسرائيلي وكرامته في تراب أرض سيناء، ولولا الجسر الجوى الأمريكي الذي أمد إسرائيل بالعتاد والسلاح المتقدم بعد أن سمع العالم كله صراخ جولدا مائير ونحيبها ورعبها من مصر وجيشها، ما كانت لتقوم للكيان الصهيوني قائمة، خاصة بعد أن أعطى أبطال الجيش المصري درسًا للجيش الإسرائيلي في الشجاعة والإقدام وفنون القتال، هذا النصر الذي أوقف أطماع الدول الغربية وذراعها الإسرائيلية ووضع حدًا لمخططهم الدنيء في تفتيت المنطقة العربية وتحويلها إلى دويلات صغيرة، والسيطرة على خيراتها خاصة البترول والثروة المعدنية، فجاء الانتصار المصري القوى ليلقى بتلك المخططات إلى سلة مهملة التاريخ، ويؤكد للجميع أن مصر ستبقى دائمًا الدرع الحامية لعروبتها وأشقائها.
المؤرخون دائمًا ما يقفون وهم حيارى أمام نصر العاشر من رمضان، الموافق السادس من أكتوبر، حيث إن هذا النصر قلب موازين النظريات العسكرية رأسًا على عقب، فالمعطيات والمؤشرات كانت تؤكد استحالة إقدام الجيش المصري على العبور، حيث يوجد أمامه 3 عوائق كل منها يحول دون وصول أي جيش إلى هدفه، وهم المانع المائي المتمثل في قناة السويس، والتي زادت صعوبتها بعد أن وضع فيها المحتل الإسرائيلي خطًا لأنابيب النابالم الحارقة بطول القناة، والثانى خط بارليف الذي تكلف إنشاؤه 300 مليون دولار وهو رقم كبير جدًا وقتها، لبناء عدد من الحصون والطرق والمنشآت الدفاعية امتدت إلى أكثر من 160 كم على طول الشاطئ الشرقي للقناة من بور فؤاد شمالاً إلى رأس مسلة على خليج السويس واحتوت على نظام من الملاجئ المحصنة والموانع القوية وحقول الألغام المضادة للأفراد والدبابات، والمانع الثالث، وجود ساتر ترابي يتراوح ارتفاعه بين 10 م إلى 25 م، صُمّم ليمنع العبور بالمركبات البرمائية بفضل ميله الحاد.
هذه المستحيلات الثلاثة في النظريات العسكرية، تكسرت وتحطمت تحت أقدام الجندي المصري، الذي يمتلك شجاعة وعزما وإرادة حديدية، لا يؤمن فقط سوى بتقديم روحه فداء لتراب بلده، فقدم الجيش المصري ملحمة كبيرة في نصر العاشر من رمضان، وأبهر العالم كله الذي رفع القبعة للجيش المصري المقدام، الذي خاض كافة الصعوبات ليأخذ بثأره ويحرر بلده من المغتصب ويعيد كرامته، ويثبت للعالم أجمع أن الجيش المصري لا يقهر، فتحية واجبة للجيش المصري العظيم، وتحية لكل جندي وضابط وقائد في يوم النصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة