سواء كان البغدادى فى ليبيا أو سوريا أو العراق أو أفغانستان أو كشمير، فإن وضع داعش فى ليبيا يمثل واحدة من أهم أوراق الصراع، ليس فى ليبيا وحدها، وإنما فى كل الدول التى تواجد فيها داعش ونجح فى الإعلان عن نفسه بشكل دعائى.
تظل ليبيا آخر معقل لداعش، والملجأ الأخير طالما ظلت مقسمة بين ميليشيات، وهو ما يجعل معركة الجيش الوطنى الليبى صعبة، حيث تخوض داعش وميليشيات الإخوان وتنظيمات متطرفة أخرى الحرب بجانب السراج لضمان استمرار الانفصال والتفكك وبعض الفوضى فى مناطق متفرقة من ليبيا تسمح بحرية حركة لهذه التنظيمات الإرهابية، التى تجد فى ليبيا طوال سبع سنوات مكانا مناسبا للنمو والتوسع. لدرجة أن داعش كان ينظم استعراضات عسكرية علنا فى مناطق أعلن سيطرته عليها.
وهناك تقارير تشير إلى أن داعش يتمدد جنوب ليبيا، وتقاتل ميليشياته ضد الجيش الوطنى الليبيى، فضلا عن أن التنظيم أعاد تأسيس معقل له فى الفقهاء، وهى مدينة كانت الجماعة المتطرفة متمركزة فيها، وفى آخر ظهور له أعلن أبوبكر البغدادى تأسيس فروع جديدة للجماعة فى مالى وبوركينا فاسو، وهو ما قد يعنى محاولة التمدد إلى غرب أفريقيا، حيث تزدهر عمليات تجارة البشر وتجارات غير مشروعة وتستغل الضعف السياسى فى تشاد والنيجر، لكن تقارير عسكرية واستخبارية فى ليبيا ترى أن هناك مبالغة فى قوة وعدد أفراد داعش فى ليبيا، وتقول إن «داعش» عمد إلى نشر صور وفيديوهات لعناصره من زوايا مختلفة، ليوهم بأنه لايزال قويا، بالرغم من أنه متهالك وضعيف، وكشفت الهزائم التى تلقاها فى سوريا والعراق عن الحالة التليفزيونية للتنظيم، حيث يبدو أقوى بسبب الدعاية.
وقد أعلنت غرفة عمليات صبراتة التابعة للقيادة العامة للجيش الليبى مؤخرا، مقتل الإرهابى صفوان عبدالحميد جابر، أحد أبرز عناصر داعش المطلوبين فى ليبيا، خلال قصف جوّى استهدف مقر كتيبة الفاروق الداعشية، بمدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس، وهو أحد أخطر عناصر داعش المدربّة، وأن تصفية هذا الإرهابى تكشف عن وجود علاقة مباشرة بين داعش والميليشيات المسلحة، وتعاون واضح بينهما، خاصة أن داعش نفذ هجوما على مركز تدريب تابع لـ«الجيش الوطنى» شمال شرقى مدينة سبها بالجنوب، وهو ما دفع اللواء أحمد المسمارى، المتحدث باسم «الجيش الوطنى»، إلى اتهام فايز السراج باحتواء «الإرهابيين والميليشيات المسلحة».
وهناك بالفعل رهان من السراح ،على أن داعش والميليشيات المختلفة تخوض معركة تعلم أنها حاسمة، وفى نفس الوقت تدعم تركيا وقطر الميليشيات فى ليبيا ومنها داعش، رهانا على أنها يمكن أن تصمد لفترة، وتضمن وجوده باعتبار داعش اعتادت خوض الحروب بالوكالة من سنوات فى ليبيا والعراق، لصالح تركيا وقطر وبمعرفة أجهزة الاستخبارات الغربية الكبرى التى أعلنت دعمها للجيش السورى الحر قبل أن يختفى هذا الجيش، وتتسرب الأسلحة ٌلى الميليشيات فى سوريا لتبقى حربا مستمرة لأكثر من خمس سنوات.
وتعد ليبيا آخر المعاقل التى يراهن داعش على إمكانية انتزاع جزء من أراضيها لإقامة خلافته المزعومة، وقد ساعدت تركيا وقطر فى إنقاذ ونقل مقاتلى داعش من سوريا والعراق إلى ليبيا، بل إن أنقرة والدوحة تساندان السراج وميليشيات الحرب بالوكالة فى طرابلس فى مواجهة الجيش الليبي، حيث يمثل داعش ورقة من أوراق اللعب فى ليبيا، وربما تكون الورقة الأخيرة.